
عادة ما يعرف الوزير في اللغة والاصطلاح بكونه المؤازر والمعين والناصر، لذلك جاء في القرآن (واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي)، لكن عبد اللطيف ميراوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، قدم تعريفا آخر للوزير يقترب من الوزر والعبء والثقل أو الحصى في الحذاء، حتى لا نقول العصا في العجلة.
فقد قدم الوزير نموذجا ناجحا في خلق المشاكل المجانية والجانبية لحكومة في حاجة إلى من يساعدها على حل المشاكل وتليين العقبات، لا لمن يتفنن في اختلاقها وإدامتها.
وبدون أي تجنٍ فمنذ تنصيب الوزير ميراوي، الحامل للجنسية الفرنسية، والذي يهدد في كل مرة بالرجوع إلى باريس في حال فشله، والمشاكل تتسلل إلى الحكومة من ثقب الجامعة التي ظلت هادئة منذ حكومة عبد الرحمن اليوسفي، والغريب أن الوزير يظن أنه بقراراته الانفرادية والمزاجية يحسن صنعا، بينما الواقع يؤكد أنه يقود الجامعة إلى مزيد من التوتر والتجييش.
ويكفي أن ننظر لمواقف الشركاء المعنيين بالجامعة، لنتأكد من البدايات السيئة لهذا المسؤول، فلم يسبق لأي وزير للتعليم العالي أن حقق عليه الإجماع بالرفض لقراراته، بين توجهات متناقضة تماما. لا بد أن هناك سببا مقنعا يجعل ميراوي يحظى بهذا الإجماع الرافض لتدبيره داخل اليمين واليسار وبين مختلف النقابات الجامعية، وداخل المنتخبين، بل إن مقاطعة جهة كلميم، شديدة الحساسية، لنشاطاته، كانت تستوجب من الحكومة التوقف لإثارة انتباهه.
وما زاد الطين بلة أنه خلال اجتماع الوزير بالمكتب الوطني لنقابة التعليم العالي، أول أمس الخميس، نجح ميراوي في شيء واحد هو تقديم النقابة على طبق من ذهب لبعض التوجهات السياسية الراديكالية التي لا يهمها أي ملف مطلبي، بينما وضع أساتذة التيارات الإصلاحية والممثلة في البرلمان في الزاوية الضيقة.
والواضح أن ميراوي لا يقدر حقا جسامة ما يقوم به في ظرف حساس اجتماعيا وسياسيا، وهو يحتاج إلى تنبيهات من طرف رئيس الحكومة وأمينه العام، عبد اللطيف وهبي، قبل فوات الأوان وإدخال الجامعة في نفق مسدود لن يخدم سوى التيارات الراديكالية. فلا حق لأي وزير مهما كان غطاؤه السياسي أن يتحول إلى مصدر لصناعة التوتر، ولا حق لأي وزير في هذا الظرف السياسي والاجتماعي أن يتفنن في خلق المشاكل، بحجة الإصلاح المفترى عليه.





