
محمد اليوبي
بعد إلغاء لائحة «ريع» الشباب في انتخابات مجلس النواب لسنة 2021، عاد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، للمطالبة بهذه اللائحة لما تضمنه من مقاعد في المتناول للمقربين والموالين. وطالب الحزب، في مذكرته المرفوعة إلى وزارة الداخلية حول تعديل القوانين الانتخابية، أيضا، بالرفع من عدد المقاعد المخصصة للنساء في اللوائح الجهوية وتخصيص لائحة «ريع» جديدة تحت مسمى «لائحة الأطر والكفاءات».
ويطالب الحزب، في مذكرته، بتعزيز نسبة التمثيلية على مستوى الدوائر الجهوية، وذلك بالرفع من عدد المقاعد المخصصة للنساء في هذه الدوائر، لتنتقل إلى ثُـــلُث إجمالي المقاعد، مع اتخاذ كل التدابير الأخرى التي من شأنها التحقيق الفِــعلي للمناصفة الكاملة بين النساء والرجال داخل تشكيلة مجلس النواب المقبل. ويقترح الحزب إلزام لوائح الدوائر المحلية لكل حزب، على صعيد كل جهة، بوجود امرأة أو شاب دون 40 سنة على رأس واحدة منها على الأقل، تحت طائلة الحرمان التام من التمويل العمومي، أو على الأقل تحت طائلة خصم نسبة التمويل العمومي المحتسب بناءً على أصوات ومقاعد الحزب المعني بالجهة المعنية.
وطالب حزب التقدم والاشتراكية، كذلك، بالعودة إلى اعتماد لائحة للشباب، مع تطبيق نظام التناوب على اللوائح الانتخابية، وهو ما يتطلب من الأحزاب وضع مرشحات ومرشحين بالتناوب على لوائحهم الانتخابية، بدءًا بالنساء، مما يعني أن 50% من المرشحين بهذه اللائحة يجب أن يكونوا من النساء و50% من الرجال. ويهدف هذا النظام، حسب مذكرة الحزب، إلى ضمان عدم وضع المرشحات في ذيل اللوائح، وبالتالي زيادة فرصهن في الفوز. ويقترح الحزب كذلك العمل بـ«كوطا» المرشحين القانونية، حيث تُلزَمُ الأحزابُ السياسية بترشيح نسبة محدَّدَة بالقانون من النساء على لوائحها الانتخابية المحلية، كمتطلب قانوني إجباري، بالإضافة إلى «كوطا» الأحزاب الطوعية، حيث تتبنى الأحزاب السياسية هذه الكوطا طواعية ضمن لوائحها الداخلية، دون إلزام قانوني.
ومن أجل تشجيع الأحزاب على ذلك، يقترح حزب التقدم والاشتراكية أن تلتزم الدولة بوضع تمويلات إضافية للأحزاب عن ترشيحات النساء في لوائحها، لتشجيعها على الرفع من التمثيلية النسائية، أساساً حسب نسبة المرشحات في اللوائح الانتخابية، وأيضاً حسب المقاعد النسائية المحصل عليها، مع توفير تمويل إضافي مباشر للنساء المرشحات في الدوائر المحلية، لمساعدتهن على تجاوز التحديات المالية التي تَحُولُ عادةً دون ترشحهن.
ويطالب الحزب بإحداث صندوق لدعم المشاركة السياسية للشباب على غرار صندوق دعم مشاركة النساء، مع إعفاء المرشحين الشباب من أداء مبلغ الضمانة المحدد في 5 آلاف درهم. ويقترح الحزب وضع لائحة «ريع» ثالثة تنضاف إلى لائحتي النساء والشباب، من خلال اعتماد دائرة وطنية إضافية للأطر والكفاءات (إلى جانب الدوائر المحلية والجهوية)، يتم الاتفاق على عددها، مناصفةً بين النساء والرجال (امرأة-رجل)، مع إلزام تمثيلية ثلثي الجهات على الأقل، للرفع من مستوى الأداء العام لمجلس النواب، وإحداث دوائر انتخابية خاصة بالمغاربة المقيمين بالخارج، تناسبيا مع توزيعهم في الخارج.
وكانت لائحة الشباب أثارت جدلا في الولايتين السابقتين، ما دفع وزارة الداخلية إلى إلغاء هذه اللائحة في الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2021. واعتبر المجلس الدستوري، في قرار سابق، أن اللائحة الوطنية للشباب والنساء مجرد تدبير مؤقت لتشجيع فئات معينة على ولوج العمل السياسي والبرلماني، كما أثارت اللائحة الوطنية للشباب جدلا دستوريا وقانونيا، بين من اعتبرها ريعا سياسيا، وبين من اعتبرها ضرورة فتح المجال أمام الشباب للعمل السياسي، فيما يرى آخرون أن اللائحة الوطنية تعد خارج الثوابت الديمقراطية، لأنها لا تعكس الاختيارات الحقيقية للناخبين عبر صناديق الاقتراع باعتبارها التعبير الأسمى عن إرادتهم. وحملت لائحة الشباب الكثير من الانتقادات، خلافا للائحة النساء التي اعتبرها المتتبعون مقبولة من الناحيتين السياسية والاجتماعية، لأنها تقوم على التمييز الإيجابي لتمكين النساء من ولوج المؤسسة التشريعية وتسهيل ولوجهن للعمل السياسي.
لكن مع إقرارها منذ انتخابات سنة 2011، واجهت اللائحة الوطنية للشباب انتقادات لكونها تقوم على التمييز الفئوي، وفتحت المجال أمام تشجيع الريع السياسي، وهو ما تجسد فعلا في الانتخابات التشريعية السابقة، حيث غابت المعايير السياسية في اختيار المرشحين، وتم مقابل ذلك تغليب منطق العلاقات العائلية والولاء الحزبي في اختيار النساء والشباب المرشحين ضمن لوائح «الريع» الحزبي.





