حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الدوليةالرئيسيةسري للغايةسياسية

الجنرالات وظفوا «مجهولين» في مناصب حساسة لكي لا يتعرف عليهم المغرب

يونس جنوحي

مقالات ذات صلة

لم يكن كل العسكريين الذين احتك بهم هشام عبود، خلال الفترة التي قضاها بجانب جنرالات الجزائر، مديرا للديوان أو مكلفا بالتواصل وحضور اللقاءات السرية لتسجيل المحاضر، على صلة مسبقة بعالم الجيش. فقد كانت هناك حالات لأشخاص لا أحد عرف كيف وصلوا إلى المناصب العسكرية.

فلا ملامحهم ولا صفاتهم تعكس توفرهم على شرط من شروط ولوج الحياة العسكرية. وأعطى هشام عبود مثالا على ذلك بشخصية رجل كان يشتغل تحت إمرة الجنرال خالد نزار. كان سنه يتجاوز الستين في تسعينيات القرن الماضي، وكان دائم الحضور في الاجتماعات لكنه لا ينطق بكلمة نهائيا. ولا أحد كان يعلم دوره الحقيقي إلى جانب المسؤولين العسكريين المرافقين للجنرالات.

 

مناصب تبيض الذهب

يتعلق الأمر بخليفة رحيم، وهو أحد وجوه النظام الجزائري الذين راكموا ثروة كبيرة دون أن يعرف العامة أصولهم ولا مسارهم ولا كفاءاتهم المهنية. إذ إن هذا الأخير كان يسير في ظل الجنرال خالد نزار، وتعرف عليه كبار المسؤولين في الدولة عندما عين ملحقا عسكريا في سفارات الجزائر في عواصم العالم، حيث قضى قرابة العشرين سنة متجولا ومستفيدا من ميزات الجواز الدبلوماسي الجزائري بكل ما يتيحه لحامله من امتيازات. حيث استغل منصبه في السفارة لمراكمة الأموال بالعملة الصعبة.

وطبعا، كما يقول هشام عبود، لم يكن مطروحا نهائيا أن يمثل مسؤول جزائري أمام أي لجنة كيف ما كان نوعها لمساءلته عن ثروته أو مصدر الأموال التي بحوزته هو وأقاربه.

ولم يكن هذا حال خليفة رحيم فقط، وإنما حال مئات المسؤولين الذين كانوا يتوزعون بين المسؤوليات المدنية والعسكرية.

يتساءل هنا هشام عبود عن شخصية خليفة رحيم، قائلا: «كان خليفة رحيم ملحقا عسكريا في الخارج. هذا المنصب جعله يضخ في حسابه البنكي العملة الصعبة، بل ويستفيد من العلاج في الخارج من المال العام الجزائري في وقت لم يكن آلاف الجزائريين يجدون حبة أسبرين. هل يستطيع رؤساؤه كشف كيف يكون مثل هذا الرجل العجوز مفيدا للجزائر؟». يجيب هشام عبود عن السؤال قائلا إن هذا الرجل وأمثاله كان دورهم الحقيقي هو حراسة استثمارات الجنرالات في الخارج.

 

المغرب عدو أول

بالنسبة لهذه النخبة من المحظوظين الذين اشتغلوا في ظل الجنرالات الجزائريين، فإن رعاية مصالح مُشغليهم كانت مهنتهم الأولى. ومن بين جوانب الاشتغال لرعاية مصالح رؤسائهم وأولياء نعمتهم من الجنرالات، فقد كانت محاربة المغرب في عواصم العالم والتظاهرات العالمية، مهمة أساسية لهم أيضا.

يقول هشام عبود إن جل هؤلاء الأشخاص لم يكونوا يفهمون في السياسة ولم تسبق لهم ممارسة أي عمل سياسي. بل لم يكن لديهم أي مسار مهني ملفت مثل بقية النماذج التي استعرضها هشام عبود سابقا في هذه المذكرات. إذ لم يلتقطهم الجنرالات للعمل إلى جانبهم إلا لسبب وحيد وهو أنهم بدون مسار ولا ماض ولا إنجازات. كل ما يُطلب منهم أن ينفذوا التعليمات ويبقوا على أهبة الاستعداد لتلقي أوامر جديدة. لماذا يغامر هؤلاء الجنرالات، إذن، بتوظيف أناس بدون كفاءة وبدون ماض عسكري ولا سياسي؟ الجواب أن هؤلاء الجنرالات اختاروا أناسا من هذا النوع حتى لا يثيروا الانتباه في الخارج. إذ كان المغرب حاضرا في كل قرارات الجنرالات الجزائريين. وفي حال وظفوا أشخاصا من الجيش أو موظفين سابقين في المخابرات أو «أدمغة» من أصحاب الكفاءة، فإن توجههم سوف يكون مفضوحا في إطار التنافس المخابراتي. لكن اختيار أشخاص «نكرات» وترقيتهم بشكل مفاجئ لكي يصبحوا ممثلين مباشرين للنظام الجزائري، يُمكن الجنرالات من الاستفادة من خدمات أشخاص لا أحد يعرف عنهم أي شيء. فحتى هشام عبود، الذي اشتغل في ديوان خالد نزار وحضر المرحلة الانتقالية للسلطة بين الجنرالات الذين أسسوا «المافيا»، لم يكن يعرف أي شيء عن هذا النوع من الناس.

ولن نعدم أمثلة في هذا الباب. فقد كان هناك مسؤول جزائري اشتغل في منصب ملحق عسكري في سفارة الجزائر بباريس. وهو منصب حساس للغاية، لكن وُضع فيه رجل لم يكن مؤهلا نهائيا لهذا المنصب. إذ تم إقصاء نخبة الكفاءات الجزائرية الذين تكونوا عسكريا في الخارج، وتم تعويضهم جميعا بشخص كان عليه شبه إجماع بعدم توفره على كفاءة مهنية لشغل المنصب. ويتعلق الأمر بالسيد أحمد الصنهاجي، الذي استمر ملحقا عسكريا لمدة خمس سنوات لم يكن يمارس خلالها أي عمل في السفارة باستثناء حراسة الحساب البنكي ومراقبة مرور تحويلات العملة الصعبة إليه.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى