
قررت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تخفيض عتبة اجتياز المباراة المشتركة للالتحاق بكليات الطب والصيدلة وطب الأسنان من 13 إلى 12 نقطة للموسم الجامعي 2025- 2026، بهدف توسيع قاعدة المشاركين وإتاحة فرصة أوسع لفئات متعددة من المترشحين. وأكد الوزير أن القرار يعكس رغبة في منح فرص حقيقية للذين تتراوح معدلاتهم بين 12 و14 نقطة، مع الحفاظ على جودة الانتقاء عبر التصحيح الآلي الدقيق، وتم، أيضا، رفع عدد المقاعد إلى 780 مقعدًا استعدادًا لاستقبال آلاف الطلبة.
المصطفى مورادي :
اختيار بيداغوجي أم حقوقي؟
أقر عز الدين ميداوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عتبة 12/20 لولوج كليات الطب والصيدلة. وراسل الوزير رؤساء الجامعات الشريكة والخاصة والمديرين التربويين للكليات الشريكة والخاصة للطب وطب الأسنان والصيدلة، حول ولوج الكليات الشريكة والخاصة للطب وطب الأسنان والصيدلة برسم السنة الجامعية 2025-2026. وأكد الوزير أنه يجب ألا تقل عتبة الانتقاء بالنسبة لجميع المترشحين، عن عتبة الانتقاء التي اعتمدت على المستوى الوطني للالتحاق بالكليات العمومية للطب والصيدلة وطب الأسنان برسم الدخول الجامعي 2025- 2026، والتي تم تحديدها في 12/20.
وتحتسب النقطة بحسب الوزير، بالنسبة للمترشحين الحاصلين على شهادة البكالوريا الوطنية، باعتماد المعدل المحصل عليه في امتحانات البكالوريا عن طريق احتساب 75 في المائة من المعدل العام للنقط المحصل عليها في الامتحان الوطني للسنة الثانية لسلك البكالوريا، و25 في المائة من المعدل العام للنقط المحصل عليها في الامتحان الجهوي للسنة الأولى لسلك البكالوريا.
وبالنسبة للمترشحين الحاصلين على شهادة البكالوريا الأجنبية، يعتمد المعدل العام للنقط المحصل عليها في البكالوريا. وكشف ميداوي أن مباراة ولوج كليات الطب والصيدلة وكليات طب الأسنان العمومية ستنظم يوم 19 يوليوز 2025، وطلب برمجة هذه المباراة بعد الإعلان عن نتائج الدورة الاستدراكية للامتحان الوطني للسنة الثانية لسلك البكالوريا، حتى يتسنى لجميع المترشحين المستوفين لشروط الترشيح اجتياز مباراة الولوج للالتحاق بإحدى الكليات الشريكة والخاصة للطب وطب الأسنان والصيدلة.
هذا وانقسمت الآراء حول هذا القرار بين مؤيد يرى أنه منصف يضمن مبدأ تكافؤ الفرص، لإتاحة الفرصة للجميع للتباري والمنافسة، معتبرين أن معدلات البكالوريا ليست معيارا للتميز، ومعارض يرى أن الأمر فيه انتقاص من مكانة الطب ومن قيمة هذه الكليات وجودة مهنة الطب، خصوصا بسبب تنامي ظاهرة تضخم معدلات الباكلوريا، التي من معالمها، أيضا، الارتفاع الكبير في نسب الحاصلين على الميزات تجاوزت هذه السنة نصف عدد الناجحين، وتحديدا 54,9 في المائة.
هل هي فقاعة تربوية؟
حسب الباحث المتخصص في التربية، محمد بادرة، ما يثير الانتباه في السنوات الأخيرة هو حصول الناجحين في امتحانات الباكالوريا على معدلات قياسية غير معتادة في نظامنا التعليمي منذ عقود. ويتساءل المهتم بالشأن التربوي عن هذه الظاهرة بالقول: هل تستقيم هذه المعدلات القياسية بيداغوجيًا بناء على نظام الامتحانات المدرسية المؤطَّر مرجعيًا؟ وهل تخضع امتحانات الباكالوريا لضبط مساطر الإجراء ومعايير التصحيح الدقيقة لأداء المترشحين؟ وكيف يمكن للتلميذ(ة) أن يحصل على معدلات كاملة في المواد العلمية والأدبية والاجتماعية؟ وهل من المقبول أن يحصل التلميذ(ة) على نقطة 20/20 في مادة الفلسفة أو العلوم الطبيعية أو الأدب؟
فالمؤيدون للمعدلات المرتفعة وللعلامة الكاملة (20/20)، يقول الأستاذ بادرة، يقدمون تبريرات بأن الامتحانات ليست اختبارًا لمعرفة ما إذا كان التلميذ(ة) فيلسوفًا أو أديبًا أو باحثًا علميًا، بل مهمة الأستاذ هي تمكين التلميذ من جملة من المهارات والمعارف لاختباره، ويتم تقييمه على أساس مدى اكتسابه لها من عدمه، وحجتهم تفيد بأنه ما دام التلميذ التزم بجميع ما درسه، ما المانع من حصوله على العلامة الكاملة؟ ولذلك، فالنقطة (عشرون) تستقيم بيداغوجيًا وتُعد عادية لأنها تخضع لمقاييس واعتبارات موضوعية، كما توجد مقاييس ومعايير موضوعية محددة بالعلامات وبجدول النقط يتم احترامها أثناء التصحيح.
بالمقابل ترى فئة ثانية أن هذه التغييرات في امتحانات الباكالوريا، وفي المدرسة العمومية والخصوصية عمومًا، مقارنة مع الفترات السابقة، تُعد غير سليمة بيداغوجيًا، بل إن ظاهرة تنامي المعدلات «الفلكية» أصبحت غريبة من الناحية التربوية، في ظل هيمنة خطاب الأزمة التعليمية أفقيًا وعموديًا، ومشكلة أداء المنظومة التربوية وفشل المقاربات البيداغوجية.
وهناك فئة ثالثة من الملاحظين لقضايا الشأن التربوي ترى أن ارتفاع معدلات النجاح وميزات التفوق عند المترشحين لامتحانات الباكالوريا يعود في جزء مهم منه إلى نقط المراقبة المستمرة، التي تشكل 25 في المائة من النقط الإجمالية للباكالوريا، ويمكنها أن تكون عاملًا إيجابيًا في الرفع من نسب النجاح وميزات التفوق. لذا يجب الحفر في عمق أنظمة التقويم التي تضرب في العمق مبدأ تكافؤ الفرص، بسبب التفاوت في نقط المراقبة المستمرة، خصوصًا عند المقارنة بين معدلاتها في المؤسسات الخصوصية والمؤسسات العمومية.
إن المثير في هذه الظاهرة الرقمية للناجحين والمتفوقين ومعدلاتهم القياسية، حسب المتحدث ذاته، هو أننا أصبحنا منشغلين بالمعدلات والميزات وترتيب الأكاديميات والمديريات الإقليمية والمؤسسات التعليمية، ما يخلق نوعًا من التمييز واللاعدالة، وهو ما تجب إعادة النظر فيه..، لأن الامتياز «الرقمي» عن أعداد ونسب المتفوقين أو المعدلات القياسية يعود إلى المؤسسات التعليمية والمديريات والأكاديميات التي تتوفر على إمكانيات تربوية وموارد بشرية وبيداغوجية أكثر مما هو موجود في مؤسسات تعليمية أخرى.

الفقاعة
يعرف الاقتصاديون التضخم بأنه «ارتفاع مستمر في المستوى العام لأسعار السلع والخدمات في الاقتصاد، ما يؤدي إلى انخفاض القوة الشرائية للنقود»، بمعنى آخر، مع التضخم، يصبح بإمكانك شراء كمية أقل من السلع والخدمات بالمبلغ نفسه من المال مقارنة بما كان عليه الحال سابقًا. وجوهر هذا التعريف ينطبق أيضا على التربية، ففي الوقت الذي تقر الرؤية الاستراتيجية بضرورة إصلاح نظام الباكلوريا، ومنه إصلاح أنظمة التقويم والامتحانات، تتزايد سنويا معدلات النجاح ونسب الحاصلين على الميزات، لتصل لمستويات يمكن وصفها بالمجنونة.
ومثلما يحدث في مجال الاقتصاد، حيث يضطر مواطنو فينزويلا أو زيمبابوي إلى دفع ملايين الأوراق النقدية لشراء علبة حليب أو «دزينة» بيض، فإن الذي يحصل في نظامنا التعليمي هو أن معدل مثل 18/20 أصبح ينظر إليه على أنه «فشل» بدليل ارتفاع نسب التلاميذ الذين يطالبون بإعادة التصحيح لأنهم لم يحصلوا على معدل 19، وهو معدل كما نعلم جنوني بالمعنى الحرفي للكلمة. أما الدليل الآخر، والذي يؤكد بالملموس أن الوضع غير سوي تربويا، هو فشل العديد من أصحاب معدلات 18 وما فوق في الحصول على مقاعد في مدارس المهندسين وكليات الطب، لأنهم اجتازوا المباريات ولم ينجحوا، بمعنى أن معدلاتهم لا تعكس قدراتهم المعرفية والمنهجية والتواصلية. والسؤال البديهي: ماذا يعني أن يحصل تلميذ على ميزة حسن جدا ويضطر للتسجيل في المؤسسات الجامعية ذات الاستقطاب المفتوح؟
فقبل أربعين سنة، كانت 5 آلاف درهم كدخل شهري كافية لتصنيف صاحبها بأنه من الطبقة الوسطى، لأن الأمر يتعلق بميزانية كافية لضمان حد محترم من الخدمات الأساسية لأصحابها، وبسبب التضخم، أصبح هذا الرقم مؤشرا على هشاشة اجتماعية. والأمر نفسه في مجال التربية يحدث الآن. ففي السابق كان معدل مثل 15/20 كافيا للحديث عن كون صاحبه عبقريا ومجتهدا وناجحا، أما اليوم فمعدل مثل 18 أصبح كافيا ليشعر صاحبه بالإحباط، بل من التلاميذ من يدخل في حالة اكتئاب. وهذا غريب جدا.
وما يزيد الوضع سوءا أن مسؤولي التربية الوطنية باتوا يكرسون هذه الظاهرة في السنوات العشر الأخيرة، حيث دخلوا في تنافس غير مفهوم في الافتخار بأكبر المعدلات، فنراهم يكرمون المتفوقين في محاولة منهم لنسبة هذا التفوق لأنفسهم، مع أن الفخر ينبغي أن يكون لأكبر عدد حصل على مقعد في كليات الطب أو مدارس الهندسة، بمعنى ما قيمة أن تكرم «متفوقا» لأنه حصل على أكبر معدل، لكنه يضطر للتسجيل في كليات الآداب والعلوم جنبا إلى جنب الحاصلين على ميزة مقبول؟
هناك حقائق تربوية ينبغي الاتصاف بالقليل من النزاهة للاعتراف بها، وهي أن نظام التقويم هو السبب الرئيسي في ظاهرة تضخم معدلات النجاح، وأن الأمر أصبح شبيها بفقاعات تربوية نصر جميعا على تسويقها على أنها إنجازات، مع أنها علامة على فساد بيداغوجي خطير، فساد النموذج البيداغوجي، الذي ما زال يركز على المعارف والمعلومات بدل القدرات اللغوية والتواصلية والمنهجية، وفساد في الامتحانات حيث خروج المراقبة المستمرة من نطاقها التربوي، وتحولها إلى أداة تسويق، خاصة في القطاع الخاص.
رقم:11
أكد عز الدين ميداوي، خلال جلسة الأسئلة الشفهية بالمستشارين، أن أغلب التصنيفات العالمية المعروفة والمتميزة تقنية وترتكز على البحث العلمي بالأساس وهو ما تفتقده الجامعات المغربية. وذكر المسؤول الحكومي أن هناك تصنيفات في متناول الجامعات المغربية، فيما تصنيفات أخرى لا يمكن بلوغها بسبب معاييرها الصعبة مثل جائزة نوبل. وخاطب ميداوي، المستشارين البرلمانيين، بالقول: «مايمكنش نقارنو الجامعات ديالنا مع الجامعات لي مصنفة فتصنيف شنغهاي لي ميزانياتها كتفوق 35 أو 40 مليار دولار فيما ميزانية التعليم العالي بالمغرب لا تصل الى جزء ضئيل من هذا المبلغ». من جهة أخرى، أشاد ميداوي بالمجهودات الجبارة التي تقوم بها الجامعات المغربية بالرغم من الإكراهات، مشيرا إلى أنه خلال سنة 2017 كانت ثلاث جامعات مغربية فقط مصنفة فيما بلغ عددها اليوم 11 جامعة.
أستاذات يركبن «الترندات» العالمية ويصورن التلاميذ دون إذن أوليائهم
آخرها تحدي التعرف على الأسماء من خلال الأصوات
ماتزال وزارة التربية الوطنية عاجزة عن تطويق ظاهرة تصوير بعض المدرسات والمدرسين للتلاميذ دون إذن أولياء أمورهم، وذلك في خرق واضح للقانون، حيث يعمد هؤلاء إلى ركوب موجة «الترندات» العالمية التي تجتاح مواقع التواصل الاجتماعي وتعريض الأطفال لما يعتبرونه «تحديات»، كل هذا لحصد التفاعل من طرف المتابعين.
ظاهرة حقيقية
وجه برلمانيون سؤالا كتابيا إلى محمد سعد برادة، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، حول حماية الأطفال التلاميذ من عدسات الأساتذة التي تهدد براءتهم، وحماية خصوصيتهم داخل المؤسسات التعليمية. وتشهد الفترة الأخيرة انتشارا متزايدا لظاهرة تصوير التلاميذ داخل الفصول الدراسية في المؤسسات التعليمية، حيث يتم نشر مقاطع فيديو توثق سلوكيات عفوية لهؤلاء الأطفال على منصات التواصل الاجتماعي هذه الظاهرة، التي تبدو للبعض غير ضارة، تحمل في طياتها تداعيات خطيرة على نفسية الأطفال وحقوقهم. ومن يقوم بالتصوير في كثير من الحالات هم مدرسات ومدرسون، من المفترض أن يكونوا أول من يحرص على حماية حقوق المتعلم وسلامته. بدلا من ذلك، يساهم البعض منهم في خلق بيئة قد تعرض الأطفال للتشهير والتنمر، هذا السلوك لا يمثل فقط إخلالا بدورهم المهني، بل يشكل أيضا انتهاكا أخلاقيا وتربويا يهدد الثقة بين التلاميذ والمربين.
ومن الناحية القانونية، فإن تصوير الأطفال، دون إذن مسبق من أوليائهم أو المؤسسات التعليمية، يمثل انتهاكا واضحا لحقهم في الخصوصية، فالقوانين الدولية والوطنية تكفل للطفل حماية خاصة من أي فعل يؤثر على كرامته أو يعرضه للتشهير، إذ أن نشر مثل هذه المقاطع يفتح الباب أمام تنمر زملائهم ومحيطهم، ما يزيد من تعرضهم للضغط النفسي والإحساس بالخجل.
التنمر الرقمي
يرى مراقبون أن التنمر الناتج عن نشر هذه الفيديوهات يؤدي غالبا إلى اضطرابات نفسية للأطفال، منها ضعف الثقة بالنفس، العزلة الاجتماعية وتراجع الأداء الدراسي، كما أن الأطفال الذين يتعرضون للتشهير عبر الإنترنت يجدون أنفسهم ضحايا للمواقف التي لا يد لهم فيها، ما يعرضهم لاضطرابات طويلة الأمد قد تؤثر على مسار حياتهم، وأن المؤسسات التعليمية لا بد أن تتحمل مسؤولية كبرى في حماية الأطفال من هذه الظاهرة، كما يجب فرض قواعد صارمة تمنع التصوير داخل الفصول الدراسية دون إذن رسمي. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي الحرص على توفير توعية مستمرة للأطر التعليمية حول أهمية حماية حقوق الأطفال وعدم المساهمة في أي محتوى يؤثر سلبا عليهم، وذلك لأجل الحفاظ على خصوصية الأطفال وضمان بيئة تعليمية آمنة لهم، يعكسان مدى التزام الوزارة ببناء أجيال واعية ومسؤولة.
وبعيدا عن التبعات القانونية لتصوير أشخاص بدون إذنهم، فإن الوزارة مطالبة بالتدخل الحازم بعيدا عن الطبيعة الموسمية لبعض المذكرات التي يتم إصدارها بين الفينة والأخرى، وخاصة عقب ضجة إعلامية معينة، كالتي حدثت قبل سنة في مدينة الجديدة عقب نشر أستاذة لفيديو تلميذ، وما تبع هذا الحادث من تفاعلات وصلت أصداؤها للقضاء.
«هجرة» الباحثين من الجامعات الأمريكية فرصة للمغرب لاستعادة أبنائه
عددهم تجاوز الألف وتم تصنيف 8 منهم ضمن الأفضل في عالم البحث
فقد آلاف العلماء في الولايات المتحدة وظائفهم أو منحهم، مع خفض إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مليارات الدولارات من التمويل الفيدرالي المخصص للبحث العلمي، الأمر الذي دفع الحكومات والجامعات في جميع أنحاء العالم إلى انتهاز الفرصة والعرض لاستقدامهم، ما يعني أن المغرب حصل على فرص لا تتكرر لاستقطاب عشرات الباحثين في الجامعات الأمريكية، منهم علماء حصلوا على اعترافات دولية بفضل تفوقهم في المجالات البحثية التي يتخصصون فيها.
برنامج «فينكوم»
تبنت الحكومة الحالية برنامجا يعرف بـ«فينكوم»، وهو الاسم الذي تم منحه لعملية واسعة النطاق، تستهدف استقطاب الكفاءات المغربية في مختلف الجامعات العالمية، منها الكفاءات التي تشتغل في برامج بحثية تابعة للجامعات الأمريكية، والتي تعيش هذه الأيام أزمة حقيقية بسبب قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، خفض التمويل الفيدرالي للأبحاث العلمية، الأمر الذي تحاول دول كثيرة استغلاله بتقديم إغراءات مادية واجتماعية وقانونية لاستقطاب آلاف الباحثين.
ورغم أن الجامعات الأمريكية ماتزال لا تحظى بأولوية لدى الباحثين والطلبة المغاربة، قياسا بكندا وأوروبا، فإن الأرقام تشير إلى أن عددهم يتراوح بين 1000 و1500 طالب باحث، أغلبهم يشتغلون ضمن مختبرات ومراكز بحثية متأثرة جدا بقرار الرئيس الأمريكي، ومن هؤلاء 8 باحثين.
وصنفت جامعة ستانفورد الأمريكية ثمانية أساتذة باحثين مغاربة ضمن أفضل 2 في المائة من الباحثين العلميين في العالم. وجامعة ستانفورد جامعة أمريكية بحثية خاصة تأسست عام 1885، وتصدر تصنيفها كل عام، ويتضمن قائمة بأسماء أفضل 2 في المائة من علماء العالم الأكثر استشهادًا أكاديمياً في مختلف التخصصات. ويبلغ عدد الباحثين حوالي 160 ألف عالم من 149 دولة اعتماداً على قاعدة بيانات Scopus العالمية، في 22 تخصصا علميا و176 تخصصا فرعيا للباحثين الذين نشروا ما لا يقل عن 5 أوراق بحثية.
وتعتبر الولايات المتحدة الممول الرائد عالمياً للبحث والتطوير، بما في ذلك الاستثمارات الحكومية والجامعية والخاصة. ففي عام 2023، موّلت البلاد 29 في المائة من البحث والتطوير العالمي، وفقاً للجمعية الأمريكية لتقدم العلوم. وأشارت الوكالة الأمريكية إلى أن بعض البرامج التي تستهدف استقدام العلماء، مثل برنامج «كندا تقود»، الذي تم إطلاقه في أبريل، ويهدف إلى تعزيز الجيل المقبل من المبتكرين، سيتوجه لجلب الباحثين في مجال الطب الحيوي في بداية حياتهم المهنية إلى شمال الحدود. بدورها بدأت جامعة «إيكس» مرسيليا في فرنسا برنامج «مكان آمن للعلوم»، في مارس الماضي، متعهدة بـ«الترحيب» بالعلماء المقيمين في الولايات المتحدة الذين «قد يشعرون بالتهديد أو الإعاقة في أبحاثهم».
وفي أبريل الماضي أعلن «برنامج جذب المواهب العالمية» في أستراليا عن وعود بتوفير رواتب تنافسية وحزم انتقال، إذ قالت آنا ماريا أرابيا، رئيسة الأكاديمية الأسترالية للعلوم: «رداً على ما يحدث في الولايات المتحدة، نرى فرصة لا مثيل لها لجذب بعض من أذكى العقول هنا».
استقطاب المواهب
منذ الحرب العالمية الثانية، استثمرت أمريكا مبالغ طائلة في الأبحاث العلمية التي تُجرى في جامعات مستقلة وهيئات فيدرالية، وفق الوكالة. وساعد التمويل الأمريكي على أن تصبح القوة العلمية الرائدة عالمياً، وأدى إلى اختراع الهواتف المحمولة والإنترنت، بالإضافة إلى طرق جديدة لعلاج السرطان، وأمراض القلب والسكتات الدماغية، لكن هذا النظام يتعرض اليوم لـ«اهتزازات»، فمنذ تولي الرئيس دونالد ترامب منصبه في يناير الماضي، أشارت إدارته إلى ما وصفته بالهدر وعدم الكفاءة في الإنفاق العلمي الفيدرالي، وأجرت تخفيضات كبيرة في أعداد الموظفين وتمويل المنح في المؤسسة الوطنية للعلوم، والمعاهد الوطنية للصحة، ووكالة العلوم والفضاء «ناسا» ووكالات أخرى، بالإضافة إلى خفض مخصصات الأبحاث التي تتدفق إلى بعض الجامعات الخاصة.
وبدا أن الجامعات والحكومات الأوروبية بدأت في استقطاب الباحثين الأمريكيين الذين فقدوا وظائفهم، حيث نشرت العديد من وسائل الإعلام الأمريكية تقارير تشير إلى أن أكثر من 350 عالماً وقعوا عريضةً نُشرت في صحيفة «لوموند» الفرنسية، مطالبين المفوضية الأوروبية بإنشاء صندوق طوارئ بقيمة 750 مليون يورو لاستيعاب آلاف الباحثين العاملين في الولايات المتحدة. وصرحت نيكا بلازيفيتش، المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية، بأنه يجري التخطيط لاجتماع لتنسيق الاستجابة الأكثر فاعلية لتخفيضات إدارة ترامب في تمويل البحث العلمي.
وأشارت التقارير إلى أن فرنسا وهولندا وألمانيا كانت من بين أكثر البلدان الأوروبية اهتماماً باستقطاب الطاقات العلمية الأمريكية «المهاجرة». وبعد ساعات على افتتاح برنامج مخصص لاستقطاب الباحثين الأمريكيين سمي «مكان آمن للعلوم»، تلقت جامعة «إيكس»، المعروفة ببرامجها العلمية في مدينة مرسيليا الفرنسية، أول طلب لها..، وكرت سبحة الطلبات حيث تلقت نحو 12 طلباً يومياً ممن صنفتهم الجامعة «طالبي لجوء علمي». وسارعت جامعات أخرى في فرنسا وأماكن أخرى في أوروبا إلى إنقاذ الباحثين الأمريكيين الهاربين من التخفيضات الجذرية في الوظائف والبرامج من قبل إدارة ترامب، بالإضافة إلى الهجمات المزعومة على مجالات بحثية بأكملها. وعلى مدى الأسابيع الماضية، أُعلن عن تسريحات في مراكز أمريكية تُعدّ قمة العلم، بما في ذلك «الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي»، و«المؤسسة الوطنية للعلوم»، و«هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية» ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. وفصلت المعاهد الوطنية للصحة، أكبر ممول عالمياً للأبحاث الطبية الحيوية، 1200 موظف، وأوقفت مراجعة المنح، ما أدى إلى إغلاق التمويل الحكومي لمشاريع البحث في المختبرات في جميع أنحاء البلاد. وتأتي هذه التخفيضات في الوقت الذي أزالت بعض الوكالات الفيدرالية مصطلحات من مواقعها الإلكترونية وطلبات المنح، والتي تُعدّ غير مقبولة من إدارة ترامب، التي تسعى إلى تطهير الحكومة الفيدرالية من مبادرات «الوعي»، والمصطلحات التي تُعدّ محظورة، هي: «علم المناخ» و«التنوع».
///////////////////////////////////////////////////////////////
تُعد امتحانات الباكالوريا محطة مفصلية في المسار الدراسي للتلاميذ/ت، حيث تمثل مرحلة انتقالية نحو التعليم العالي أو التكوين المهني، كما تحمل، من وجهة نظر الأسر، دلالة قوية على النجاح والاعتراف الاجتماعي والتربوي. غير أن الملاحظ، من خلال تتبع ارتسامات التلاميذ عبر مواقع الجرائد الإلكترونية، هو اتفاقهم على سهولة مواضيع الاختبارات رغم إخفاق العديد منهم في الإجابة عنها، ولجوء أغلبهم للغش كوسيلة للحصول على الباكالوريا.
هشام البوجدراوي مختص في التربية
تأملات في واقع الباكالوريا
في الحاجة لمراجعة شاملة لأهداف التعليم الثانوي
هناك مفارقة تعكس بوضوح أزمة عميقة في منظومة التعليم، حيث لم يعد المشكل مرتبطًا بصعوبة المواضيع، وإنما في ضعف مستوى التحصيل، وافتقاد عدد كبير من التلاميذ/ت للكفايات الضرورية التي تؤهلهم لاجتياز هذا الاستحقاق الوطني بنجاح. وهو ما يطرح أسئلة مقلقة حول جدوى هذه الامتحانات في ظل تراجع مردودية المدرسة وضعف التحصيل الدراسي.
لقد بات من الواضح أن جزءًا مهما من تلاميذ/ت التعليم الثانوي التأهيلي يعانون من تعثرات بنيوية تمتد من المراحل الدراسية الأولى، وتشمل صعوبات في التعبير الشفهي والكتابي، ضعفا في الفهم والتحليل، وعجزا في القيام بالعمليات الذهنية البسيطة والمركبة، وهي مشاكل لا يمكن تداركها ضمن حصص دعم محدودة المدة أو حلول ترقيعية في السنوات النهائية من التعليم الثانوي. هذا التدهور الملحوظ في المستوى يزداد حدة في ظل انعدام تكافؤ الفرص، حيث تختلف بيئة التعلم بين التلميذ المنتمي إلى وسط حضري ميسور، يستفيد من دعم أسري ومواكبة تربوية ودروس دعم مؤدى عنها، والتلميذ المنتمي إلى أوساط هامشية أو قروية يفتقر إلى الموارد والإمكانيات نفسها.
وفي هذا الإطار، لا يُمكن اعتبار امتحانات الباكالوريا الحالية منصفة للجميع، لأن ظروف الإعداد والتهييء ليست متكافئة، بالإضافة إلى الصيغة الحالية لنظام التقويم في الثانوي التأهيلي، الذي يرتكز على مرحلتين أساسيتين: الامتحان الجهوي في السنة الأولى من سلك الباكالوريا والامتحان الوطني في السنة الثانية. غير أن الامتحان الجهوي، الذي يحتسب بنسبة 25 في المائة من المعدل العام، يركز على مواد ذات طابع أدبي، حتى بالنسبة لتلاميذ الشعب العلمية، ما يجعل الإخفاق فيه حاجزًا نفسيًا وعائقًا تربويا أمام استكمال السنة الثانية الموالية. وفي كثير من الحالات، يؤدي هذا النظام، بالنسبة للتلاميذ غير الحاصلين على المعدل بالامتحان الجهوي، إلى الإحباط المبكر والشعور بعدم الثقة، ما يدفع عددًا منهم إلى الانسحاب الرمزي من مسارهم الدراسي رغم تواجدهم داخل الفصول الدراسية.
ومن غير المعقول أن تلاميذ المسارات العلمية يُلزمون باجتياز مواد لا تنتمي إلى تخصصهم وتُحتسب بشكل حاسم ضمن معدل الباكالوريا، في حين أن المواد الأدبية يمكن أن تُحتسب في إطار المراقبة المستمرة فقط. هذا الخلل في بنية التقويم يحتاج إلى مراجعة شاملة تراعي التخصصات وتضمن العدالة في التقييم.
ويزداد الوضع تعقيدًا عندما نُضيف إشكالية التوجيه القصري الذي تم بالسنوات الماضية نحو الشعب العلمية خيار فرنسية، رغم أن عددًا كبيرًا من التلاميذ لا يمتلكون الحد الأدنى من الكفايات اللغوية لمسايرة التعلم باللغة الفرنسية. هذا التوجيه المفروض يؤدي إلى فجوة بين لغة التلميذ الأصلية ولغة التدريس، ويضعف من قدرته على فهم المضامين والتفاعل معها، مما ينعكس سلبًا على نتائجه الدراسية وعلى ثقته بنفسه، ويزيد من الشعور بالاغتراب داخل الفصول الدراسية.
وفي ظل هذا السياق، تبرز أهمية التوجيه المدرسي بوصفه آلية أساسية لضمان التلاؤم بين قدرات المتعلم، ميولاته واختياراته الدراسية. لكن واقع الحال يُظهر ضعفًا كبيرًا في حصص المواكبة التربوية، التي لا تُفعل بالشكل الكافي لمساعدة التلاميذ على بناء مشروعهم الشخصي، والتخطيط لمسارهم الأكاديمي أو المهني بشكل واعٍ. فلو تم تفعيل حصص المواكبة التربوية بشكل مبكر، لتمكنا من توجيه التلاميذ ذوي الصعوبات الحقيقية نحو مسارات مهنية مناسبة، عوض إغراقهم في مسارات نظرية لا توافق ميولاتهم ولا مؤهلاتهم.
ويُعزز من هذا الطرح غياب التكوين المهني كمكون فاعل داخل المشهد التربوي بالثانويات، حيث لا تقوم مؤسسات التكوين المهني بأدوار إعلامية توجيهية كافية داخل المؤسسات التعليمية للتعريف بمساراتها وآفاقها. ورغم أن التكوين المهني أصبح مسارًا استراتيجيًا في السياسات التنموية للمغرب، خاصة في ظل تشجيع الدولة للمقاولات الصغيرة والمتوسطة، والانفتاح على المجال الصناعي والخدماتي، فإن التلاميذ يفتقرون إلى المعطيات الضرورية، ولا يتلقون التوجيه الكافي للاستفادة من هذا العرض التكويني.
إن تعزيز الارتباط بين المؤسسات التعليمية ومؤسسات التكوين المهني، والرفع من عدد مقاعد هذه الأخيرة، وربط الشعب الدراسية بمسارات تكوين مهني واضحة، سيساهم في احتواء الأعداد الكبيرة من التلاميذ الذين لا ينسجمون مع المسارات الأكاديمية، ويفتح لهم آفاقًا جديدة للاندماج الاقتصادي والاجتماعي. كما أن شهادة الباكالوريا، حتى وإن كانت رمزية في بعض الحالات، تُشكل عاملًا مهمًا في الحفاظ على تماسك التلميذ النفسي والاجتماعي، وتمنحه فرصة للعبور نحو مسار جديد بدل الإقصاء من المنظومة التعليمية بشكل نهائي.
إن الوضع الحالي يفرض مراجعة شاملة لأهداف التعليم الثانوي، بحيث لا تبقى الباكالوريا غاية في حد ذاتها، بل محطة ضمن مشروع شخصي واضح ومخطط له، يتم فيه تكييف التقويم، وتفعيل التوجيه وضمان تكافؤ الفرص، بما يضمن تعليمًا منصفًا، ذا جودة، وقادرًا على ربط المدرسة بالحياة، والمعرفة بسوق الشغل والطموح بالواقع. إنها مسؤولية جماعية تتطلب إرادة سياسية قوية، ورؤية تربوية متكاملة تجعل من المتعلم محورًا لكل إصلاح.
متفرقات:
نظام رقمي متطور لمحاربة الغش
أطلقت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة نظاما إلكترونيا متطورا لرصد حالات الغش خلال الامتحانات الاستدراكية للباكالوريا، في إطار استراتيجية وطنية جديدة توظف التكنولوجيا لمحاصرة ظاهرة تهدد مبادئ الإنصاف وتكافؤ الفرص في المدرسة المغربية. ووفق مذكرة وزارية موجهة إلى مديري الأكاديميات الجهوية، فإن اعتماد هذا النظام يأتي ردا على تفاقم الغش الإلكتروني، وتطور أساليبه بتوظيف هواتف ذكية وسماعات دقيقة وشبكات تواصل مشفّرة، ما جعل الوسائل التقليدية للمراقبة غير كافية لمواجهة الظاهرة. يذكر أن النظام الجديد يعتمد على أجهزة متنقلة ترصد بشكل أوتوماتيكي أي تواصل إلكتروني داخل قاعة الامتحان، دون تشويش على الاتصالات أو اختراق خصوصية المترشحين، وهو ما يراعي متطلبات القانون رقم 09.08 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية. وتعتمد المنظومة أيضا على منصة رقمية موصولة بمستويات تتبع محلية وجهوية ووطنية، تمكن من رصد فوري للحالات المشبوهة، وتحليل المعطيات إلكترونيا، وهو ما يحدث نقلة نوعية في الرقابة المدرسية، ويعزز مصداقية الامتحانات الوطنية.
جدل بسبب إلغاء نص فلسطيني في امتحانات الابتدائي
وصل قرار المديرية الإقليمية للتربية الوطنية بالفداء مرس السلطان، بجهة الدار البيضاء سطات، بتغيير نص الانطلاق في امتحان مادة اللغة العربية للمستوى السادس ابتدائي لدورة يونيو 2025، (وصل) لقبة البرلمان. وفي هذا الصدد، وصف فريق برلماني القرار بـ«الصادم والغريب». وأشار الفريق نفسه إلى أن «المديرية استندت في قرارها المذكور إلى تقرير داخلي اعتبر أن النصين يندرجان ضمن ما سمي بالمجال السياسي ذي الحساسية الوطنية». وأثارت الخطوة جدلا واسعا في الأوساط التربوية، حيث جاء هذا القرار، الذي تم قبيل موعد الامتحان بفترة وجيزة، على خلفية تقييم داخلي اعتبر أن النص الأصلي المقترح يتطرق إلى «مجال السياسة ويحمل حساسية وطنية»، ما استدعى استبداله بنص آخر. ويتعلق الأمر بنص يحمل اسم «الذكرى التي لا تموت»، وهو نص كان مقتطفا من كتاب اللغة العربية المعتمد في دولة فلسطين. وتناول النص، بأسلوب أدبي، قصة شخص غادر داره في مدينة صفد الفلسطينية إلى مخيمات اللاجئين، مسترجعا ذكريات طفولته فيها، ومعبرا عن ألمه للواقع الجديد، لينتهي النص بإشارات رمزية إلى مفتاح الدار، ورائحة زهر الليمون والزيتون، وتجديد الأمل بالعودة إلى فلسطين.







