
أكادير: محمد سليماني
تفجرت فضيحة إلى العلن بمدينة أكادير، وذلك بعد توالي ضغوط المصالح المركزية لكتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري على مندوبية الصيد بأكادير، بخصوص معاملة «تفضيلية» تخص سفينة عملاقة للصيد البحري لا تتلاءم مع القوانين والأسطول المغربي.
واستنادا إلى المصادر، فإن رجل أعمال وسياسيا نافذا، بأحد أحزاب الأغلبية الحكومية، وهو في الآن نفسه رئيس غرفة للصيد البحري، استورد في نهاية سنة 2024 سفينة عملاقة للصيد في أعالي البحار، على أساس استعمالها في الصيد الساحلي، بحسب المصادر التي أضافت أن هذا المهني في قطاع الصيد البحري تعهد للإدارة بأنه سيقوم بنقص حمولة الباخرة المستوردة لكي تلائم الخصائص التقنية للباخرة المعوضة، على اعتبار أن سفن الصيد في أعالي البحار ليست كسفن الصيد الساحلي، وأن أي تساهل في ذلك قد يتحول إلى حق مكتسب لعدد من المهنيين ورجال الأعمال لاستيراد سفن لا تلائم المعايير المعمول بها، كما أنها تشكل تهديدا خطيرا للثروة السمكية.
وأفادت المصادر ذاتها بأنه بعد فترة وجيزة تقدم صاحب الشركة المستوردة للباخرة بطلب إلى مندوبية الصيد البحري بأكادير قصد تسجيل باخرته ومنحه الوثائق الإدارية لبداية تشغيلها، غير أن الإدارة قامت بتشكيل لجنة على مستوى مندوبية الصيد البحري بأكادير لتحديد الحمولة الإجمالية والصافية للباخرة المذكورة. وأكدت المصادر أن اللجنة خلصت في اجتماعها، يوم 19 غشت 2025، بحضور ممثل الشركة المعنية، إلى تحديد الحمولة الإجمالية في 188 طنا، والحمولة الصافية في 26,51 طنا، ما يعني عدم مطابقتها للمعايير القانونية والقياسات المدرجة في عقد جنسية السفينة الأصلي.
وأشارت المصادر إلى أن رئيس الغرفة والمسؤول السياسي الحزبي، بعدما اكتشف تقرير القياسات، طعن في اللجنة المحلية التي قامت بقياس السفينة، مضيفة أنه بعد ضغوط كبيرة في اتجاهات متعددة، تدخل الكاتب العام لكتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري، وأصدر تعليمات لمندوبية الصيد البحري بأكادير قصد تعيين لجنة مختلطة جديدة للقيام بقياسات السفينة، وهو ما تم يومي 2 و3 أكتوبر 2025. وأكدت المصادر أن اللجنة عقدت اجتماعا بحضور ممثل الشركة، حيث فسح له المجال لتقديم الوثائق وكل ما يتعلق بالباخرة المعنية، فخلصت اللجنة بعد الانتهاء من مهامها إلى أن الحمولة الإجمالية للباخرة هي نفسها التي توصلت إليها اللجنة المحلية في 19 غشت 2025.
وكشفت المصادر عن عقد اجتماع ثالث بخصوص الباخرة نفسها، وذلك بمقر كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري، حيث توصلت المصالح المركزية للإدارة، خلال الاجتماع المنعقد يوم 15 أكتوبر 2025، إلى أن الحمولة الإجمالية للباخرة هي 188 طنا، والحمولة الصافية هي 26,51 طنا، وهي حمولة تتجاوز الحمولة المسموح بها.
واستنادا إلى مصادر مهنية، فإن الإدارة تعاملت مع هذه الباخرة بطريقة «تفضيلية واستثنائية»، حيث تم عقد ثلاثة اجتماعات للجن التقنية للبحث عن مخرج للمشكل، إلا أن كل اللجان توصلت إلى نفس النتيجة، مشيرة إلى أن ذلك لم يرض ممثل الشركة، حيث قام، يوم 16 أكتوبر 2025، أي بعد يوم واحد من الاجتماع المنعقد بمقر كتابة الدولة بخصوص باخرته، بإرسال رسالة تهديدية باللجوء إلى القضاء، عبر مفوض قضائي إلى مندوبية الصيد البحري بأكادير، مفادها أن عدم الرد على مراسلة سابقة له بتاريخ 29 يوليوز 2025 يعتبر سكوتا من الإدارة، وبمثابة موافقة نهائية منها لتسجيل السفينة ومنحها الضوء الأخضر لمباشرة عملها.
وقد ردت مندوبية الصيد البحري على رسالته، يوم 20 أكتوبر المنصرم، بكون واقعة اعتبار «سكوت الإدارة بمثابة موافقة»، لها شروطها القانونية، وغير متوفرة بخصوص حالة هذه الباخرة، على اعتبار أن تسجيل سفن الصيد لها مسطرة إدارية تتم وفق نصوص مدونة التجارة البحرية، ووفق القرار ذي الرمز 18، وتقتضي التقدم بطلب واضح يرمي إلى تسجيل سفينة صيد موجه إلى مصالح الإدارة، ومرفق بالوثائق القانونية اللازمة، ومن بينها وثائق تثبت الحمولة القانونية الواجب احترامها والمنصوص عليها في الموافقة المبدئية لاستيراد الباخرة المذكورة.
وقد وجه مسير الشركة مالكة الباخرة المثيرة للجدل طلبا إلى مندوب الصيد البحري بأكادير بتاريخ 14 نونبر المنصرم، يطلب منه تشكيل لجنة تقنية جديدة للقيام بقياس الباخرة، بعد قيامه بتعديلات على مستوى حمولتها.





