
مروان قبلان
لا يبدو أن ما تبقى من سنة 2020 سيكون أقل صعوبة مما انقضى منها، فالعام الذي بدأ بأزمة كبيرة كادت تشعل حربا، عقب تصفية الولايات المتحدة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني بمطار بغداد، ثم انتشار جائحة كورونا التي قتلت نحو مليون إنسان، وألقت ملايين آخرين في براثن الجوع والمرض، والكوارث الطبيعية التي ضربت في غير مكان، لا يعطي هذا العام أي إشارة إلى أن نهاياته ستكون أفضل من بداياته.
خلال الشهور الثلاثة المتبقية، تطل مجموعة استحقاقات يتوقع أن تكون لها تداعيات مهمة في المنطقة والعالم، ففي 18 من الشهر المقبل ينتهي حظر بيع السلاح على إيران، بموجب قرار مجلس الأمن 2231 الذي صدر عقب الاتفاق النووي لعام 2015، ومن غير الواضح ما ستفعله إدارة ترامب إزاء ذلك، بعدما فشلت في استصدار قرار من مجلس الأمن بتمديد الحظر، وتواجه مقاومة شديدة من حلفائها الأوربيين بشأن تفعيل آلية (snapback) المنصوص عليها في الاتفاق، لإعادة فرض العقوبات الدولية في حال خرق إيران له، باعتبار أن واشنطن لم تعد تملك هذا الحق بعد انسحابها من الاتفاق. وتواجه واشنطن تحديا كبيرا إذا قررت الصين، أو روسيا، إقرار مبيعات سلاح ضخمة لإيران، بمجرد رفع الحظر، فيما هي تحاول أن تحشد إقليميا لمواجهتها.
وبينما تستعد طهران وواشنطن لفترة صعبة في ما تبقى من العام، ينتظر الطرفان، ومعهما العالم، موجة ثانية من جائحة كورونا مع الشتاء. وتعد الولايات المتحدة وإيران من أكثر البلدان المتضررة من الوباء، فقد قتل الوباء نحو 200 ألف إنسان في الأولى، ونحو 25 ألفا في الثانية، بحسب إحصاءات رسمية. ولم يكن تأثير الوباء على الاقتصاد أقل وطأة، ففي أمريكا ارتفعت نسب البطالة من 3.6 في المائة قبل انتشار الوباء، لتصل إلى أكثر من 15 في المائة في ماي الماضي، قبل أن تعود وتنخفض إلى نحو 10.6 في المائة اليوم. أما في إيران فقد جاء الضرر مضاعفا بسبب العقوبات الاقتصادية، إذ هوت العملة بنسبة تفوق 400 في المائة، منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي في ماي 2018، فيما تقلصت عائدات تصدير النفط، بحسب الرئيس حسن روحاني، إلى 15 في المائة مما كانت عليه (20 مليار دولار فقط، بعدما كانت 120 مليار دولار عام 2013).
بالنسبة إلى إيران، تشكل خسارة ترامب في الانتخابات الرئاسية المقبلة أملها الوحيد لتجاوز أزمتها، لكن خروج ترامب من البيت الأبيض يمثل، بحد ذاته، تحديا من نوع آخر في ما تبقى من هذا العام. وتذهب أكثر التوقعات بشأن الانتخابات الأمريكية إلى سيناريوهات قاتمة، إذ يجزم بعضهم بحصول معركة دستورية طويلة، ستبدو أمامها معركة بوش الابن وآل غور عام 2000 مجرد تفصيل صغير، إذ إننا قد نصل إلى 20 يناير 2021، اليوم الذي تنتهي فيه ولاية الرئيس ترامب، من دون أن نعرف هوية الفائز بالانتخابات. وبحسب تقرير لـ«سي إن إن»، فإن الجزء الأكبر من القاعدة الديمقراطية سوف يصوتون عن طريق البريد بسبب جائحة كورونا، في حين سيصوت الجزء الأكبر من الجمهوريين في مراكز الاقتراع، ولما كانت نتائج التصويت عبر البريد تأخذ وقتا أطول في الوصول والفرز، سوف تظهر نتائج الأيام الأولى للانتخابات فوز ترامب، لكن النتيجة ستتغير بعد ذلك لصالح بايدن. وسيعطي هذا الأمر ترامب فرصة للطعن في النتائج، وسيدفع باتجاه إعادة الفرز، ربما أكثر من مرة، خصوصا في الولايات المتأرجحة، ما يعني أننا قد نصل فعلا إلى 20 يناير من دون أن نعرف هوية الفائز، وإذا حصل ذلك سيتطلب الأمر حينها تدخل المحكمة الدستورية العليا، التي نجح ترامب في تعيين اثنين من قضاتها خلال السنتين الأوليين من حكمه.



