شوف تشوف

الرئيسيةالملف السياسيسياسية

قوانين عالقة بالبرلمان مقترحات ترفضها الحكومة ومشاريع محتجزة دون مصادقة

افتتح البرلمان بمجلسيه، النواب والمستشارين، يوم الجمعة الماضي، دورته الثانية من السنة الثالثة للولاية التشريعية الحادية عشرة، في ظل استحقاقات رقابية وتشريعية عنوانها الأبرز تقديم الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة وإخراج نصوص تشريعية على قدر كبير من الأهمية إلى حيز الوجود، وهناك شبه إجماع على “هزالة” الحصيلة التشريعية للبرلمان بغرفتيه، وذلك مقارنة مع العدد الكبير من القوانين، التي تنتظر مختلف مكونات الشعب المغربي إخراجها إلى الوجود، وتبرر الفرق البرلمانية ضعف الأداء التشريعي للبرلمان، بهيمنة الحكومة على العمل التشريعي، لكن هذا، لا يبرر أداء الفرق البرلمانية في أخذ المبادرة التشريعية، وفق الصلاحيات التي خولها لها الدستور الجديد، وأبانت الحصيلة التشريعية عن هيمنة الحكومة على جل الإنتاج التشريعي، حيث يكون مصدر أغلب النصوص القانونية المصادق عليها، هو الحكومة، في حين توجد في رفوف اللجان البرلمانية الدائمة، العديد من مقترحات القوانين، يصل مجموعها حوالي 300 مقترح قانون، بعضها مرت عليه سنوات دون أن يدخل إلى المسطرة التشريعية للمصادقة عليه، ومنها قوانين مثيرة للجدل، ما جعل بعضها يدخل طي النسيان.

مقالات ذات صلة

 

إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي 

 

تجميد قانون شراء العقوبات الحبسية بمجلس المستشارين

 

قررت لجنة العدل والتشريع بمجلس المستشارين «تجميد» قانون العقوبات البديلة، الذي وضعه عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، وصادق عليه مجلس النواب، وبالتي سينضاف إلى قوانين أخرى تم إقبارها بالغرفة الثانية.

وأفادت المصادر بأن اللجنة البرلمانية قررت تأجيل دراسة هذا القانون المثير للجدل إلى أجل غير مسمى، وذلك بناء على طلبات تقدم بها رؤساء فرق الأغلبية المساندة للحكومة.

وأحال رئيس مجلس المستشارين المشروع على اللجنة، بعد المصادقة عليه بمجلس النواب بالأغلبية، خلال جلسة تشريعية عقدها المجلس في نهاية شهر أكتوبر الماضي، وذلك بعد إدخال تعديلات على المشروع من طرف لجنة العدل والتشريع، ومنها التعديل المثير للجدل المتعلق بشراء العقوبات الحبسية.

وكانت لجنة العدل والتشريع قد صادقت على تعديل تقدمت به فرق الأغلبية، ينص على إضافة عقوبة «الغرامة اليومية» إلى كل من عقوبة العمل لأجل المنفعة العامة، المراقبة الإلكترونية، وتقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية»، وذلك بغية مواجهة معضلة اكتظاظ السجون.

وحدد التعديل مبلغ الغرامة اليومية في 100 درهم كحد أدنى و2000 درهم كحد أقصى، تحدده المحكمة عن كل يوم من المدة الحبسية المحكوم بها، مقيدا الحكم بهذه العقوبة بالإدلاء بما يفيد وجود صلح أو تنازل صادر عن الضحية، أو قيام المحكوم عليه بتعويض أو إصلاح الأضرار الناتجة عن الجريمة. وتراعي المحكمة في تحديد غرامة هذه العقوبة البديلة عن العقوبة السالبة للحرية، الإمكانيات المادية للمحكوم عليه وتحملاته المالية، وخطورة الجريمة المرتكبة والضرر المترتب عليها.

كما حظي بالموافقة، التعديل المرتبط برفع عدد ساعات «العمل لأجل المنفعة العامة»، موازاة مع كل يوم من مدة العقوبة الحبسية للشخص المحكوم بها من ساعتين من العمل إلى ثلاث ساعات، على أساس أن يكون هذا العمل غير مؤدى عنه وينجز لمدة تتراوح بين 40 و3600 ساعة لفائدة مصالح الدولة أو الجماعات الترابية أو مؤسسات أو هيئات حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة أو المؤسسات العمومية أو المؤسسات الخيرية أو دور العبادة أوغيرها من المؤسسات أو الجمعيات أو المنظمات غير الحكومية العاملة لفائدة الصالح العام.

وأوضحت المذكرة التقديمية للمشروع أنه يأتي لمواكبة التطورات التي يشهدها العالم في مجال الحريات والحقوق العامة، من خلال فرض بدائل للعقوبات السالبة للحرية القصيرة المدة والحد من آثارها السلبية، وفتح المجال للمستفيدين منها من الاندماج داخل المجتمع والتأهيل من جهة، ومن جهة أخرى المساهمة في الحد من مشكل الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية وترشيد التكاليف، وما يشجع على هذا التوجه، تضيف المذكرة، المعطيات الإحصائية المسجلة بخصوص الساكنة السجنية والتي تفيد بأن ما يقارب نصفها محكوم عليهم بأقل من سنة، حيث شكلت هذه العقوبات سنة 2020 نسبة 44.97 في المائة.

