حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةتقارير

جنازة مهنة

تفاجأ الرأي العام وعدد من الصحافيين بما نشر من صورة لطفل قاصر يحصل على تصريح من مسؤول أمني، في الوقت الذي يعلم فيه القاصي والداني أن هاته المهنة، المفترض أنها منظمة بقانون والتي كان يطلق عليها «صاحبة الجلالة»، تحولت إلى مهنة من لا مهنة له، وقبلة لتطفل العديد من العاطلين عن العمل وضحايا الهدر المدرسي وملاذا منقطع النظير من طرف غرباء ومتطفلين على المشهد الإعلامي.

والغريب في الأمر أن سؤال «من هو الصحافي المهني؟» حتى وقت قريب كانت الإجابة واضحة هو أن الصحافي هو مَن يتوفر على بطاقة منظمة بقانون ويقوم باستمرار في مؤسسة مهنية بإنتاج مواد تحريرية، يتم نشرها أو بثها إلى الجمهور، سواء أكان ذلك ورقيا أو سمعيا أو بصريا أو إلكترونيا، لكن اليوم أصبح تقديم جواب حول تعريف الصحافي مستحيلا بعدما فتحت بفعل فاعل أبواب المهنة على مصراعيها، وأصبح الداخل إلى هذا المجال بدون قانون أكثر من الخارج منه، فتذبذَبت هذه المهنة ودفعت المواطن إلى فقدان  ثقته في أغلب الوسائل الإعلامية، فلا برامج إذاعية تلبي كل احتياجاته ولا برامج تلفزيونية تتطلع لمعظم همومه، ولا جرائد تضطلع بدورها من أجل «الإخبار» والتثقيف ولا مواقع إلكترونية تفي بغرض الثورة المعلوماتية.

والواقع أن كل من أصبح يحمل كاميرا يدوية وميكروفونا يغزو أرض الصحافة وينتحل صفة الصحافي دون أن يسأله أحد من أهل الحل والعقد في المهنة والمؤسسات الوصية عن شروط ممارسة الصحافة ودون أن يلاحقه القانون ودون أن تسأله المؤسسات التي تسخره عن حد أدنى من الدراية في الكتابة الصحفية وأخلاقيات المهنة، وهكذا أصبحت الفوضى سيدة الميدان، بل امتد الأمر إلى قيام بعض منتحلي الصحافة من المنحرفين بابتزاز المسؤولين ورجال الأعمال والسياسيين خلال الندوات فحولوها إلى مرتع للاسترزاق، ومصدر للإثراء غير المشروع وأفقدوها شرعيتها ومصداقيتها، ليعم الفساد والارتباك وسوء التدبير عالم الصحافة، مما ساهم في الإساءة إلى الحقل الإعلامي والعاملين الغيورين، وأفرغ رسالته الإنسانية من أبعادها التنويرية.

للأسف الجميع بدرجات متفاوتة ظل يتفرج على هاته المجزرة في حق مهنة المتاعب وعلى رأسها المؤسسات الوصية التي اكتفت بمتابعة هذا الانتحار المبرمج لمهنة الصحافة دون التدخل الصارم لإعادة الهيبة والثقة لمهنة منظمة بقانون مثلها مثل مهن المحاماة والطب والصيدلة وسائر المهن.

وبكل صراحة فالقضاء من خلال النيابة العامة يستوجب عليها إعمال اختصاصاتها داخل نفوذها الترابي اتجاه كل من سولت له نفسه انتحال صفة صحافي، فمدونة الصحافة والنشر أعطت للقضاء سلطات واسعة في ولادة المؤسسات الصحفية وموتها وطيلة حياتها وبإمكان وكلاء الملك بمختلف جهات المملكة أن يضعوا حدا للخروقات اليومية لمهنة الصحافة من طرف مجرمين.

الأمر نفسه ينطبق على المجلس الوطني للصحافة بما يتوفر عليه من سلطات قانونية تخوله سلطة التدبير الذاتي للمهنة بعيدا عن بيانات الشجب والمتابعة عن كثب. لا شك أن المجلس يتابع يوميا مظاهر إفساد الصحافة وضرب مصداقيتها وعليه أن يتحرك عاجلا قبل أن يعم الخراب على ما تبقى من نقاط ضوء إعلامية.

طبعا لا يمكن نفي مسؤولية الدمار الذاتي لمهنة الصحافة عن السطات المحلية التي توظف بعض المواقع ومنتحلي الصفة ممن ليس لديهم حتى مؤهل الشهادة الابتدائية لحساباتها الخاصة، وأيضا المقاولات الصحفية وقبيلة الصحافيين أنفسهم من خلال النقابة والجمعيات الممثلة لهم.

 

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى