
يعتبر “الأنتربول”، الذي تأسس في سنة 1923، منظمة دولية للشرطة الجنائية هدفها الأساس تدعيم القدرات الوطنية وتبادل المعلومات والخبرات بين الأجهزة الأمنية في 196 دولة عضو، بغرض الوقاية ومكافحة الامتدادات العابرة للحدود الوطنية لمختلف أنواع الجرائم والتهديدات الأمنية.
لذا تحولت مدينة مراكش، وهي تحتضن الدورة الثالثة والتسعين للجمعية العامة للأنتربول، إلى نقطة نقاش عالمي للمقاربات الأمنية في عالم متحول، بحضور وفود من 196 دولة، وهو ما يعكس انشغال الجميع بموضوع الهندسة الأمنية.
في مدينة مراكش التقى صناع القرار الأمني، وتبادلوا وجهات النظر حول موضوع يشغل بال جميع الدول الكبرى والصغرى على حد سواء.
في مراكش، أجمع الحاضرون على أهمية التعاون الدولي في هذا المجال، عبر شراكات استراتيجية تسهل ضبط الأمن وتتيح فرص التعاون وتبادل المعلومة الأمنية وتيسير ولوج أنظمة المعلومات بين الدول في أفق ربطت الأمن الداخلي بشبكات الأمن الإقليمي والدولي.
في مراكش تبين للحاضرين، والغائبين أيضا، أن استضافة هذا الحدث من طرف المغرب يزكي مكانته في المنظومة الأمنية العالمية، وأن التجربة المغربية في مكافحة الإرهاب تحولت إلى نموذج يدرس في معاهد الشرطة، خاصة على المستوى الاستخبارات.
لم يقتصر الاعتراف الدولي بالتجربة الأمنية المغربية على الإشادة الخطابية، بل تجسد في مجموعة من المناصب المرموقة التي حصلت عليها الأطر الأمنية المغربية من عبد الرحمان الربيع إلى عبد اللطيف حموشي، مرورا بالعديد من القيادات الأمنية المغربية التي سجلت حضورها في هيئات عربية وإفريقية وعالمية، خاصة على مستوى المنظمة الدولية للشرطة الجنائية “الأنتربول”، ما يعكس قدرتها على المزاوجة بين الفعالية الميدانية والالتزام بمعايير الحكامة الأمنية الحديثة ووضع تجاربها رهن إشارة المجتمع الأمني دوليا، من أجل حماية المواطن، ودعم التنمية المستدامة بخلق مناخ آمن.
الملف الأسبوعي لـ”الأخبار” يقربنا من الحضور الأمني المغربي في غرف القرار الأمني جهويا وقاريا وعالميا.
الدخيسي.. نائب رئيس “الأنتربول” رئيسا لشرطة إفريقيا
حين انتخب والي الأمن محمد الدخيسي، ممثلا لمديرية الأمن الوطني، لشغل منصب نائب رئيس المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الأنتربول) عن قارة إفريقيا، في دورة غلاسكو العام الماضي، تبين حجم وقيمة المغرب في المنظومة الأمنية العالمية.
قال بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني: “تم انتخاب ممثل المملكة المغربية بالأغلبية من طرف مندوبي 96 دولة عضو، بفارق كبير مقارنة مع باقي المرشحين، وذلك ضمن عملية التصويت التي شهدتها الدورة الثانية والتسعين للجمعية العامة للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية- أنتربول، بمدينة غلاسكو باسكتلندا، خلال الفترة الممتدة ما بين 4 و7 نونبر 2024، تقديرا لجهود المغرب في صون الأمن والاستقرار على الصعيد الإقليمي والدولي، وتثمينا كذلك لدوره الرائد في تعزيز التعاون الأمني جنوب-جنوب”.
استند الترشيح على التوجيهات الملكية السامية التي جعلت من التعاون جنوب -جنوب خيارا استراتيجيا وأولوية بالنسبة للمملكة وشركائها في إفريقيا، وفق رؤية تركز على تطوير العلاقات التي تربط المغرب مع البلدان الإفريقية على جميع المستويات، بما فيها المستوى الأمني. يضيف البلاغ.
ساعد على بلوغ المغرب لهذا المنصب العالمي، سعيه لتجفيف منابع شبكات الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر ومنعها من الارتباط العضوي بشبكات الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية.
ومنذ انتخابه في هرم البوليس الإفريقي، شرع المغرب في تنسيق الجهود مع المكاتب المركزية الوطنية في الدول الإفريقية وفي باقي دول العالم، بهدف توفير الاستجابة السريعة والناجعة لمواجهة التهديدات الإرهابية المرتبطة بالأقطاب الجهوية للتنظيمات المتطرفة، وكذ تنسيق الجهود المشتركة بشأن المخاطر غير النمطية المرتبطة بإساءة استغلال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيات الحديثة من طرف جماعات الإجرام المنظم.
وكان المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني عبد اللطيف حموشي قد ترأس وفد المملكة المغربية المشارك في أشغال الجمعية العامة للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية- أنتربول، المنعقدة بمدينة غلاسكو بإسكتلندا، العام الماضي، وشارك في المباحثات متعددة الأطراف واللقاءات الثنائية التي تناولت سبل توطيد التعاون الأمني الدولي، وتعزيز العمل الشرطي المشترك، فضلا عن دعم ملف ترشيح المغرب لمنصب نائب رئيس منظمة “الأنتربول” عن قارة إفريقيا.
والتحق الوجدي، محمد الدخيسي، بسلك الشرطة عام 1989 ضابطا، حيث سرعان ما جرى تعيينه سنة 1990 رئيسا للقسم القضائي الثاني بمصلحة الشرطة القضائية بفاس، قبل أن يعين في السنة الموالية بالمصلحة ذاتها رئيسا لقسم التحقيق الجنائي في الجرائم المالية والاقتصادية.
وعين سنة 1995 رئيسا للفرقة الجنائية بالشرطة القضائية بمسقط رأسه، وجدة، وتنقل من سنة 1996 إلى 1998 بعد ترقيته إلى عميد شرطة، ما بين رئاسة الدائرة الأمنية السادسة والدائرة الأمنية السابعة بالمدينة نفسها، ثم رئيسا لمفوضية الأمن بتاوريرت. وحظي الدخيسي عام 2001 بثقة المدير العام للأمن الوطني وقتها، مولاي حفيظ بنهاشم، ليعين رئيسا للمنطقة الثالثة بولاية أمن الرباط، وبعد سنتين تولى منصب عميد مركزي بالأمن الإقليمي بسلا.
وعلى عهد الجنرال حميدو لعنيكري، عين في سنة 2005 رئيسا للمنطقة الأمنية بولاية أمن فاس، ومع تولي الشرقي الضريس خلافة لعنيكري على رأس الإدارة العامة للأمن الوطني، تم تعيينه سنة 2006 رئيسا للمنطقة الإقليمية لأمن الناظور.
وتحمل الدخيسي برتبة مراقب عام، سنة 2009، منصب والي أمن ولاية العيون، وعين في سنة 2012 واليا للأمن على الجهة الشرقية، وفي عام 2014 واليا للأمن بجهة مراكش في نسختها القديمة والجديدة، إلى حين ترقيته في يناير 2016 إلى منصب مدير مكتب الأنتربول بالمغرب ومدير مديرية الشرطة القضائية.
حموشي عضوا بالمجلس الأعلى لجامعة نايف للعلوم الأمنية
يشارك المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني عبد اللطيف حموشي، بانتظام في الاجتماعات السنوية للمجلس الأعلى لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، كما يحضر مراسم الحفلات الرسمية لتخرج الطالبات وطلبة الدراسات العليا للجامعة، التي تعتبر الذراع العلمي والتعليمي لمجلس وزراء الداخلية العرب.
وتأتي مشاركة المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني في هذه الفعاليات العلمية والأنشطة الأكاديمية، باعتباره عضوا في تشكيلة المجلس الأعلى لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الذي يعتبر أعلى هيئة تقريرية في هذه المؤسسة الجامعية العربية، التي تتولى رسم السياسة العامة للجامعة والإشراف على شؤونها العلمية والإدارية والمالية، واتخاذ القرارات التي تكفل التحقيق الأمثل لأهدافها في مجال التدريب والتكوين الشرطي وسائر العلوم الأمنية والتقنية.
تتجدد عضوية المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني، ضمن تشكيلة وهيكلة المجلس الأعلى لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، وذلك لمواصلة المساعي الرامية لتطوير الرؤية المستقبلية للجامعة في مجال تحديث مناهج التكوين الشرطي الأكاديمي.
وكان آخر اجتماع قد تم في المملكة العربية السعودية، حيث تدارس أعضاء المجلس الأعلى لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية في دورته الأخيرة، برئاسة وزير الداخلية في المملكة العربية السعودية الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز، آليات تنزيل الاستراتيجية المرحلية للجامعة برسم الفترة 2025-2029، القائمة على تنويع البرامج التعليمية والأنشطة البحثية للجامعة، فضلا عن استشراف ورفع التحديات المستقبلية في مجال تطوير التعليم الأكاديمي الشرطي.
وتبقى الإشارة إلى أن جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية هي جهاز أكاديمي حاصل على اعتماد دولي لبرامجها التدريبية من المجلس الأمريكي اعتماد التعليم المستمر والتدريب (ACCET) إلى غاية سنة 2030، فضلا عن الحصول على اعتماد كامل لثلاثة من برامجها الأكاديمية من المجلس الأعلى لتقييم البحث والتعليم العالي في فرنسا، علاوة كذلك على نيل برنامجها حول الجرائم الاقتصادية اعترافًا من مجموعة من المؤسسات البحثية الأجنبية، وتصنيف برنامج ماجستير الجرائم السيبرانية ضمن الإطار السعودي للأمن السيبراني.
فضلا عن إسهاماته في مشاريع هذه الجامعة، يشارك المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني في مراسم الحفل السنوي لتخرج طلبة الدراسات العليا لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية في مختلف التخصصات الشرطية والقانونية والتقنية، والتي تضم هذه السنة 374 طالبا وطالبة يمثلون 11 دولة عربية.
راهن حموشي على لم شمل الأجهزة الأمنية العربية، حيث انعقدت بمدينة طنجة، فعاليات وأشغال المؤتمر الـ47 لقادة الشرطة والأمن العرب، بحضور الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب، ورئيس المنظمة الدولية للشرطة الجنائية “أنتربول”، ورئيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، بالإضافة إلى رؤساء أجهزة الشرطة والأمن في عشرين دولة عربية وست منظمات دولية وإقليمية، وهو المؤتمر الذي ترأسه عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني.
عبد المجيد الشاذلي يسلم مشعل الشرطة الدولية للدخيسي
بعد إحالته على التقاعد، سلم والي الأمن عبد المجيد الشاذلي كرئيس لفرق الشرطة القضائية التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني، سلطاته لسلفه محمد الدخيسي، الذي خلفه في هذا المنصب.
بلوغ عبد المجيد الشاذلي للتقاعد دفع عبد اللطيف حموشي لوضع لائحة بأسماء مرشحين لخلافة والي الأمن، عبد المجيد الشاذلي، في إدارة مكتب “الأنتربول” بالمغرب ومديرية الشرطة القضائية، قبل أن يهتدي المدير العام للأمن الوطني لاختيار الدخيسي.
سيعين حموشي والي الأمن الدخيسي، مديرا لمديرية الشرطة القضائية بالإدارة المركزية، بديلا لمدير “الأنتربول” بالمغرب ومدير مديرية الشرطة القضائية، في إشارة إلى الوالي عبد المجيد الشاذلي، مع إحداث تغييرات على مستوى تولي منصبي مدير مكتب الأنتربول بالمغرب ومدير مديرية الشرطة القضائية بالإدارة المركزية. علما أن المراقب العام عبد المجيد الشاذلي تحمل مسؤولية الجمع بين مدير مكتب “الأنتربول” بالمغرب ومدير مديرية الشرطة القضائية، منذ تعيين سلفه مصطفى الموزوني عام 2007، واليا لأمن مدينة الدار البيضاء. وأضافت أن حمل حموشي مشروع تشبيب هرم كبار الأمنيين بالمديرية العامة للأمن الوطني، قد حرم استفادة المراقب العام، الشاذلي، من التعاقد لسنتين بعد الحصول على التقاعد، وهو ما أكده تعيين والي الأمن، محمد الدخيسي.
وكان والي الأمن عبد المجيد الشاذلي مديرا للمعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة خلفا للمراقب العام علي أمهاوش، حيث اشتغل على مشروع تحويل معهد القنيطرة إلى جامعة للعلوم الأمنية، تكفل المدير المعين على رأس المعهد الملكي للشرطة بتنزيله على أرض الواقع، تماشيا مع رغبة عبد اللطيف حموشي في تعزيز الطابع الأكاديمي والحقوقي للمتخرجين الجدد، كما لرجال الأمن المشتغلين حاليا.
وراكم الشاذلي خبرة وتجربة واسعة وقدرة كبيرة على التواصل والمبادرة، لذا تبنى تنزيل المشروع الأكاديمي الذي يلقن المتدرب الجديد من رجال الأمن طرقا جديدة للتكوين تمهيدا للحياة المهنية، وخلالها يتلقى مجموعة من تقنيات العمل الذي سيلتزم بها طيلة مساره المهني، وخلال هذه المرحلة، تعطى للمتدرب دروس حول الإطار القانوني للمهنة، والتي تلزم موظف الشرطة أن تكون تدخلاته في إطار القانون، بالإضافة إلى دروس في الحريات العامة وحقوق الإنسان، من قبل أساتذة بالمعهد وآخرين من مختلف الجامعات المغربية وقضاة. كما يتلقى المتدرب خلال هذه المرحلة دروسا أخرى في الطب الشرعي، وعلم الإجرام، ومواد أخرى حتى تكون زادا له في حياته المهنية.
الموزوني.. والي أمن البيضاء عضوا في “الأنتربول”
شغل والي الأمن السابق مصطفى الموزوني منصب عضو في “الأنتربول” ممثلا للمغرب وإفريقيا، وشارك بهذه الصفة في عدة مؤتمرات تهم مواضيع أمنية هامة، كمناقشة تعزيز الوضع القانوني للنشرات الحمراء، والتعاون الدولي حيث كان مصطفى الموزوني، بصفته نائب رئيس المنظمة الدولية للشرطة الجنائية، حاضرا في منصة الخطابة في مؤتمر الدوحة للجمعية العامة للأنتربول، والذي شكل فرصة للوفد الأمني المغربي لتقديم عرض حول التعاون الأمني الدولي لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب، كما أجرى لقاءات بوفود عربية وأجنبية لمناقشة التنسيق الأمني على المستوى الإقليمي والدولي.
جاء انتخاب الموزوني في هيئة الشرطة الدولية، بعد ترشحه لخلافة ممثل جنوب إفريقيا، كان مصطفى الموزوني، حينها واليا لأمن الدار البيضاء، وعضوا في اللجنة التنفيذية بالأنتربول، وكان العربي الوحيد القريب من قيادة الشرطة الدولية، خلفا لأمينها العام المستقيل، الجنوب إفريقي جاكي سيليبي. وبرز الموزوني بمداخلاته التي جلبت له احترام غالبية الدول الأعضاء بالمنظمة، قبل أن يحجز مقعدا باللجنة التنفيذية في مؤتمر ريو دي جانيرو (البرازيل) عام 2006.
وتشير المعطيات ذاتها إلى أن ممثل المغرب بالشرطة الجنائية الدولية، بات، منذ أن بتت اللجنة التنفيذية في استقالة سيليبي، يتردد بشكل شبه دوري على مقر الأنتربول، في مدينة ليون الفرنسية.
سقط ممثل جنوب إفريقيا بسبب إعلان المدعي العام بجنوب إفريقيا، موكوتيدي مبشي، ملاحقة سيليبي بتهمة إقامة “علاقة تندرج في إطار فساد معمم”، جعلت الموزوني أحد الأضلع الرئيسية في تدبير التعاون الشرطي الدولي بالأنتربول، إلى جانب 12 عضوا باللجنة التنفيذية للمنظمة.
وحصل الموزوني، خلال اجتماع تقييمي للمؤتمر، حضره بمدينة ليون، على تنويه اللجنة التنفيذية للمنظمة، التي تشرف على تنفيذ قرارات الجمعية العمومية، وعمل الأمين العام للأنتربول.
وشاءت الأقدار أن تحمل في شهر غشت من سنة 2011 أنباء غير سارة لمصطفى الموزوني، حين تم تنقيله تأديبيا إلى زاكورة، في الوقت الذي عين فيه خبيرا دوليا مكلفا بمكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب والمخدرات والجريمة المنظمة بمالي ومنطقة الساحل.
الموزوني سيقرر مغادرة جهاز الأمن بتقاعد نسبي، رغم أن هناك نبوغا خاصا لدى هذا الإطار الأمني، الذي لا يتوقف عقله عن التفكير، وهو الذي كان له دور كبير في إحداث فرقة الدراجين، المعروفين ب”الصقور”.
المغرب ينتخب نائبا لرئيس شبكة الهيئات الإفريقية للأمن السيبراني
في 28 نونبر 2023، شاركت المديرية العامة لأمن نظم المعلومات في أكرا بغانا، في الاجتماع الثاني للشبكة الأفريقية لهيئات الأمن السيبراني (ناكسا)، وهو حدث مهم ضم ممثلين من غالبية البلدان الأعضاء لتعزيز التعاون والتنسيق في مجال الأمن السيبراني على الصعيد القاري.
الهدف من شبكة “ناكسا” هو تعزيز التعاون بين هيئات الأمن السيبراني، ودعم المبادرات السارية من أجل إرساء فضاء سيبراني آمن في إفريقيا ووضع القارة بشكل استراتيجي على منصة الأمن السيبراني العالمي، وذلك من خلال نهج جماعي منسق، قوي وموثوق. كما تهدف شبكة “ناكسا” أيضًا إلى زيادة عدد هيئات الأمن السيبراني الإفريقية من 17 حاليا لتشمل هيئات جميع البلدان الإفريقية.
وخلال هذا الاجتماع، تم تشكيل مكتب شبكة “ناكسا” رسميا، مما يمثل نقلة نوعية في المجهودات الجماعية لضمان الأمن الرقمي في إفريقيا. وتم انتخاب جمهورية غانا، البلد المضيف والذي يمثله الدكتور ألبرت أتوي بواسياكو، المدير العام للهيئة الوطنية للأمن السيبراني بغانا، بالإجماع لرئاسة “ناكسا” خلال العامين المقبلين.
وإضافة إلى ذلك، انتخبت المملكة المغربية (المديرية العامة لأمن نظم المعلومات)، ممثلة باللواء المصطفى ربيعي، لمنصب نائب رئيس “ناكسا” خلال نفس الفترة، وهو ما يعكس التزام المغرب المستمر بترسيخ الأمن السيبراني في القارة الإفريقية وتعزيز التعاون جنوب-جنوب، وذلك وفقا للرؤية الملكية.
ميلود حمدوشي.. مخبر في هيئة كتاب الأدب البوليسي
ضد كل التوقعات، انضم ميلود حمدوشي لتنظيم فكري يتقاطع فيه البوليس والأدب، أصبح عضوا في هيئة كتاب الرواية البوليسية. فاجأ الكثيرين عندما اختار الاستقالة من سلك الأمن.
موهبته أعادته إلى الإدارة العامة للأمن الوطني، التي عين فيها مستشارا، قبل أن يتولى إدارة أكاديمية الشرطة، التي فتحها، كما يقول عبد الإله الحمدوشي، على الباحثين الجامعيين المغاربة والأجانب، وحرص على أن تدرس فيها مادة حقوق الإنسان. فقد أضحت الأكاديمية شبيهة بأي فضاء للتعليم العمومي في المغرب.
المسار المهني للراحل لا يخفي ذلك السبق الذي حققه في تاريخ الإبداع الأدبي بالمغربي، حيث ساهم حمدوشي في التأسيس للرواية البوليسية، بعد أن تعرف على محمد زفزاف وتكونت بينهما صداقة عميقة.
بحث الرجل عن صيغة لاقتحام ذلك الجنس الأدبي، فكانت الرواية المشتركة “الحوت الأعمى”، التي كانت أول رواية بوليسية مغربية وعربية، واحتفي بها من قبل الصحافة والنقاد. ساهم في خلق ثقة الناس في النوع الأدبي الجديد، بحكم سمعته ومصداقيته، الذي أبدع فيه الفقيد، حيث ألف العديد من الروايات باللغتين العربية والفرنسية من بينها “الحياة الخاصة” و”حلم جميل” و”ضحايا الفجر” و”أم طارق”، وهي الأعمال التي بوأته مكانة في تنظم أدبي فريد.
ظل ميلود حمدوشي، أو “كولومبو الشرطة المغربية”، حريصا على قراءة الصحف اليومية والروايات البوليسية وكتابة ما يخالج فكره من أفكار. في أيامه الأخيرة انقطع الرجل عن الأكل، بعد أن عانى من سرطان القولون الذي اكتشفه بشكل متأخر، حسب إفادة أحد الأطباء، لكن الوضع الصحي لم يمنعه من “أكل” الكلمات، قبل أن ينتقل إلى جوار ربه.
قال مولاي حفيظ بن هاشم، المدير العام السابق للأمن الوطني، في تصريح صحفي قبيل دفن جثمان الحمدوشي، “رغم انقطاع الصلة المهنية، إلا أن العلاقة الإنسانية ظلت قوية ومتواصلة بيننا، وأذكر أن آخر اتصال بيننا جرى يوم عيد الأضحى، حين اتصل بي الراحل مباركا لي العيد، لكنه لم يخبرني بمرضه، كما لو كان الأمر يتعلق بالاتصال الأخير، وكذلك كان مع أمنيين آخرين”.
وكان آخر ظهور رسمي لميلود بفضاء كلية الحقوق بالدار البيضاء، حين حاز المراقب العام حميد بحري، نائب والي أمن الدار البيضاء على دكتوراه في العلوم السياسية وذلك صباح يوم السبت 13 يوليوز 2019، حيث التقى بمجموعة من رفاق دربه الأمني.
فضل العميد الإقليمي المتقاعد والروائي ميلود حمدوشي، الخلوة الروحية والفكرية في مسكنه بمنطقة طماريس ضواحي الدار البيضاء، كان يشم نسائم البحر ويرتب أفكاره ويمني النفس بإبداعات أخرى تنظم إلى مكتبته، قبل أن يشتد المرض وينقل إلى إحدى المصحات حيث لفظ آخر أنفاسه يوم الجمعة 30 غشت 2019.
كانت الاستقالة جاهزة في جيبه تنتظر الفرصة، فقد أشهرها في وجه كثير من المديرين، وحين تقلد بن هاشم مهمة المدير العام لإدارة الأمن الوطني، قدم ميلود استقالته من سلك الشرطة لأسباب خاصة به، فعرض عليه المدير العودة إلى العمل بما يخدم مصلحة الوطن، فاستجاب لطلبه كمستشار قانوني في الإدارة العامة للأمن الوطني، ثم عين مديرا للمعهد الملكي للشرطة في القنيطرة.
رفض الوظيفة العمومية وسجل بهيئة المحامين بالدار البيضاء في يوليوز 2016 بعد أن مارس المحاماة بهيئة باريس كما اشتغل محققا خاصا في الديار الفرنسية، وكان قبل ذلك أستاذا للقانون الجنائي بكلية الحقوق جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، فضلا عن انشغاله بكتابة الرواية البوليسية.
أطلق المغاربة على الراحل ميلود حمدوشي، الذي توفي يوم جمعة، لقب “كولومبو”، تحببا واعترافا بكفاءته في محاربة الجريمة، وأحب ذلك التعميد الذي يحيل على المفتش الذكي، الذي يقتفي أثر المجرمين ويفك خيوط الجريمة، حيث لا يظنها الناس، قبل أن يغير قبعته، وينتقل إلى عالم الرواية البوليسية، حيث أبدع وعبر عن كفاءة أخرى، إلى جانب التعليم في الجامعة.
استحق الفقيد الذي رأى النور بمدينة سيدي بنور، ذلك اللقب الذي يحيل على السلسلة الأمريكية الشهيرة، التي كان بطلها “بيتر فالك”، لأن “كولومبو” المغربي، تصدى لمحاربة الجريمة التي ترعاها مافيا المخدرات والفساد في المدن التي مارس بها مهامه.
الغزاوي.. مدير الأمن الوطني يتبرع لفائدة مدرسة الشرطة الفرنسية
في 24 مارس 1956، استقبل الملك محمد الخامس الاستقلالي الفاسي محمد الغزاوي وعينه مديرا للأمن الوطني. كان المغاربة يعرفون الغزاوي من خلال حافلاته للنقل العمومي التي كانت تجوب أنحاء الوطن، كما عرف بثرائه، وبهوايته المفضلة المتمثلة في اقتناء السيارات الفارهة في تلك المرحلة. خلال فترة اشتغاله كمدير عام للأمن، كان يغدق على العاملين، الذين كانت أعدادهم غير كبيرة، بل ثمة من ذهب إلى أنه تعمد أن يؤدي بعض الرواتب من ماله الخاص بدل خزينة الدولة، خصوصا في السنوات الأولى للاستقلال، التي كان المغرب قد بدأ فيها تنظيم هياكله الإدارية والمالية.
حسب ضابط المخابرات السابق أحمد البخاري، فإن محمد الغزاوي، قبل أن يعين مديرا عاما للأمن، “كان مقيما بالولايات المتحدة الأمريكية في أربعينيات القرن الماضي، إلى حدود 1955، وكان يحمل ثلاث جنسيات: المغربية والأمريكية والفرنسية. وعند عودته إلى المغرب، أصبح أكبر بارون مالي في حزب الاستقلال يطمح إلى الوصول لمنصب المدير العام للأمن الوطني مع جميع الصلاحيات في المجال الأمني”.
أسند إليه الملك محمد الخامس منصب المدير العام للأمن الوطني، بجميع الصلاحيات على المستويين الأمني والقضائي، لمدة طويلة ما بين 20 و30 سنة، وكان أغنى مدير في تاريخ الأمن الوطني. وقدرت ثروته في المغرب، خلال الأربعينيات بثمانية أضعاف ثروة الأسرة الملكية، يضيف البخاري، بفضل مشاريعه الاقتصادية المنتشرة في الولايات المتحدة، إنجلترا وفرنسا، بالإضافة إلى مليارات من الودائع في الأبناك الأجنبية عموما، وسويسرا بشكل خاص.
أثناء فترة إدارته لقطاع الأمن العمومي، قام محمد الغزاوي بزيارة لفرنسا حيث عقد اجتماعا مع مدير مدرسة “سانس” لتكوين الأطر الأمينة، وهي المؤسسة التي أنشئت سنة 1948 في ثكنة فسيحة تبعد عن باريس بحوالي مائة كيلومتر.
اتفق الغزاوي مع إدارة المدرسة الفرنسية على استقبال أطر أمنية مغربية لاستكمال تكوينهم في مجال تخصصهم، وقبل أن يغادر المدرسة تبرع بمبلغ مالي لفائدة المؤسسة الفرنسية.
وفي فاتح غشت 1956، قدم الغزاوي، المدير العام لجهاز الأمن الوطني، للملك محمد الخامس في القصر الملكي 20 خريجا مغربيا من مدرسة تكوين مفتشي الشرطة بإفران، بالإضافة إلى 20 عميدا من مدرسة فضالة الذين سيغادرون إلى فرنسا، قبل سفرهم إلى مدينة “سانس” لاستكمال تكوينهم في المجال الأمني.
قضى العمداء المغاربة ثلاثة أسابيع من التكوين في فرنسا وعادوا إلى المغرب حيث استقبلهم الملك محمد الخامس مرة أخرى في القصر العامر.










