الرئيسيةصحة

اضطراب انعدام اللذة مرض نفسي يصعب علاجه

«الأنهيدونيا» هو أحد الأمراض النفسية، ويعرف أيضا باسم «انعدام اللذة»، ويفيد فقدان المرء القدرة على الاستمتاع بأمور كان يحبها ومتعلقا بها في الماضي. هناك مجموعة من الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بهذا المرض، ويذكر أن أعراض هذه الحالة النفسية تظهر على مستوى علاقة الفرد بنفسه وعلاقته بالآخرين، حيث يصبح غير قادر على التفاعل أو الانجذاب ويفقد حتى الرغبة في التواصل مع الآخرين، لكن الأطباء يمكنهم علاج هذه الحالة المرضية.

يصيب مرض انعدام اللذة عددا كبيرا من الناس يمكن أن تصل نسبتهم في بعض المجتمعات إلى أربعين أو خمسين في المائة، ويظهر عند الأشخاص الذين لا ينتمون إلى أسر مرتبطة، ناهيك عن أن المخدرات تتسبب في حدوث أكبر عدد من الإصابات.

أهم أعراض الإصابة بـ«الأنهيدونيا»
من أهم الأعراض التي تظهر على المريض بحالة الأنهيدونيا عدم الانسجام، وخلالها يفقد المريض الرغبة في المشاركة في الأحداث الاجتماعية، ويشعر بأنه غير ذي قيمة في وسطه، ويرفض المشاركة تحت ذريعة أن هذه الأمور لا تلائمه ولا تناسبه، ليصبح، بالتالي، شخصا وحيدا يقطع كل علاقاته بمن يحيطون به، ويجد راحته في الابتعاد عنهم، ودائما ما يجد لنفسه ذريعة أنهم لا يبحثون إلا عن منفعتهم الخاصة من خلال علاقتهم به.
هذا الشخص يعاني، أيضا، من اضطرابات سلوكية، إذ يصبح ذا طابع مغاير لما كان عليه في السابق، كل الأمور بالنسبة له تتم دراستها ويحسب حتى طريقته أو أسلوبه في الحياة. لهذا ينهج أسلوب حياة مختلف كليا عما كان يعيشه في السابق، فضلا عن أن طريقة تفكيره وعيشه هذه تجعله عرضة للإصابة بالاكتئاب، وهو من بين أهم الأعراض المرضية الأخرى التي تصيب مرضى انعدام اللذة. يفقد هذا الشخص حتى أسلوب التعبير عن مشاعره، وعادة ما تكون مشاعره جافة وباردة، وفي بعض الأحيان قد يكون جارحا لمن حوله، وفي المناسبات الاجتماعية، سعيدة كانت أم لا، أو بين أسرته، عادة ما يكون باهتا وباردا، لا يقوم بأي شيء ولا يعبر عن أي شيء.

أسباب انعدام اللذة
تحدث الإصابة بما يسمى انعدام اللذة، حسب أطباء النفس، نتيجة مجموعة من الأسباب، من أهمها تعرض الشخص لحالات اكتئاب في السابق، حيث إن حالة الاكتئاب التي يمر بها تترك لديه ترسبات ذهنية، وشيئا فشيئا ومع مرور الوقت، يبدأ هذا الشخص بفقدان القدرة على الاستمتاع بالحياة وتتلاشى المتعة والفرح لديه..، بل إن أي مرض نفسي يصاب به الشخص قد يؤدي إلى إصابته بانعدام اللذة، وذلك لأن النفس البشرية تحمل الكثير من التعقيدات التي يصعب حلها أو التحكم فيها. لهذا فالسبب المباشر للإصابة بهذه الحالة غير معروف، ولكنه يحدث نتيجة مجموعة من العوامل مجتمعة، وأهمها الإصابة بأمراض نفسية في السابق وعلى رأسها الاكتئاب. ويمكن للطبيب التدقيق في الحالة ومراجعة التاريخ المرضي للمصاب والتحدث معه حتى يتمكن من معرفة السبب الحقيقي الكامن وراء ظهور انعدام اللذة. ويمكن للطبيب، بعد ربط الأحداث في ما بينها ومعرفة السبب الأساسي، أن يقدم العلاج حسب الحالة، ويعيد لهذا الشخص حياته السابقة.
هناك، أيضا، بعض الأمراض العضوية الأخرى التي قد تؤثر على حالة المرء وتكون عاملا من عوامل الإصابة بانعدام اللذة، ومنها الإصابة بمرض السكري، أو أمراض أخرى، ويرتبط المرض دائما بفقدان المرء اللذة في الحياة، حيث يعتبر أن حياته توقفت عند إصابته بهذا المرض ومرهونة بالعلاج والأدوية، ليفقد المتعة في الحياة.
قد يصاب المرء بحالة من السوداوية والزهد في الحياة إلى درجة كبيرة، يفقد معها الرغبة والمتعة في كل جوانب الحياة، ويمكن أن يتطور الأمر عند البعض حتى الوصول إلى مرحلة الرغبة في الانتحار، ويمكن أن تتسبب هذه الحالة في تعكر حياة المحيطين بالمريض، علما أنه كلما كانت حالة الاكتئاب التي يمر منها الشخص المريض قوية زادت معها المخاطر التي يمكن أن تعترضه.
وتجب الإشارة، هنا، إلى أن الحالة النفسية لها تأثير قوي جدا على الحالة الجسدية أو العضوية، حيث إن الأشخاص المصابين عادة ما يعانون مشاكل، من قبيل ارتفاع ضغط الدم، والإصابة بنوبات الصرع والضعف العام، وذلك راجع للتوقف عن تناول الطعام أو تقليل كمية الطعام المتناولة، دون إغفال ظهور اضطرابات نفسية أخرى، ومنها النظرة الانتقامية التي ينظر بها الشخص إلى مجتمعه معتبرا إياه المسؤول عن الحالة التي يعاني منها.
وما يؤثر على حالة المريض أكثر الانتقادات التي يتلقاها من المحيطين به أو كلمات الاستهزاء من أفكاره وحالته، وهو ما يجعله شخصا عنيفا أكثر حتى في طريقة تعامله مع الآخرين، وقد يحاول هذا الشخص إيذاء نفسه عن طريق التوقف عن تناول الطعام، والأكثر من هذا أنه قد يحاول إيذاء الآخرين.

تشخيص «الأنهيدونيا»
يعتمد تشخيص المرض بشكل خاص على «شطارة» الطبيب ومدى قدرته على التوغل في أعماق المريض ودراسة ما يجول في خاطره، إذ يبحث عن مكان الخلل ويحاول تحفيزه وإصلاحه. بداية يبدأ الطبيب في تشخيص الحالة من خلال البحث في التاريخ المرضي والتعرف على الأعراض التي يعاني منها المريض، وبعدها تأتي مرحلة طرح الأسئلة التحفيزية التي تتعلق بطريقة إحساس المريض بالحياة وعلاقته بها، ومعرفة ما إذا كان يشعر باللذة والرغبة في تناول الطعام، مثلا، والسؤال عن الأوقات التي يشعر فيها بالسعادة، إلى جانب مجموعة من الأسئلة التي توصل الطبيب للتعرف على النقاط والأوقات التي كان يشعر فيها المريض بالمتعة في الحياة ومدى شعوره بهذه المتعة.
يبحث الطبيب، كذلك، عما إذا كان المريض يعاني من الاكتئاب أو عانى منه في السابق، وما هي الأدوية التي يستخدمها حاليا أو استخدمها في السابق، وما هي الأمراض التي عانى منها أو يعاني منها حاليا، وما إذا كان يتعاطى لأي نوع من أنواع المخدرات أو الكحول، والتعرف بشكل مفصل على حياته الاجتماعية وعلاقته بالآخرين، وذلك من أجل معرفة مدى إصابته ودرجتها.

مرحلة العلاج
مرحلة العلاج تمر على مراحل، في المرحلة الأولى يتم وصف أدوية مضادة للاكتئاب للمريض، ووصف بعض الأدوية المحفزة لمراكز الشعور بالدماغ، وذلك من أجل رفع الإحساس بالمتعة، وزيادة شعور المريض بالسعادة حتى ولو من خلال الأدوية.
وتتمثل المرحلة الثانية من العلاج في اعتماد الحوار، إذ من المهم محاورة المريض،
من أجل معرفة الأسباب الحقيقية المؤدية للإصابة بهذه الحالة، حيث إن الأسباب تختلف من شخص لآخر، ناهيك عن أن البيئة تلعب دورا مهما في الإصابة.
يبدأ الطبيب في مناقشة المريض للتعرف على المشاكل التي يعاني منها أو عانى منها خلال حياته، وذلك من خلال علاقته بالمحيطين به وببيئته وبمن حوله.
ومن المهم، قبل كل شيء، أن يعمد الطبيب المعالج إلى التقرب من المريض وكسب ثقته لأن الثقة مهمة جدا حتى يستطيع التعرف على كل ما يجول بداخله، فكلما نجح الطبيب في كسب ثقة المريض والتقرب منه حدث الشفاء بصورة أسرع. ومن المهم، خلال فترة العلاج، إشراك المحيطين بالمريض وإطلاعهم على كل تفاصيل العلاج، وأن يتم التواصل بينهم والطبيب المعالج من أجل معرفة التغييرات التي يجب القيام بها، والطرق التي ينبغي التعامل بها مع المريض. ومن المهم، كذلك، عدم إشعار المريض بالنقص وعدم الاستخفاف به أو الضغط عليه، مع السعي، بالمقابل، إلى تمكينه من الدعم النفسي والمعنوي الذي يحتاجه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى