شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

الفالطة بالكبوط

 

مقالات ذات صلة

 

حسن البصري

 

جرت العادة أن يقدم مدربو المنتخب الوطني الحساب أمام الصحافة، مباشرة بعد العودة من دورة إفريقية، مهما كانت نتائجها.

لكن في السنوات الأخيرة سقطت ندوات الحساب من مفكرة الصحافيين، وأعفي المدربون من الجواب وادخر الصحافيون السؤال.

بعد أن هدأت الخواطر وابتلع المغاربة ريق الإقصاء، أطل علينا الناخب الوطني وليد الركراكي في حوار مع «الرياضية» برر فيه اختياراته وجدد ملتمس الصفح، وردد على مسامعنا عبارة «أنا الغلطان».

ولأنه يؤمن بأن حماية اللاعبين من صميم اختصاصات المدرب، فقد قدم وليد مرافعة التمس فيها عشرات الأعذار لكل من ساهم في الإقصاء.

قال وليد: «أنا من أمرت حكيمي بتسديد ضربة الجزاء التي أخرجتنا من المنافسات. وأنا من وضع الخطط ومن اختار التشكيلة وموعد السفر».

أمران خرجا عن سلطة وليد في «الكان»: الرطوبة والحرارة.

في خرجته الإعلامية بدا الناخب الوطني حزينا، وعلى غير العادة استبدل ابتسامته بمسحة حزن يتطلبها الموقف. لكنه لم يتحدث عن «النية» التي كانت يوما جزءا من خطته، ولم يقف إجلالا للعارضة التي كانت الكرة تلامسها قبل أن تجد الطريق نحو الشباك.

قال وليد: «الجامعة وفرت لي كل الظروف»، وكاد أن يردد «أنا الغلطان ماشي أنت». واعترف بأنه ورط الفريق الوطني في متاهات الجدل البيزنطي، حين تجاوز اختصاصاته وأراد تقديم درس في الأخلاق للاعب كونغولي.

في مثل هذه المواقف يحاسب المدربون وكل المشاركين في الإقصاء، حتى وإن كان طبيبا أساء عن غير قصد تشخيص حالة لاعب. أما الاعتراف بالخطأ وسوء التقدير والاستمرار في التوجه التقني والتكتيكي ذاته، فهذا أمر مرفوض.

قبل التوجه إلى الكوت ديفوار، قال الناخب الوطني: «إذا لم نتأهل إلى نصف نهائي «الكان» سأستقيل». لكن «المية تكذب الغطاس» خاصة حين يتعلق الأمر بوديان وبرك إفريقيا جنوب الصحراء.

يبدو أن تنزيل مبدأ «الفالطة بالكبوط» يقتصر على المشهد السياسي، بعد أن امتلأت السجون بعلية القوم، وأصبحت فسحة السجناء اليومية فرصة يلتقي فيها البرلمانيون بمن قادوا حملاتهم ووضعوا حناجرهم في خدمة من يدفع أكثر.

كثير من البرلمانيين يقضون إجازتهم العقابية في السجن، أغلبهم كانوا يدبرون الشأن الرياضي، ويعتقدون أن الحساب ليس إلا مسحوق صابون يردد في الجموع العامة، ثم يدخل دهاليز النسيان.

اليوم يمكننا أن نحلم بالظفر بكأس العالم، لكن الحلم بالفوز بكأس إفريقيا قد يصبح ضربا من المستحيل، إذا تسلحنا بالنية، ففي كرة القدم ليس لكل مدرب ما نوى.

حسب ابن سيرين مفسر الأحلام، فإن الحلم قد يتحقق ولو بعد سنوات عن رؤيته، فإذا رأيت في المنام فريقك فوق منصة التتويج، فلا تستمر في نومك، انهض لتسجل الحلم في هيئة للملكية الصناعية، وعد إلى فراشك.

حين انهزم منتخب البرازيل في عقر داره أمام ألمانيا بسباعية مذلة، أثناء نهائيات كأس العالم 2014، قدم المدرب سكولاري اعتذاره للشعب البرازيلي الذي شاهد منتخبه يسحق من طرف الماكينات الألمانية بأكبر خسارة في تاريخه. وحين جثم الأرق على جفون المدرب كتب استقالته في ساعة متأخرة من الليل.

هل سنرى لاحقا نسخة جديدة من الناخب الوطني؟

هل سيضع عاطفته الجياشة في الثلاجة ويؤمن بأن الشعب قد يتحمل تأخر المطر ولا يقبل تأخر انتصارات المنتخب؟

في بلدنا مليون محلل وناقد، لهم القدرة على تشخيص خطط المدربين وكشف عورات اختياراتهم.

في بلدنا آلاف المشجعين يقتصون من كسرة الخبز تذكرة السفر، لكنهم يطالبون بربط المسؤولية بالمحاسبة حتى لا يقتصر فقط على تناول «الكرموس الهندي».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى