حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضةسياسية

البؤساء يبعثون من جديد

 

حسن البصري

 

ذات يوم وصفهم فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، في اجتماع رسمي بالبؤساء، قال لهم أمام أعضاء المكتب التنفيذي: «لقد خدشتم صورة المنتخب»، كان بعضهم يتحسسون رؤوسهم، يلعبون دور الشاهد، لكن الكثير منهم راهنوا على الزمن، وقالوا إنه كفيل بوضع طبقات غبار صلبة على واقعة «مارشي نوار» الدوحة.

قبل انطلاق نهائيات كأس أمم إفريقيا لكرة القدم التي تحتضنها بلادنا، اختفت تذاكر مباريات المنتخب المغربي من التطبيقات، وظهر بؤساء السوق السوداء من جديد، وهم يفركون أيديهم ويرددون: «يا فتاح يا عليم».

بلغت أسعار تذاكر «مارشي نوار» حدا لا يصدق، فاق ثمن الواحدة الحد الأدنى لراتب مستخدم، بل إن بارونات التذاكر لا يجدون حرجا في عرض سلعهم في مواقع التجارة الإلكترونية بالعلالي والخيل تشالي.

ولأن سوق الكرة يدر أرباحا خيالية على المهووسين بحب المنتخب، فإن البارونات اعتمدوا على أصحاب التجارب الذين يملكون خبرة في التسويق بـ«النوار»، وفئة من المتدربين القادرين على توصيل البضاعة إلى أصحابها تحت جنح الظلام.

فتحت النيابة العامة تحقيقا في الموضوع، بعد اعتقال ثمانية أشخاص، وتبين أن القضية تتجاوز البؤساء المحليين إلى مافيا عابرة للقارات، أو من يسميهم إخواننا في الشرق بـ«حرامية التذاكر»، الذين انتقلوا من باعة يسترزقون بإضافة دريهمات على هامش الربح، إلى «قطاع» التذاكر إسوة بـ«قطاع الطرق»، في عز النهار وبوجوه مكشوفة.

من يجرؤ على بيع وشراء وكراء تذاكر المباريات، له القدرة أيضا على بيع المباريات بالتقسيط دون حسيب ولا رقيب، وكراء أصوات المنخرطين للتصويت في جمع عام.

اشترى هؤلاء التعساء ذمم أشخاص يتعاطون للصحافة فحولوهم إلى شعراء صعاليك يقضون وقتهم في نظم قوافي المديح للباعة الجائلين، ويروجون لبضاعة «الله يجعل الغفلة بين البايع والشاري».

في التظاهرات الكروية الكبرى، من يملك تذاكر المباريات يتحول إلى بطل همام، يمنح تأشيرة ولوج المدرجات، لمن يسكنهم هوس الكرة، لهذا يتسابق المسيرون للجلوس على كرسي لجنة «تنظيم المباريات»، لأنها اللجنة الوحيدة التي تحول بيت المسؤول إلى مزار وتعيد لهاتفه نشاطه المفتقد.

في زمن مضى، كان للفرجة أكشاك لبيع التذاكر، في الملاعب والمسارح ودور السينما وحدائق الحيوانات والمسابح، وكل فضاءات الترويح عن النفس. فجأة اختفى باعة التذاكر وأغلقت الأكشاك ومضى كل إلى غايته، لأن الزمن الرقمي شاء.

بالأمس كنا نعرف أسماء باعة التذاكر في السوق السوداء، كان هامش ربحهم صغيرا، منهم حارس الدراجات وبائع الوجبات السريعة ومروج إكسسوارات التشجيع.

با عمر كان يجلس وحيدا في مقهى شعبي بزنقة بني مكيلد في درب السلطان بالدار البيضاء، يحتسي قهوته السوداء ويقدم توقعاته حول الإقبال الجماهيري على المباريات، ولأنه يشغل منصب بائع تذاكر في أكشاك «سطاد دونور»، فهذه الصفة تجلب له التوقير والاحترام، وتجعل الناس تحت رحمته مرة كل أسبوع، بل وتعفيه من أداء ثمن قهوته.

لكن السؤال المستفز هو كيف لمواطن مغربي يقضي يومه في التشكي من الغلاء والبكاء على ناصية الأسواق، أن يبدي استعداده لاقتناء تذكرة ولوج الملعب بأضعاف أضعافها، والأغرب أن يسعى رئيس سابق لجمعية حماية المستهلك إلى اقتناء تذكرة مباراة، مهما ارتفع ثمنها.

ومن أكثر المواقف قساوة أن يتاجر «صحافيون» بـ«بادجاتهم» على سبيل الكراء، لمن يسعى إلى فرجة من منصة الصحافة، سجلوا أيها المنظمون.

لن نفاجأ إذا ظهرت قروض استهلاك خاصة باقتناء تذاكر مباريات المنتخب الوطني من السوق السوداء.

لن نفاجأ إذا عشنا فرجة بسرعتين وبجمهورين: مباريات المنتخب المغربي الدافئة بجمهورها، ومباريات أخرى بمدرجات شبه فارغة.

عذرا فيكتور هوغو.

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى