حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

حقد يمتد من الصحراء إلى البحر

 

 

نعيمة لحروري

 

 

منذ أن استقل المغرب والجزائر عن الاستعمار، كان يفترض أن تتفتح بينهما أزهار الجوار، وأن يربطهما تاريخ مشترك ولغة واحدة ودين واحد. لكن ما زرعه الاستعمار في الخرائط، أكمله العسكر الجزائري في النفوس. فتحولت الحدود إلى جرح مفتوح، والبحر إلى خط نار والسياسة إلى معركة عبثية ضد كل ما هو مغربي.

ليس الأمر خلافا عابرا بين حكومتين، بل عقيدة راسخة لدى النظام الجزائري، يتوارثها جيل بعد جيل من جنرالاته: كل ما يحمل بصمة مغربية، من التراب إلى التراث، هو هدف مشروع للمحاربة والتشويه. من قضية الصحراء التي اختطفوها لتكون ورقة ابتزاز، إلى محاولات سرقة الموروث الثقافي، إلى المعارك الدبلوماسية في كل قارة، إلى الحملات الإعلامية التي لا تنقطع، حيث تُسخّر القنوات الرسمية والخاصة لتشويه صورة المغرب وشعبه.

إنه حقد لا يقف عند الكلمات. رأيناه في قرارات إغلاق الحدود منذ عقود، وفي تسميم الأجواء السياسية، وفي قطع العلاقات الدبلوماسية بذرائع واهية، وفي طرد آلاف المغاربة من أرضهم وبيوتهم في السبعينيات بقرارات لاإنسانية. رأيناه في البحر حين أطلقوا الرصاص على سائحين مغربيين ضلا الطريق، ورأيناه مجددا حين أسقطت رصاصاتهم شابا أعزل في عرض السعيدية، فقط لأنه كان على الجانب «الخطأ» من خط وهمي رسمته الخرائط.

كل ذلك بينما يرفعون شعارات الأخوة، ويتحدثون في المحافل الدولية عن حقوق الشعوب، وهم أول من ينتهك أبسط هذه الحقوق. يتحدثون عن تقرير المصير في الصحراء، وهم يسجنون أبناء القبائل الصحراوية في تندوف، ويمنعونهم من حرية التنقل والاختيار. ينددون بالاحتلال، بينما هم أنفسهم يحتلون فرصة المصالحة بين الشعبين.

لكن الحقد لا يغير الجغرافيا، ولا يمحو التاريخ. فالمغرب، على الرغم من هذه الحرب الباردة الطويلة، يمد يده بالمبادرات، ويستمر في مساره التنموي، ويثبت في كل موقف أن خلافه مع النظام الجزائري لا يعني عداء مع الشعب الجزائري. رأيناه قبل أيام حين أنقذ شباب مغاربة شابا جزائريا لفظه البحر على سواحل طنجة، في مشهد يجسد الفارق بين من يطلق النار على جاره ومن يمد له يد الحياة.

إن ما يحاول النظام الجزائري فعله هو تحويل العداء السياسي إلى عداء شعبي، لكنه ينسى أن الشعوب لا تربى على الكراهية، وأن جدار الحقد مهما ارتفع سيظل هشا أمام لحظة إنسانية واحدة صادقة. فالتاريخ علمنا أن الأحقاد مهما طال عمرها، تزول، لكن العار يبقى ملازما لمن صنعها.

وفي النهاية، سيأتي يوم يُسقط فيه الشعب الجزائري هذه العقيدة المسمومة، ويمد الجسور من جديد نحو المغرب، لأن من يملك قلبا حيا لا يستطيع أن يعيش إلى الأبد في ظل الحقد. أما النظام الذي يصر على صناعة الموت بدل الحياة، فلن يكتب له أن ينتصر، لأن القلوب الكبيرة دائما تنتصر في النهاية، والمغرب قلبه كبير.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى