شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

الموت البطيء لشبيبات الأحزاب

منذ فترة ليست باليسيرة دخلت الشبيبات الحزبية إلى قاعة الإنعاش، بسبب الموت البطيء الذي تعاني منه تنظيميا وسياسيا. واليوم، يبدو أن الشبيبات الحزبية، التي كانت ذات يوم تبادر إلى تقديم مقترحات لتعديل الدستور، وتسلك مسارات متناقضة مع قادة أحزابها، تتجه إلى عالَم النسيان.

لقد تحولت معظم المنظمات الشبابية إلى ما يشبه محارات فارغة، بعدما كانت وقود السياسة وتمتلك سقفا عاليا من الحرية والاستقلالية. لقد شكلت منظمات الشبيبية، على امتداد تجربتها، خلال مرحلة مخاض سياسي عرفته بلادنا، إضافات نوعية في الممارسة الحزبية، السياسية والتنظيمية والإعلامية، لكنها، اليوم، تعرف تجريفا خطيرا في أدوارها، ما جعلنا أمام اختلال في التوازن السياسي.

صحيح أنه، حتى يتسنى للشباب الحزبي أن يعبر عن قناعاته بوضوح وجرأة من موقع الاختلاف مع قادته وما ينتجه النظام الاجتماعي من قرارات وسياسات، يفترض وجود قدر كبير من الديمقراطية الحزبية التي من خلالها يمكن الحديث عن مشاركة جادة للشباب؛ تحقيقاً لرغباتهم وقناعاتهم وتعبيراً عن الشعور بالانتماء للحزب الذي ينتسبون إليه.

للأسف أصبحنا أمام طينة من الشباب الحزبي بعقلية الشيوخ، لأن الشاب الحزبي تربى أن يكون مفعولا به لا فاعلا، وافق على أن يكون خادما لا سيدا، قبِل أن يكون كتلة صوتية تتبع الأقوى تنظيميا لا رأيا حاسما في صناعة المشهد السياسي بصفته قطاعاً اجتماعياً رئيسياً في المجتمع.

سيظل المشهد السياسي جامدا ويعاني من الرتابة ما لم يقم الشباب الحزبي بممارسة مشاكساته وراديكاليته وفتوته، وهذه الميزات من المتطلبات الرئيسية للعمل السياسي. فالحزب، الذي لا يسمح للشباب بالتعبير عن مطالبهم ولا يضع القنوات القادرة على التجاوب الفعلي مع أفكارهم، سيتحول، مع الوقت، إلى حزب مترهل وضعيف كمعلم من معالم الشيخوخة، والخطير في الأمر أن تقود شيخوخة الأحزاب إلى شيخوخة النظام السياسي، آنذاك سنكون أمام الفراغ الذي سيملؤه الفارغون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى