حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرأيالرئيسية

نحنُ و«لبرطقيز»..

لا أحد نام ليلة الأحد. هنا، على بُعد بضعة أقدام من مضيق جبل طارق، لم ينم أحفاد الذين حاربوا «لبرطقيز» قبل قرون خلت. ليلة بيضاء عاشها سكان الشمال احتفالا بالإنجاز التاريخي للمنتخب المغربي في مباراة السبت أمام منتخب البرتغال خلال إقصائيات نصف نهائي كأس العالم.

مقالات ذات صلة

 

نحنُ رسميا أول منتخب إفريقي وعربي وإسلامي وأمازيغي أيضا يصل إلى هذه المرحلة، ولم يعد يفصلنا عن معانقة الكأس سوى مباراتين فقط.

 

كل الدول التي صمدت إلى الآن مع المغرب، لديها تاريخ عريق جدا في كرة القدم، وتتصدر قائمة المنتخبات منذ أزيد من نصف قرن. بينما نحنُ الذين عشنا مشاكل تنظيمية كثيرة خلال العقدين الأخيرين، ولم يسبق لنا الوصول إلى ربع النهائي إلا مرة واحدة فقط، ومرت عليها ست وثلاثون سنة كاملة بأحزانها وأفراحها ومواسم أمطارها وجفافها وأزمتها ورخائها، ها نحنُ مرة أخرى نعود إلى تصدر المنتخبات المشاركة من حيث تلقي الأهداف، إذ لم يُسجل في شباك المنتخب المغربي منذ بداية كأس العالم سوى هدف يتيم ما كان ليُسجل لولا هفوة بسيطة تحدث في «أحسن المنتخبات».

 

في العرائش، التي لا تزال أسوارها تحمل ندوب قصف المدافع الإسبانية والبرتغالية، خرج سكان المدينة احتفالا بانتصار أسود الأطلس على المنتخب البرتغالي، ورأوا النجم «رونالدو» يذرف الدموع وهو يغادر أرضية الملعب، بينما أحفاد طارق بن زياد يقفزون فرحا فوق العشب. هؤلاء المغاربة بالضبط يستحقون الاحتفال.

 

في الجديدة، التي بُنيت لحماية البلاد من غارات البرتغاليين منذ قرون خلت، خرج الناس أيضا للاحتفال. يلوحون بالأعلام ويستعرضون الفرق الشعبية التي خرج أفرادها لإحياء الحفلات المجانية في الشارع العام. لم يعد في عجلة من أمره. لا أحد يمانع في أن يبقى عالقا في الإشارة الضوئية. لا يهم اللون بقدر ما تهم المشاركة في الاحتفال.

 

حتى سيارات نقل الأموات في مدينة وجدة شاركت في الاحتفالات. بإمكان الموت أن ينتظر، الأحياء أنفسهم لم يسبق لهم أن جربوا إحساسا مماثلا. الوصول إلى نصف نهائي كأس العالم، خبر ما كان ليصدقه أحد في المغرب قبل شهر فقط من اليوم. حتى المجانين لن يُراهنوا على إنجاز من هذا النوع.

 

في الدار البيضاء لم ينم الناس ليلتهم وأصروا، وهم هواة السهر رقم واحد في المغرب، على قضاء الليلة في الخارج رافعين الأعلام الوطنية. ممارسو رياضة النشل أخذوا الليلة الماضية عطلة، ولم يقترب أحد من أي هاتف ذكي يوثق لحظات الاحتفال، فعظمة اللحظة جعلت المغاربة جميعا يتضامنون في ما بينهم. بل حتى باعة الوجبات السريعة لم يمانعوا منح وجبات مجانية للشباب المحتفلين أمام محلاتهم بتأهل المنتخب المغربي إلى المربع الذهبي.

 

في العيون والداخلة وبوجدور، خرج الناس للاحتفال بالإنجاز الرياضي. لا أحد رأى انفصاليا واحدا. ربما في «الجبهة»، لم يحن وقت المباراة بعدُ. وربما وزعوا منشورات على بعضهم البعض يمنعون فيها مشاهدة المباريات، وكأن الناس العالقين في المخيمات يملكون فعلا أجهزة تلفاز لمشاهدة المباراة!

 

آن لنا نحن أحفاد الذين خاضوا المعارك ضد البرتغال، أن نفرح. ليس لأننا حصدنا تذكرة العبور إلى منصة أفضل المنتخبات فوق الأرض، ولكن لأننا أخذنا التذكرة من بين أيدي البرتغاليين، الذين كانوا دائما في طليعة الأمم التي قادت الاكتشافات العالمية. ونسبوا إلى أنفسهم اكتشاف ربوع القارة الأمريكية ورأس الرجاء الصالح، ولم يذكروا للتاريخ أنهم بأجدادنا، مثل «بن حدو الأزموري»، في تلك الاكتشافات.

 

ها نحن صححنا الآن حقيقة تاريخية حديثة على الأقل، وهي أن المغاربة بمقدورهم أيضا العبور على حساب المنتخبات التي طالما رسخت لدى شعوبها أنها أفضل من لعب الكرة.

 

تنتظرنا مباراة أخرى أمام فرنسا. النتيجة تهم، وهذا الشعب لن يُمانع أبدا في جرعة انتصار إضافية. بل هناك من بدأ يخطط لتحديد مكان وضع مجسم كأس العالم، حتى لو كان من الجبس أو البلاستيك، ويتساءل أين يمكن أن يضع الكأس: هل بجانب صورة الجد الذي قاوم فرنسا، أم أسفل آية الكرسي.

 يونس جنوحي

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى