شوف تشوف

مآزق الديمقراطية2.1

 

 

 

طرح رئيس مجلس المستشارين والأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة والرجل الرابع في ترتيب هرم الدولة سؤالا خطيرا يتعلق بشرعية الانتخابات التي أفرزت الحزب الحاكم الْيَوْمَ.

خلاصة النقاش الذي طرحه حكيم بنشماش، الذي يعرف الجميع كيف وصل إلى ما وصل إليه، تتمحور حول السؤال التالي “هل يستقيم كبح ورهن إمكانات التطور الوطني باسم “شرعية انتخابية” هي في الواقع ليست شيئا آخر غير “شرعية” قاعدة انتخابية لا تمثل إلا نسبة ضئيلة جدا لمجتمع يريد أن يتقدم إلى الأمام؟”.

الواقع أن السؤال حقيقي ومهم وذو راهنية، لكن طارحه يفتقد إلى شرعية طرحه، ببساطة لأن الانتخابات التي أعطت لحزب العدالة والتنمية المرتبة الأولى و125 نائبا في البرلمان هي نفسها التي أعطت لحزب بنشماش المرتبة الثانية و104 نواب في البرلمان ذاته.

لذلك فنقطة نظام بنشماش حول سؤال شرعية الانتخابات في ظل المقاطعة لا تحمل أي جديد، أضف إلى ذلك أن بنشماش ليس بحاجة إلى نشر نقط نظام يقدم فيها تحليلاته الباردة بل بحاجة إلى جرأة سياسية تجعله قادرًا على اتخاذ قرارات سياسية واستعمال أصوات 104 من النواب الذين لدى حزبه في البرلمان.

أضف إلى ذلك أن هذا النقاش كنّا سباقين إلى إثارته في هذا العمود قبل سنة عندما قلنا إن العدالة والتنمية حصل في الانتخابات على المرتبة الأولى بمليون و800 ألف صوت، من أصل 15,7 مليون مغربي مسجل في اللوائح الانتخابية والذين لم يتوجه منهم نحو صناديق الاقتراع سوى 6,7 ملايين، مما يعني أن تسعة ملايين مغربي مسجلين في اللوائح لم يدلوا بأصواتهم.

أما إذا ما احتسبنا نسبة المواطنين البالغين سن التصويت والذين يبلغ عددهم حسب أرقام المندوبية السامية للتخطيط 23 مليون مغربي، فإننا سنحصل على رقم مفزع لنسبة المقاطعين والذين يصل عددهم إلى 16,7 مليون مغربي.

عن أي شعب إذن يتحدث العدالة والتنمية ويقول إنه صوت له إذا كان 16,7 مليون مغربي في سن التصويت لم يصوتوا على أي أحد؟

الحقيقة الواضحة اليوم هي أن المغاربة يخاصمون الأحزاب السياسية، أما الإرادة الشعبية التي يتحدث باسمها هؤلاء الأدعياء فليست واحدة بل هناك ثلاث إرادات شعبية على الأقل، الإرادة الشعبية الأولى تتكون من 22 مليون مغربي من حقهم التصويت، وهناك الإرادة الشعبية الرسمية المكونة من 15 مليون ناخب مسجل في اللوائح، ثم هناك الإرادة الشعبية الواقعية والتي تتكون من 6 ملايين مغربي صوتوا خلال الانتخابات، أو 5 ملايين إن شئنا بعد إزالة مليون ورقة ملغاة.

وهكذا فالنسبة المئوية للتمثيلية الحقيقية لحزب العدالة والتنمية في هذه الإرادة الأولى، أي 22 مليونا، هي عشرة بالمائة، ومن كتلة 15 مليونا التي صوتت تنزل النسبة إلى ستة بالمائة.

«واش هاد ستة فالمائة تعطيكم الحق للحديث عن المغاربة»؟

طبعا لا، خصوصا إذا عرفنا أن الكتلة القارة لشعب بنكيران لا تتعدى 800 ألف صوت، فيما الكتلة المتحركة تبلغ 700 ألف صوت، و500 ألف صوت إضافي التي حصل عليها بنكيران في الانتخابات الأخيرة نتيجة التصويت العقابي، فالذين صوتوا له فعلوا ذلك نكاية في الأحزاب الأخرى، وخصوصا الأصالة والمعاصرة، ومسيرة الدار البيضاء وحدها أهدت العدالة والتنمية 16 مقعدا في الدارالبيضاء، في الوقت الذي كانوا يراهنون على ثمانية مقاعد فقط.

طبعا نحن هنا لا نتحدث عن كتلة ليست لها أهلية التصويت (الجيش بكل أصنافه والأمن والشرطة والدرك والقضاة وحاملي السلاح وإدارة السجون والقوات المساعدة والوقاية المدنية) والتي تتكون من حوالي أربعة ملايين مغربي.

فكيف إذن يستقيم حديث حزب العدالة والتنمية أو غيره عن الإرادة الشعبية دون أخذ رأي كل هذه الملايين من المغاربة ؟

إن الفائز الأكبر في الانتخابات هو حزب المقاطعين، وهو الحزب الوحيد الذي يحق له أن يدعي تمثيل الإرادة الشعبية الحقيقية للمغاربة، وهي الإرادة التي تلخص حالة السأم والتذمر التي يشعر بها المغاربة إزاء الأحزاب والسياسيين الذين حولوا العمل السياسي إلى وظيفة مدرة للدخل والحقل السياسي إلى حلبة للصراع حول الحقائب والمناصب واستغلال النفوذ لتشغيل الأهل والأقارب والأصحاب.

ومع وجود سياسيين من هذا المعدن الرديء الذي لدينا، إضافة إلى شعب أغلبه أمي والفئة الناجية المتعلمة فيه لا تقرأ لكي تفهم، فإن الديمقراطية تصبح مهمة مستحيلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى