حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

أزمة تواصل

أثار الخطاب الملكي، بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الأخيرة بالبرلمان، مشكل غياب التواصل بشأن السياسات العمومية والمشاريع الاستراتيجية ومستجدات التحولات المجتمعية. وهو الشيء الذي يسائلنا جميعا، من أجل مضاعفة الجهود المبذولة في التعريف باستراتيجية المملكة الشاملة في التنمية والاستثمار الجيد في التظاهرات القارية والعالمية، بشكل مباشر وغير مباشر، وتحقيق انطلاقة قوية في مجالات السياحة والصناعة، وتجهيز بنيات تحتية ضخمة تساهم في جلب الاستثمارات العالمية.

وظهرت أزمة غياب التواصل مع الفئات الشابة بشكل جلي، أثناء الاحتجاجات الاجتماعية على قطاعي الصحة والتعليم والمطالبة بفرص الشغل، فضلا عن الخلل المسجل في دور الوساطة بين صوت الشارع والدولة، وجمود دور الأحزاب السياسية في التأطير والاستقطاب، وتحول عدد من المؤسسات الثقافية والجمعيات الشبابية إلى مجرد ديكور تستهلك المال العام دون جدوى، وتوجد خارج متابعة المستجدات واهتمامات الشباب بالساحة السياسية والثقافية والاجتماعية.

إن المطلوب في الوقت الراهن بالذات ليس فقط تحقيق الإنجاز في المشاريع والاستراتيجيات الكبرى، بل أيضا شرحها وتقريبها من المواطن، وإشراكه في النقاش العام، خاصة فئة الشباب التي تمثل المستقبل الحقيقي للوطن، ويعول عليها لحمل مشعل التنمية.

لا يمكن إنكار أن المغرب يشهد تحولات تنموية كبيرة، عبر مشاريع ضخمة في مجالات البنيات التحتية، والماء، والطاقات المتجددة، والتصنيع، إذ رغم أثرها الإيجابي في خلق فرص الشغل على المديين القريب والمتوسط، وتحسين الخدمات، إلا أن ضعف التواصل المؤسساتي وذلك المتعلق بالجمعيات التي تنشط في المجال، يجعل فئات واسعة من الشباب غير مطلعة على التفاصيل، ولا ترى نفسها أنها معنية بذلك.

وطبعا فإن فرص الشغل يلزمها التكوين وفق الجودة المطلوبة، والمقارنة مع الدول المتقدمة يلزمها البحث والتعمق في المسارات التي سلكتها هذه الدول وعامل الزمن الذي لا يجب القفز عليه، مع الحرص على الخصوصية المغربية، وتكريس التربية على المواطنة، كمدخل أساسي لإعادة بناء الثقة وتكوين جيل يشعر بالانتماء والالتزام تجاه الوطن.

ومن المعلوم أن أزمة التواصل تؤدي دائما إلى سوء الفهم، أو استغلال المعلومة وتوظيفها لخدمة أجندات خاصة لا علاقة لها بالمصالح العليا للوطن، كما أن المنصات التحريضية العالمية التي تنتشر كالفطر لها دور كبير في تحريك وتوجيه الاحتجاجات بما يخدم مصالح خارجية، وهو الشيء الذي يجب التواصل بشأنه مع الشباب وفق معايير حديثة، وبعيدا عن الوسائل التقليدية التي لا تميل إليها الفئات المعنية.

إن الشباب اليوم يعيش في عالم رقمي سريع، منفتح على تجارب دولية وخطابات متعددة، وهو ما يستوجب من صناع القرار تطوير طرق تواصلهم، وفتح قنوات حوار حقيقية تستوعب تحولات التفكير والاهتمامات وحتى لغة الحوار، والاحتياجات الجديدة التي يجب تقديرها وفهمها وأخذها بعين الاعتبار، لا الإهمال أو الاستغراب.

ومن المهم جدا تذكير الشباب بأن كل ما يُبنى اليوم وتصرف عليه الملايير، من أجل تشييد بنيات تحتية وإصلاحات كبرى، هو موجه إليهم بالدرجة الأولى ومن أجلهم، وهم في كل الأحوال ليسوا متفرجين فقط، بل جزء أساسي من بناء مغرب 2030، وتقع عليهم مسؤولية الإسهام في هذا البناء، لا فقط تقديم ملفات مطلبية، أو الاحتجاج الذي يكفله الدستور.

ولعل ما ينقصنا في البلاد هو شعلة الأمل، التي يحاول البعض إخمادها في نفوس الشباب، بدفعهم إلى اليأس والإحباط وممارسات سلبية وتبخيس جهود محاربة الفساد، ما يستدعي العمل الجماعي دون استثناء بروح وطنية عالية ونكران للذات على إعادة مد جسور الثقة بين ما تنجزه الدولة والمجتمع، خاصة الشباب، والبداية من الإنصات الجيد، والتواصل الحديث والصادق، لأنه لا مستقبل بدون أمل، ولا أمل يُصنع بدون تواصل حديث وجيد.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى