
طنجة: محمد أبطاش
تحوّل سد الزياتن التلي، بضواحي مدينة طنجة، من مشروع بيئي يفترض أن يُعزز الموارد المائية، إلى قنبلة بيئية موقوتة تهدد صحة المواطنين وسلامة المحيط، بفعل تراكم عصارة مياه الصرف الصحي، واختلاطها بمياه الأمطار الأخيرة، في غياب أي تدخل فعّال من الجهات المسؤولة، ناهيك عن رصد عدد كبير من الأطفال الذين يلعبون بجواره، مما يشكل تهديدًا خطيرًا لحياة هؤلاء القاصرين.
وذكرت مصادر مطلعة أن الوضع البيئي بمحيط السد بلغ مستويات خطيرة، بعدما باتت روائح كريهة تنبعث من المستنقع الذي تشكل جراء التسرب المتواصل لمياه “الواد الحار”، مشيرة إلى أن المكان لم يعد يُحتمل، خصوصًا مع احتشاد كميات من النفايات الصلبة والمياه الآسنة على جنبات السد وفي محيطه، ما يُنذر بكارثة صحية وبيئية وشيكة، في حال استمرار صمت السلطات.
وأشارت المصادر نفسها إلى أن هذا التدهور البيئي لا يقتصر على المساس بجمالية الحي الذي يقع بجواره ونظافته، بل يشكل خطرًا مباشرًا على حياة السكان، لا سيما الأطفال الذين شوهدوا يلعبون في محيط السد، غير مدركين لحجم الخطر المحدق بهم، وسط غياب فضاءات ترفيهية آمنة، كما رُصدت قطعان من الأغنام وهي ترعى وسط النفايات والروائح الكريهة، ما يفتح الباب أيضًا على تهديد سلامة السلسلة الغذائية في المنطقة.
ونبّهت المصادر ذاتها إلى أن هذا الوضع يزداد تعقيدًا مع تكرار تساقط الأمطار، حيث تتحول العصارة الملوثة إلى سيول تجرف معها الأوحال والملوثات في اتجاه المساكن المجاورة، مما يرفع من احتمالية انتشار الأمراض المنقولة عبر المياه والتربة. وقد أكدت فعاليات جمعوية أن ساكنة الزياتن سبق أن رفعت عدة شكايات ومراسلات إلى الجهات المختصة، دون أن تتلقى أي تجاوب عملي، في ظل تكرار الوعود التي لم تجد طريقها إلى التنفيذ.
ويُشار إلى أن سد الزياتن يقع على مقربة من مؤسسات تعليمية ورياضية حساسة، ما يزيد من تعقيد الوضع، في وقت يُفترض أن تكون هذه المناطق خاضعة لمراقبة بيئية صارمة، حفاظًا على السلامة العامة. إلا أن الواقع يكشف عن مفارقة مؤلمة، إذ إن هذا الفضاء الذي كان من الممكن أن يتحول إلى متنفس بيئي وثقافي، أُهمل ليصير مصدر تهديد.
وتوجهت فعاليات بتقارير مطولة إلى ولاية جهة طنجة، وعمالة طنجة أصيلة، وجماعة طنجة، وبقية المتدخلين، من أجل احتواء الوضع عبر خطة استعجالية، تشمل إصلاح شبكات الصرف، وتنظيف محيط السد، ومنع تكرار تسرب المياه العادمة، مع التفكير في إعادة تأهيل المنطقة بما يليق بكرامة السكان ويواكب طموحات المدينة التي تستعد لاستقبال تظاهرات عالمية بحجم مونديال 2030.