وعرف المشروع العقوبات البديلة بالعقوبات التي يحكم بها بديلا للعقوبات السالبة للحرية في الجنح التي لا تتجاوز العقوبة المحكوم بها خمس سنوات سجنا نافذا، وتخول للمحكوم عليه تنفيذ بعض الالتزامات المفروضة عليه مقابل حريته وفق شروط محكمة، وتم إقرار مجموعة من العقوبات البديلة، بعد الاطلاع على العديد من التجارب المقارنة، ومراعاة خصوصية المجتمع المغربي، لكي تكون ناجعة وقابلة للتنفيذ وتحقق الغاية المتوخاة منها، وتم استثناء الجرائم التي لا يحكم فيها بالعقوبات البديلة، نظرا إلى خطورتها، وأخذا بعين الاعتبار حالات العود التي لا يتحقق فيها الردع المطلوب.

وحسب المذكرة، تعتبر عقوبة العمل لأجل المنفعة العامة، أحد أهم البدائل التي تبنتها السياسات العقابية المعاصرة كبديل عن العقوبات السالبة للحرية خاصة القصيرة المدة، وهي العقوبة التي تصدرها جهة قضائية مختصة تتمثل في قيام الجاني بعمل يعود بالفائدة على المجتمع، تكفيرا عن الخطأ الذي صدر عنه دون أن يتقاضى أجرا على ذلك العمل، ولقد اشترط المشروع في العمل بهذا البديل بلوغ المحكوم عليه من 15 سنة كأدنى حد من وقت صدور الحكم، وأن لا تتجاوز العقوبة المنطوق بها خمس سنوات سجنا نافذا. كما اعتبر العمل المحكوم به لأجل المنفعة العامة عملا غير مؤدى عنه، وينجز لفائدة مصالح الدولة أو مؤسسات أو هيئات حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة أو المؤسسات العمومية أو المؤسسات الخيرية أو دور العبادة أو غيرها من المؤسسات أو الجمعيات أو المنظمات غير الحكومية العاملة لفائدة الصالح العام لمدة تتراوح بين 40 و1000 ساعة، كما خص المحكمة بتحديد ساعات العمل لأجل المنفعة العامة. أما بالنسبة إلى الأحداث فإن العمل لأجل المنفعة العامة لا يُعْمَلُ به في حالة الأشخاص الذين هم دون 15 سنة، لكن في حالة ما إذا قررت المحكمة الحكم بعقوبة حبسية وفقا للمادة 482 من قانون المسطرة الجنائية، يمكن للحدث أن يستبدلها بعقوبة العمل لأجل المنفعة العامة.

تعتبر المراقبة الإلكترونية من الوسائل المستحدثة في السياسة العقابية، ومن أهم ما أفرزه التقدم التكنولوجي والذي انعكس بدوره على السياسة العقابية في معظم الأنظمة العقابية المعاصرة التي أخذت به، وأشارت المذكرة إلى أن تطبيق نظام المراقبة الإلكترونية يعلق قدرا كبيرا من التوازن بين حقوق وحريات الأفراد والمصلحة العامة، المتمثلة في سعي الدولة إلى زجر مرتكب الجريمة.

وأوضحت المذكرة التقديمية للمشروع أن نظام المراقبة الإلكترونية هو أحد أهم بدائل العقوبات السالبة للحرية، ومن شأنه تجنب مساوىء العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة، ويترتب على هذا النظام إطلاق سراح المحكوم عليه في الوسط الحر، مع إخضاعه لعدد من الالتزامات ومراقبته عن بعد، ويتحقق ذلك فنيا عن طريق ارتداء المحكوم عليه قيدا إلكترونيا يوضع بمعصم المعني بالأمر أو ساقه أو على جزء آخر من جسده، بشكل يسمح برصد تحركاته داخل الحدود الترابية المحددة له.

وتتجلى العقوبة البديلة الثالثة في تقييد بعض الحقوق وفرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية، اشترط المشروع للعمل بهذا البديل في الحالات التي لا تتجاوز مدة العقوبة السالبة للحرية المحكوم بها خمس سنوات، حيث ينص على أنه يمكن للمحكمة أن تحكم بالعقوبة المقيدة لبعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية، بديلا للعقوبات السالبة للحرية، وينص المشروع على اختبار المحكوم عليه والتأكد من استعداده لتقويم سلوكه واستجابته لإعادة الإدماج.

احتجاز قانوني الإضراب والنقابات بمجلس النواب منذ سنة 2016

 

 

من أبرز مشاريع القوانين التي ما زالت محتجزة بمجلس النواب، نجد مشروعي قانوني الإضراب والنقابات، اللذين أحالتهما حكومة بنكيران على البرلمان في سنة 2016، وتزامن ذلك مع نهاية ولايتها. ومنذ ذلك التاريخ لم تشرع اللجنة البرلمانية في مناقشة ودراسة هذين المشروعين رغم أهميتهما في الوقت الراهن، كما طالبت المركزيات النقابية بسحبهما من البرلمان لإعادة التفاوض بشأنهما.

ويعتبر مشروع القانون المتعلق بتنظيم الإضراب من أهم القوانين التي نص عليها الدستور، والتي طال أمد انتظار إخراجها. ويظل الهدف الأساسي من المشروع واضحا يتمثل في تنظيم ممارسة هذا الحق الدستوري بما يضمن تأطير وتحسين العلاقات المهنية ويضمن ممارسة حق الإضراب، ويكفل التوازن بين مصالح الأفراد والجماعات والتوفيق بين الحقوق والواجبات التي تعتبر أهم مقومات دولة الحق والقانون.

وينص الدستور، في فصله التاسع والعشرين، على أن «حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، وتأسيس الجمعيات، والانتماء النقابي والسياسي مضمونة. ويحدد القانون شروط ممارسة هذه الحريات. حق الإضراب مضمون. ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته»، ولذلك فإن تحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب بموجب قانون تنظيمي يكسبه أهمية كبيرة نظرا لكون القوانين التنظيمية تأتي في المرتبة الثانية بعد الدستور.

ووضعت الحكومة قيودا عديدة على ممارسة الإضراب، حيث يوجب مشروع القانون، حسب المادة السابعة، إجراء مفاوضات بشأن الملف المطلبي للعمّال قبل الدعوة إلى الإضراب، وذلك قصد البحث عن حلول، ويضيف أنه في حالة تعذر المفاوضات أو فشلها يتعين بذل جميع المساعي اللازمة لمحاولة التصالح بين الطرفين.

وينص المشروع، كذلك، على ضرورة اتخاذ قرار الإضراب من قبل الجمع العام للأجراء، يحضره ثلاثة أرباع أجراء المقاولة أو المؤسسة، والذي يجب أن تدعو إليه الجهة الداعية إلى الإضراب خلال 15 يوما على الأقل من التاريخ المزمع عقد الجمع العام فيه، وكذا تبليغ المشغل عن مكان انعقاده قبل 7 أيام، مع اشتراط الحصول على موافقة أغلبية العمال قبل خوضه، وبلوغ نوع من النصاب القانوني قبل الشروع في الدعوة للإضراب، ولابد من الإخطار بقرار الإضراب بمهلة لا تقل عن 10 أيام، مع ضرورة تحديد دواعيه ومكانه وشكله، والكشف عن أسماء المندوبين الداعين إليه في حال عدم وجود نقابة بالمؤسسة.

ويعتبر مشروع القانون المشاركين في الإضراب بالمادة 14 من المشروع في حال توقف مؤقت عن العمل خلال مدة إضرابهم، ولا يمكنهم الاستفادة من الأجر عن المدة المذكورة. ويلزم النص الجهة الداعية للإضراب بإبلاغ رب المقاولة أو المشغل والسلطات المسؤولة ومديرية التشغيل بقرار الإضراب قبل 15 يوما على الأقل من التاريخ المقرر لخوضه، مع تخفيض هذه المدة إلى 5 أيام في حال ما إذا كان الأمر يتعلق بعدم أداء المشغل لأجور العاملين أو وجود خطر يتهدد صحتهم وسلامتهم، ويمنع، حسب المادة 23، بعد إنهاء الإضراب أو إلغائه بمقتضى اتفاق بين الأطراف المعنية؛ اتخاذ قرار إضراب جديد دفاعا عن المطالب نفسها، إلا بعد مرور سنة على الأقل.

أما في حالة الإضراب فيمنع على المضربين، حسب المادة 13، عرقلة حرية العمل خلال مدة سريان الإضراب، ويمنع عليهم احتلال أماكن العمل أو مداخلها أو الطرق المؤدية إليها، وحسب المادة 26 فيمكن لصاحب العمل حال ممارسة الإضراب خلافا لأحكام هذا القانون أن يطالب بالتعويض عن الخسائر والأضرار التي لحقت بالمقاولة. ويمنع النص الأجراء من خوض إضراب للدفاع عن المطالب التي تمت الاستجابة لها لمدة تناهز السنة. وفي ما يتعلق بالقطاع العام، يلزم النص الجديد الجهة الداعية إلى الإضراب بإخطار قبلي لا يتعدى سبعة أيام. ويتضمن القانون سلسلة من المواد التي أدرجت عقوبات مادية وأخرى سالبة للحرية لكل من أخل بهذه البنود، ولم يتقيد بإجراءاتها التفصيلية، بالإضافة لتطبيق العقوبات التأديبية.

وتواجه الحكومة الحالية، كذلك، مهمة صعبة في إخراج القانون التنظيمي للنقابات، الذي سيضبط الحقل النقابي، وذلك بعدما عجزت الحكومتان السابقتان عن تمرير هذا القانون، ويرفض الكتاب العامون للمركزيات النقابية إدراج هذه النقطة في جدول أعمال الحوار الاجتماعي، بعدما تقدموا سابقا بطلب لمنحهم مهلة لتقديم ملاحظاتهم ومقترحاتهم بخصوص هذا القانون، وذلك من أجل ربح المزيد من الوقت إلى حين نهاية الولاية الحكومية الحالية.

وينص الفصل 8 من الدستور على وضع القانون المتعلق بالنقابات على غرار قانون الأحزاب، يحدد القواعد المتعلقة بتأسيس المنظمات النقابية وأنشطتها، وكذا معايير تخويلها الدعم المالي للدولة، وكيفيات مراقبة تمويلها، وأوضحت أن هذا الفصل، بالإضافة إلى تأسيسه للخطوط العريضة للحرية والمطابقة والدمقرطة، يحيل، كذلك، على القانون الذي سينظم القواعد المنظمة لتأسيس المنظمات النقابية ومعايير تحويل الدعم المالي للدولة ومراقبة هذه النقابات، وبالتالي فإن دستور 2011، حدد الخطوط العريضة لهذا القانون ومن ثمة فالحكومة ملزمة بتسريع إخراج قانون النقابات إلى حيز الوجود. إضافة إلى ذلك فإن الدستور تضمن مقتضيات، ضمن الفصل 9، تحدد الضمانات القضائية المتعلقة بالحل أو التوقيف، وهذا الفصل جاء لإعطاء ضمانات للمنظمات النقابية لممارسة أنشطتها بطريقة سليمة، كما أن الفصل 29 من الدستور أسس لمجموعة من المبادئ المرتبطة بالانتماء النقابي.

وفشلت الحكومتان السابقتان في إخراج قانون يهم تنظيم الحياة النقابية وتعزيز الحكامة التنظيمية داخل الجسم النقابي المغربي، وكذلك تعزيز الرقابة المالية من خلال فتح المجال أمام آليات الافتحاص المالي للمركزيات النقابية من طرف قضاة المجلس الأعلى للحسابات على غرار الأحزاب السياسية التي تقدم حساباتها السنوية إلى المجلس، ومازال مشروع القانون محتجزا بمجلس النواب منذ ست سنوات، دون المصادقة عليه.

ويحدد مشروع القانون المعروض على البرلمان مدة ولاية زعماء النقابات، ويتضمن مقتضيات تهم على الخصوص «كيفية اختيار مرشحي النقابة أو المنظمة الذين سيكلفون بمهام الإدارة والتسيير في مختلف الأجهزة»، و«مدة ولاية الأعضاء المكلفين بالإدارة والتسيير داخل الأجهزة»، و«شروط الانخراط وإقالة واستقالة الأعضاء» إلى جانب «أحكام تكفل ضمان تمثيلية النساء والشباب في الأجهزة المكلفة بإدارة وتسيير النقابة»، و«الجهاز المكلف بمراقبة مالية النقابة أو المنظمة»، كما أكد على ضرورة احترام مواعد انعقاد المؤتمرات الوطنية والجهوية والمحلية، مشترطا أن «لا تتجاوز أربع سنوات»، ليردف أن «الفترة الفاصلة بين المؤتمرات العادية لنقابات العمال أو للمنظمات المهنية للمشغلين لا يجب أن تتجاوز المدة المنصوص عليها في النظام الأساسي في ما يتعلق بولاية الأعضاء المكلفين بإدارة وتسيير هيكل النقابة أو المنظمة على جميع المستويات.»، كما أن النقابات أو المنظمات المهنية مطالبة بـ«احترام تجديد هياكلها داخل الآجال المقررة في أنظمتها الأساسية تحت طائلة اعتبارها في وضعية غير قانونية وانعدام الأثر القانوني لأي تصرف صادر عنها قبل تسوية وضعيتها».

وينص مشروع القانون، في المادة 100، على أن تمسك «المنظمات النقابية والمهنية للمشغلين نظاما محاسبيا سنويا»، وبأن «تحتفظ بجميع الوثائق المثبتة لمحاسبة المنظمة لمدة عشر سنوات تبتدئ من التاريخ الذي تحمله هذه الوثائق»، ويلزم القانون النقابات والمنظمات المهنية للمشغلين بصرف الدعم المالي السنوي الممنوح لها «في الأغراض التي منح لأجلها»، معتبرا أن «كل استخدام كلي أو جزئي للدعم المالي الممنوح من طرف الدولة لأغراض غير التي منح لأجلها يعد اختلاسا للمال العام يعاقب عليه طبقا للقانون». وأكد المشروع على أن المجلس الأعلى للحسابات هو المؤسسة المخول لها «مراقبة صرف الدعم السنوي الذي تستفيد منه المنظمات النقابية الأكثر تمثيلا على الصعيد الوطني».

300 مقترح قانون معروضة على اللجان البرلمانية بدون مصادقة

 

يشرع البرلمان بمجلسيه، النواب والمستشارين، في دورته الثانية من السنة الثالثة للولاية التشريعية الحادية عشرة، في ظل استحقاقات رقابية وتشريعية عنوانها الأبرز تقديم الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة وإخراج نصوص تشريعية على قدر كبير من الأهمية إلى حيز الوجود. وتعد هذه الدورة البرلمانية، أيضا، محطة لتجديد هياكل مجلس النواب وانتخاب رئيس المجلس لما تبقى من الولاية البرلمانية (2021- 2026) طبقا لمقتضيات النظام الداخلي للمجلس التي تنص على أنه «ينتخب رئيس المجلس في مستهل الفترة النيابية، ثم في سنتها الثالثة عند دورة أبريل لما تبقى من الفترة المذكورة، تطبيقا لأحكام الفصل الثاني والستين من الدستور».

وهناك إجماع من طرف أغلب الفرق البرلمانية على «هزالة» الحصيلة التشريعية للبرلمان بغرفتيه، وذلك مقارنة مع العدد الكبير من القوانين التي ينتظر العديد من مكونات الشعب المغربي، إخراجها إلى الوجود، ورغم أن الفرق البرلمانية تبرر ضعف الأداء التشريعي للبرلمان، بهيمنة الحكومة على العمل التشريعي، فهذا لا يبرر أداء الفرق البرلمانية في أخذ المبادرة التشريعية، وفق الصلاحيات التي خولها لها الدستور الجديد.

وأبانت الحصيلة التشريعية عن هيمنة الحكومة على جل الإنتاج التشريعي، حيث يكون مصدر أغلب النصوص القانونية المصادق عليها، هو الحكومة، في حين توجد في رفوف اللجان البرلمانية الدائمة، العديد من مقترحات القوانين، يصل مجموعها حوالي 300 مقترح قانون، بعضها مرت عليه سنوات دون أن تدخل إلى المسطرة التشريعية للمصادقة عليها، ومنها قوانين مثيرة للجدل، ما جعل بعضها تدخل طي النسيان.

ومن بين الانتقادات الموجهة إلى فرق المعارضة البرلمانية، في مجال التشريع، أنها لم تقدر على وضع مقترح قانون تنظيمي يحدد كيفية ممارسة الحقوق التي منحها لها الدستور بموجب الفصل العاشر، وترى فرق الأغلبية أن المعارضة تنتظر من الحكومة وضع قانون يحدد للمعارضة كيف تعارضها.

وتمر عملية التشريع التي تنتج القوانين تحت قبة البرلمان بعدة مراحل، قبل الوصول إلى تطبيق هذه القوانين بعد نشرها بالجريدة الرسمية. فطبقا للنظام الداخلي الجديد لمجلس النواب، تودع بمكتب المجلس مشاريع القوانين المقدمة من لدن الحكومة أو المحالة من مجلس المستشارين للمصادقة، ومقترحات القوانين ومقترحات القوانين التنظيمية المقدمة من لدن النواب أو المحالة من مجلس المستشارين للمصادقة، ويأمر مكتب المجلس بتوزيعها على النواب. ويحيل رئيس المجلس مقترحات القوانين المقدمة من لدن النواب إلى الحكومة، في أجل 20 يوما قبل إحالتها على اللجان الدائمة المختصة، وإذا انصرم الأجل، يمكن للجنة الدائمة المختصة برمجة دراستها للمقترح، ويحيط رئيس المجلس الحكومة علما بتاريخ وساعة المناقشة في اللجنة، ويتعين على اللجان النظر في النصوص المعروضة عليها في أجل أقصاه 60 يوما، من تاريخ الإحالة، لتكون جاهزة لعرضها على الجلسة العامة للمناقشة والتصويت.

ويتكلف رئيس المجلس بإحالة كل مشروع قانون تم إيداعه أو مقترح قانون تم إيداعه لدى مكتب المجلس على اللجنة الدائمة المختصة، وتبرمج مكاتب اللجان دراسة مشاريع ومقترحات القوانين المعروضة عليها في ظرف أسبوع من تاريخ الإحالة عليها، وتنظر اللجان في النصوص المعروضة عليها، أولا، بتقديم النص من طرف ممثل الحكومة بالنسبة لمشروع القانون، أو من طرف واضع مقترح القانون، ثم يتم الشروع في المناقشة العامة للنص. وبعد انتهاء المناقشة العامة، يحدد مكتب اللجنة موعد جلسة لتقديم التعديلات كتابة، وتجتمع اللجنة بعد 24 ساعة للنظر في التعديلات بعد مناقشتها، ثم بعد ذلك يتم التصويت على كل تعديل، قبل التصويت على النص التشريعي برمته.

وتضع الأجندة الرقابية والتشريعية الحافلة للدورة الربيعية للبرلمان، التي تكتنفها رهانات اجتماعية واقتصادية وسياسية عديدة، المؤسسة التشريعية في قلب النقاش العمومي، وهو ما يستدعي من مكوناتها توظيف كافة الآليات المتاحة لهم على المستويين التشريعي والرقابي، بهدف إخراج النصوص القانونية المتسقة وطبيعة المرحلة الراهنة والمستجيبة للتحديات المطروحة، كما يمثل الاستحقاق الرقابي والتقييمي الهام، المتمثل في تقديم الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة أمام البرلمان طبقا لمقتضيات الفصل 101 من الدستور، لحظة سياسية ودستورية رفيعة وتمرينا ديمقراطيا وتواصليا يعكس نضج الممارسة البرلمانية المغربية والتفاعل البناء بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، فضلا عن كونه فرصة لإطلاع الرأي العام الوطني على المنجز الحكومي ومدى وفاء الحكومة بتعهداتها المتضمنة في برنامجها الحكومي باعتباره أساسا تعاقديا مع المواطنين.

وفي هذا السياق، أعلنت هيئة رئاسة الأغلبية الحكومية، في بلاغ أصدرته قبيل افتتاح الدورة الربيعية، أنها تعتزم إطلاق نقاش عمومي حول الحصيلة الحكومية سواء داخل مؤسسة البرلمان أو في وسائل الإعلام والفضاء العمومي بشكل عام، معتبرة أنها «حصيلة إيجابية تترجم الإرادة السياسية القوية للحكومة في أجرأة الإصلاحات الاقتصادية، وتثبيت ركائز الدولة الاجتماعية، وتعكس الوفاء بالالتزامات الواردة في البرنامج الحكومي»، مشيدة بـ«روح الانسجام والتعاون الذي يطبع علاقة الحكومة بفرق الأغلبية البرلمانية، وبالأدوار الكبرى التي تقوم بها هذه الفرق على مستوى التشريع ومراقبة العمل الحكومي، وكذا على مستوى الدبلوماسية البرلمانية»، مؤكدة على ضرورة مواصلة تقوية روح التضامن والتعاون والتعاضد بينهما، في إطار من التكامل وإحكام التنسيق، بالإضافة لمواصلة الإنصات للمعارضة والتفاعل مع مكوناتها.

في الشق التشريعي، تحفل «دورة أبريل» بنصوص ذات أولوية، ستحظى لا محالة بنقاش مجتمعي واسع، وعلى رأسها تلك المتعلقة بإصلاح مدونة الأسرة والقوانين المرتبطة بمنظومة العدالة، ومشروع القانون التنظيمي المحدد لشروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب. ولعل من التحديات التي تواجهها الأغلبية البرلمانية تلك المرتبطة أساسا بتدبير الملف الاجتماعي والقدرة الشرائية وتمويل كافة المشاريع الاجتماعية والأوراش المهيكلة المتعلقة بالماء والفلاحة، وهي رهانات تسائل البرلمان والحكومة على حد سواء، بالإضافة إلى تحد يطرح باستمرار على المؤسسة التشريعية، وهو المتعلق بتدبير الزمن البرلماني بما يعزز أداء الوظيفة التي يضطلع بها البرلمان، والتحكم الجيد في الزمن التشريعي مسألة مطلوبة بالنظر لأهمية عدد من النصوص ذات الأولوية.

عتيق السعيد *أستاذ القانون العام والعلوم السياسية بجامعة القاضي عياض مراكش- محلل سياسي

 «إقرار مدونة للأخلاقيات وتكثيف الدبلوماسية البرلمانية أبرز رهانات الدورة الثانية»

 

ما هو السياق العام للدورة البرلمانية الحالية؟

تأتي الدورة الثانية من السنة التشريعية في سياق الرسالة السامية التي وجهها جلالة الملك إلى المشاركين في الندوة الوطنية المخلدة للذكرى الستين لإحداث البرلمان المغربي، وهو حدث يخلد تذكير الأجيال الحالية والصاعدة بالمسار الديمقراطي والمؤسساتي الوطني، وبما راكمه من إصلاحات في إطار التوافق الوطني والوقوف على ما أنجزته بلادنا في مجال العمل البرلماني، وعلى مكانة السلطة التشريعية في مسار الإصلاحات المؤسساتية والسياسية والتنموية، التي عرفها المغرب طيلة هذه الفترة، كما يساهم في استشراف مستقبل النموذج السياسي المغربي، في أفق ترسيخ أسس الديمقراطية التمثيلية، وتكريس مبدأ فصل السلط، تعزيزا لتقاليدنا المؤسساتية الضاربة جذورها في العمق الحضاري.

ويشهد المغرب بقيادة جلالة الملك محمد السادس سلسلة من الأوراش الاجتماعية بأبعاد شاملة تكاملية، ضمن مرحلة تقويمية تدعم تعزيز المجال الاجتماعي والاقتصادي، مرفقة بحزمة من المشاريع القانونية والمؤسساتية، رهان برلماني كبير يستلزم أجرأتها وتنفيذها.

الدورة الثانية من السنة التشريعية أمام سياق زمني محاط بالكثير من الرهانات الداخلية والخارجية، دفعت إلى بروز متغيرات اقتصادية واجتماعية تستدعي قيام المؤسسة البرلمانية بأدوارها، ليس فقط في جوانبها التشريعية والرقابية والدبلوماسية، وإنما أن تعكس مخرجاتها في المقام الأول القيمة الحقيقية للديمقراطية التمثيلية التي تمثلها لدى جميع مكونات الأمة، وبالتالي الحرص على أن تبقى المؤسسة البرلمانية فاعلا أساسيا في عملية التنمية من خلال تجويد وتسريع الإنتاج التشريعي للقوانين ومراقبة العمل الحكومي وتقييم السياسات العمومية، وهي كلها آليات تتطلب على الخصوص الحرص على الجدية والتفاني في العمل خدمة لقضايا المجتمع.

إذا كانت بلادنا بفضل جهود جلالة الملك الحثيثة قد تمكنت من الوصول في مسارها التنموي إلى درجة كبيرة من التقدم والنضج المشهود له، فإنها اليوم في حاجة ماسة إلى تطوير الأداء البرلماني للارتقاء بالعمل البرلماني، بما يساهم في فتح آفاق أوسع من الإصلاحات والمشاريع الكبرى التي ينتظرها المغاربة، وبالتالي يتحتم على الجميع أغلبية ومعارضة التعامل بمسؤولة على استكمال الولاية التشريعية، من خلال تبني تفعيل الرسالة الملكية السامية بمناسبة الذكرى الستين لإحداث البرلمان المغربي، التي دعت الى ترسيخ دولة الحق والمؤسسات، على أساس فصل السلط وربط المسؤولية بالمحاسبة، ما يستلزم التحلي بروح الالتزام المسؤول وبخصال الصدق والتفاني في العمل البرلماني، والتجاوب التلقائي مع الاحتياجات الداخلية من جهة، ومن جهة ثانية تعزيز الموقع الخارجي للمغرب والدفاع عن مصالحه العليا.

 

ماهي أهم الملفات المطروحة على الأجندة التشريعية للبرلمان؟

المؤسسة التشريعية ظلت دائما في صلب الإصلاحات المهيكلة بالدولة مساهمة في الإنتاج التشريعي، حيث كانت السلطة التشريعية في صلب هذه الإصلاحات، إذ توسعت اختصاصاتها بشكل كبير، إلى جانب تعزيز استقلال السلطتين التنفيذية والقضائية. وبالرجوع إلى أهم الأجندة المطروحة أمام المؤسسة البرلمانية، إقرار مدونة للأخلاقيات في المؤسسة التشريعية من خلال وضع إطار قانوني يعمل في إطار التعديلات التي ستدخل على النظام الداخلي للغرفة، تساهم في تخليق الحياة البرلمانية، والعمل على ضبط العمل البرلماني في سياق محاربة الفساد عبر منع البرلمانيين المتابعين قضائيا من ترؤس اللجان والمناصب الدبلوماسية البرلمانية، بالإضافة الى دورها الهام في ضمان تحقيق الانسجام بين ممارسة الديمقراطية التمثيلية والتشاركية، فضلا عن تجويد أداء النخب البرلمانية، وتمكين ولوج أكثر للنساء والشباب إلى المؤسسات التمثيلية.

ترتسم الدورة التشريعية على العديد من الرهانات المطروحة على المؤسسة التشريعية، التي ينبغي على جميع ممثلي الأمة بالمؤسسة البرلمانية العمل عليها عن كثب، بغية القيام بالمهام الدقيقة للمجال التشريعي، خصوصا للجيل الجديد من الإصلاحات الاجتماعية التي ستنخرط فيها بلادنا في الفترة المقبلة.

لقد شكلت ممارسة البرلمان للدبلوماسية البرلمانية أهمية كبرى في الدفاع عن المصالح والقضايا العادلة لبلادنا، وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية، والتعريف بالإصلاحات والأوراش التي يشهدها المغرب، وبالتالي الأداء الدبلوماسي للبرلمان يتطلب مواصلة الدفاع عن القضايا الوطنية كأولوية كبرى باعتبارها قضية كل المغاربة وجوهر الوحدة الوطنية للمملكة، تستند على توجيهات جلالة الملك المتبصرة، والتي ما فتئ جلالته يؤكد من خلالها على أهمية العمل الجاد والدؤوب لمؤسسة البرلمان، من أجل التعريف أكثر بعدالة قضية الصحراء المغربية، وبمبادرة الحكم الذاتي، وتقريب المواقف من خلال الانفتاح على مختلف البرلمانات الإقليمية/المغاربية والدولية، وأن تعمل على تنسيق التعاون المشترك معها، سيما أن البرلمان أصبح له كل الضمانات الدستورية والآليات المؤسساتية والقانونية، التي تمكنه من أن يكون أكثر تفاعلا مع مجريات الأحداث الإقليمية بما يخدم المصالح الوطنية.

البرلمان مطالب بالمزيد من العمل على تقوية الدبلوماسية البرلمانية، من خلال المشاركة النوعية والمؤثرة في مؤتمرات ومنتديات المنظمات متعددة الأطراف، والقدرة استنادا على تشبيك العلاقات الفاعلة والمحفزة على تبادل روابط الثقة والمصداقية، وأيضا عبر المعاينات الميدانية وتحقيق آليات الإقناع من خلال الأنشطة البرلمانية المتنوعة؛ المؤتمرات والملتقيات الدولية، وعبر تبادل للوفود بين مختلف برلمانات العالم، على أن تتبوأ المؤسسة البرلمانية موقعها المهم في ريادة دبلوماسية التأثير التي تضمن خلق جسور التواصل، لبناء علاقات قوية وواعدة قادرة على التفاعل الآني والاستشرافي مع مختلف قضايا محيطها الدولي التي تهم وتتقاطع في الوقت ذاته مع القضايا الوطنية. وبالتالي لا بد وأن يكثف حضور البرلمان بشكل قوي في صلب النقاشات مع مختلف الوفود البرلمانية، سواء داخل المغرب أو خارجه، بما يقتضيه من تعزيز إمكانات التصدي للأطراف المعادية لبلادنا أمام المؤسسات الدولية.

 

ما هي آفاق العمل البرلماني والرهانات الموضوعة على عاتق البرلمان؟

في سياق الحديث عن الآفاق والرهانات، لا بد من الإشارة الى أن المؤسسة التشريعية قد حققت العديد من المكتسبات التي أكدتها الرسالة السامية الموجهة إلى المشاركين في الندوة الوطنية المخلدة للذكرى الستين لإحداث البرلمان المغربي، حيث إن بلادنا كانت سباقة إلى دسترة الديمقراطية التشاركية والمواطنة، وأدوار المجتمع المدني، وحق المواطنات والمواطنين في تقديم ملتمسات في مجال التشريع، وعرائض للسلطات العمومية، مما من شأنه إغناء العمل البرلماني. بالإضافة إلى أنها حرصت على تبني المقاربة التشاركية كمنهج أساس في بلورة الإصلاحات الكبرى، التي شهدتها في عدة محطات فاصلة في تاريخها الحافل بالمنجزات والتطورات الإيجابية.

الدورة التشريعية أمام رهانات قوامها تحقيق التنمية الاجتماعية وتحصين المكتسبات الوطنية، وبالتالي فإن البرلمان استشعارا منه لدقة المرحلة والرهانات والتحديات التي تحملها، عليه أيضا مضاعفة الجهود ومواصلة التوسع على نظرائه بدول العالم، من أجل تحقيق دبلوماسية برلمانية مبادرة ويقظة ومتعددة الأبعاد تتميز بالتكامل والتناسق مع الدبلوماسية الملكية التي تشكل أساس دينامية المواقف الواضحة لجميع الفاعلين، أيضا في انسجام مع الأدوار الدستورية الموكلة إليه، وترجمة الطموحات في أن يكون فاعلا محوريا ضمن المنظومة الدبلوماسية.

محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام

«البرلمان أمام رهان سن منظومة قانونية لمكافحة الفساد والرشوة ونهب المال العام»

 

 

تزامنا مع افتتاح الدورة البرلمانية الثانية، جدد محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، دعوته من أجل محاسبة المتورطين في الفساد من برلمانيين وسياسيين، وتجميد عضوياتهم، وكذا تخليق الحياة العامة، لافتا إلى أن هذه الدورة تنعقد في ظرفية وسياق خاص، من أبرز ما طبعها متابعة 30 برلمانيا قضائيا بتهم مشينة تتعلق باختلاس وتبديد أموال عمومية وهي سابقة في تاريخ البرلمان المغربي ومنهم من فتحت ضده مسطرة غسل الأموال، وتم حجز ممتلكاته وأمواله.

وهنا يطرح سؤال، حسب الغلوسي «حول ما إذا كان ما تبقى من البرلمانيين سيجعل من هذا الواقع المخجل أرضية للانكباب بجدية على سن منظومة قانونية لمكافحة الفساد والرشوة ونهب المال العام، وفي مقدمتها تجريم الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح، أم أنهم سيقفزون على هذا الواقع كأنه يعني بلدا آخر وسيستمرون في التطبيع مع الفساد والريع وحماية لصوص المال العام؟».

ومما اتسمت به الوضعية كذلك، يضيف رئيس الجمعية، تفكيك شبكات خطيرة متورطة في جرائم الفساد والرشوة والتزوير في مختلف المجالات وضمنها ما سمي شبكة «إسكوبار الصحراء» التي تورط فيها قياديان حزبيان يتوليان تسيير جماعات ترابية مهمة.

وسجل الغلوسي تورط بعض القيادات الحزبية في فضيحة أخلاقية وقانونية وسياسية تتعلق بتبديد واختلاس المال العام من خلال رفض إرجاع ما تبقى من أموال الدعم العمومي أو تقديم وثائق ومستندات غير قانونية لتبرير صرف هذا الدعم، ناهيك عن فضيحة ما سمي زورا بصفقات الدراسات والأبحاث التي ظلت سرية لحدود الآن وهو ما شكل موضوع شكايتنا في الجمعية المغربية لحماية المال العام المرفوعة إلى رئيس النيابة العامة والذي نجدد له بالمناسبة طلبنا بإحالتها على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية.

كما توقف الغلوسي عند متابعة بعض القيادات الحزبية على خلفية جرائم الفساد ونهب المال العام واستمرارها في تحمل المسؤوليات العمومية رغم ذلك وتمثيل البرلمان في أنشطة رسمية داخلية أو خارجية رغم الحديث عن مدونة الأخلاقيات التي تحاول الأحزاب المناورة من أجل إفراغها من محتواها لتبقى شكلية دون أي تأثير،هذا مع استمرار صرف الأجور والتعويضات للمتهمين ضدا على القواعد الأخلاقية والقانونية المنظمة لعمل ونشاط المرافق العمومية والعمل السياسي.

ولفت المتحدث إلى «استمرار بعض الأحزاب في معاكسة توجه الدولة المعبر عنه رسميا، وعلى أعلى مستوى، في مكافحة الفساد والرشوة ونهب المال العام، والتعامل مع ذلك باعتباره مجرد حملة ظرفية اقتضتها طبيعة المرحلة ومن المفيد الانحناء حتى تمر الحملة بسلام».

وقال الغلوسي في تدوينته إنه: «لا يخفى على نواب الأمة أن تقارير قد توقفت عند تفاقم الفساد والرشوة بالمغرب، وهو ما يشكل تهديدا حقيقيا للسلم والأمن الاجتماعيين، ولذلك فإن المغاربة يتطلعون إلى إرادة سياسية حقيقية للقطع مع الفساد ونهب المال العام والريع وربط المسؤولية بالمحاسبة، ويتمنون أن تستمر المعركة ضد الفساد، وذلك بمحاكمة لصوص المال العام والمفسدين، وتحريك مساطر غسل الأموال ضدهم».

هذا الواقع، حسب رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، يفرض على الأحزاب السياسية قبل فوات الأوان أن تلتقط دقة المرحلة وصعوباتها وخطورة الفساد على الدولة والمجتمع، وأن تبدأ من نفسها وذلك بتجميد عضوية كافة المتهمين في جرائم الفساد، وعدم ترشيحهم لأية مسؤولية عمومية كيفما كانت أو تكليفهم بتمثيل البرلمان في أي نشاط، مع اتخاذ البرلمان لقرار نافذ يقضي بوقف صرف أجورهم وتعويضاتهم، كما يتوجب عليها إرجاع أموال الدعم العمومي موضوع تقرير المجلس الأعلى للحسابات إلى خزينة الدولة.

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى