حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

الهشاشة الحضرية

على الرغم من إيجابية دخول المملكة مصاف الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة والقضاء على الفقر المدقع، بحسب تقارير المندوبية السامية للتخطيط، إلا أننا نواجه طبقا للتقارير نفسها خطر عودة اتساع الفوارق الاجتماعية، وانتشار الهشاشة بالمدار الحضري وهوامش المدن، ما يؤثر سلبا على القدرة الشرائية ويهدد بفشل أهداف المشاريع التنموية، لأنه بدون تحسين مستوى العيش والتشغيل لا يمكن الحديث عن النجاح الكامل وتحقيق التقدم والازدهار.

ولا شك أن الأزمات الاقتصادية وتبعات الجائحة ساهمت في ارتفاع معدل الفقر المطلق مجدداً سنة 2022، وكانت الزيادة حادة بشكل خاص في المدن، حيث قفز عدد الفقراء من 109 آلاف إلى 512 ألفاً بين سنتي 2019 و2022، ما يستدعي تحرك المجالس والقطاعات الحكومية المعنية لتنزيل استراتيجية واضحة تعالج الفوارق الاجتماعية داخل المدن، وتقطع مع سياسية الاهتمام بالواجهة والأحياء الراقية على حساب الهوامش والأحياء العشوائية.

وعند الحديث عن الهشاشة الحضرية، فإننا نتحدث مباشرة عن أحياء سكنية هامشية وعشوائية، بها كثافة سكانية عالية تفتقر إلى أبسط شروط العيش الكريم، وتنتشر فيها البطالة والجريمة بأنواعها، وتعاني داخلها الأسر من مظاهر الفقر وغياب القدرة على توفير السكن اللائق، وتخبط الأطفال داخل أزمات التفاوت الطبقي والمقارنة بين فقرهم المدقع والغنى الفاحش الذي تعيشه الطبقات الميسورة.

وبالعودة للمقارنة بين التنمية بالمدارين الحضري والقروي والمطالبة بالعدالة المجالية، يجب عدم إهمال المقارنة أيضا داخل المجال الحضري بين الأحياء الراقية ومراكز المدن من جهة والأحياء الهامشية من جهة ثانية التي تئن تحت وطأة انتشار الفقر والجهل وارتفاع نسبة الهدر المدرسي، وغياب توجيه الشباب إلى التكوين والتشغيل والمساهمة في التنمية، وضعف جودة الخدمات العمومية، وفرص الشغل الهشة التي يحصل عليها من يعيلون أسرهم وترتبط في الغالب بقطاعات غير مهيكلة ومداخيل غير منتظمة.

وما يؤسَف له هو أن جل المجالس الجماعية، وعوض العمل على محاصرة اتساع رقعة العشوائية والاهتمام بمعالجة الفوارق بين الأحياء الراقية والهوامش، تُمعِن في استغلال الملف انتخابويا، وتلهث خلف ركوب المعاناة الاجتماعية وتحويلها إلى خزانات انتخابية وتكرار توزيع الوعود المعسولة دون جدوى، فضلا عن شراء الأصوات وتحويل الملفات الاجتماعية إلى آليات للضغط وركوب السلم الاجتماعي.

إن معالجة الهشاشة الحضرية التي لا تقل خطورتها عن إهمال الفوارق المجالية بالقرى، تتطلب الجرأة السياسية لوقف اتساع العشوائية، والعمل على التنسيق بين كافة المؤسسات المعنية لتوفير معايير السكن اللائق، وتجهيز البنيات التحتية، وتجويد الخدمات العمومية خاصة قطاعي الصحة والتعليم، والاهتمام بالفئات الشابة ومواكبتها لإنقاذها من براثن المخدرات وشبكات التطرف والاتجار في الممنوعات، وتقييم مدى الاهتمام بمعاناة السكان والمحاسبة في نتائج المشاريع التنموية والتركيز على التكوين والتشغيل، لأنه بدون شغل لا توجد كرامة والفقر والهشاشة مصدرهما البطالة والجهل والتهميش والإقصاء وغياب العدالة في كل شيء، وهو الأمر الذي نبه إليه خطاب العرش بلغة واضحة وصادقة، وواجب المؤسسات هو العمل على بلورته إلى مشاريع حقيقية على أرض الواقع بكثير من العمل الجدي وقليل من الكلام.

 

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى