شوف تشوف

الرئيسيةتقارير

انتهاء التحقيق في قضية تزوير وكالة واستيلاء بنك على أموال سجين

نائب الوكيل العام منح ترخيصا لعدلين دون مهمة محددة

الأخبار

 

علمت «الأخبار» من مصدر مطلع أن قاضي التحقيق بالغرفة الثالثة أنهى التحقيق في مرحلته الأولى بالاستماع إلى جميع أطراف الشكاية المباشرة عدد 93ش م 2023، وأنه أحال الملف برمته على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، متضمنا محاضر الاستماع للأطراف لدى قاضي التحقيق، وكذا محضر الفرقة الوطنية التي انتدبها قاضي التحقيق لإجراء أبحاثها وتحرياتها، في واحدة من أكثر الملفات تعقيدا وتشابكا وخطورة.

 

تحريف إرادة السجين

من المتوقع أن يخضع الوكيل العام للملك محاضر القضية لكثير من التمحيص، سيما وأن جوابا صادرا عن أحد نواب الوكيل العام للملك المذكور في الملف عدد 865 رم 18، هو الذي حرف إرادة السجين، حين تلقى منه طلبا من السجن يطلب فيه الإذن لعدلين بالدخول عنده إلى السجن، من أجل تحرير عقد صلح بينه وبين البنك، لكن جواب الوكيل العام للملك الموجه منه إلى السجين عبر مدير السجن المحلي عكاشة تضمن موضوعه (بشأن تحرير وكالة)، وهو التحريف الذي اعتبره المشتكي نقطة انطلاق مسلسل التآمر على أمواله.

ولم يكتف جواب نائب الوكيل العام للملك بتزييف طلب السجين، بل إنه وفي الجواب ذاته (تتوفر «الأخبار»  على نسخة منه، مثلما تتوفر على طلب السجين الموجه إلى الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء)، فإن الجواب ذاته تضمن الموافقة على طلب السجين بدخول عدلين، مع إلزام السجين بتعيين عدلين، ليقوم نائب الوكيل العام نفسه بمنح رخصة زيارة لعدلين لم يعينهما السجين ولا يعرفهما، كما لا يعرف السجين الطريقة التي تم فيها تعيينهما دون غيرهما، مع تكليفهما بتحرير وكالة بدل عقد صلح ضدا على رغبة وطلب السجين.

ولعل تورط نائب الوكيل العام للملك في القضية سيلقي بثقله على كاهل الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف، وهو يطلع على نتائج الأبحاث والتحريات والتحقيقات التي باشرتها كل من الفرقة الوطنية وكذا قاضي التحقيق، سيما وثائق الملف عدد 865 رم 18 لدى النيابة العامة.

 

توقيع على بياض

تعود تفاصيل الملف إلى يوليوز 2018، عندما كان مواطن معتقلا بالسجن المحلي عكاشة في نزاع قضائي بينه وبين أحد البنوك، ورفع السجين طلبا إلى الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف، يطلب منه الإذن لعدلين بالدخول عنده، من أجل تحرير عقد صلح بينه وبين البنك، ولم يتلق السجين جوابا عن طلبه، إلى أن دخل عنده عدلان إلى السجن لا يعرفهما ولم يعينهما في أي طلب من طلباته، دون توفرهما على أي إذن قضائي يضبط مهمتهما داخل السجن، ولا يحملان معهما غير رخصة زيارة، كل ذلك جرى أمام أنظار إدارة السجن التي لم تحرك ساكنا، وأوهم العدلان السجين سنتها أنهما حضرا استجابة لطلبه الذي وجهه إلى الوكيل العام للملك ملف عدد 865رم 18، وأنهما سيحرران فعلا عقد صلح بينه وبين المؤسسة البنكية التي كانت طرفا مدنيا ضد المواطن المتهم في ملف جنحي تلبسي موضوع اعتقال المواطن المعني، وأضافا أن عقد الصلح سيساهم في إطلاق سراحه، وأكدا له أنهما على علم بالمفاوضات المفتوحة بينه وبين البنك. وبعدما وَثِقَ المواطن في العدلين ووقع لهما في مذكرة الحفظ على بياض، حسب ما جاء في شكايته، معتقدا أن العدلين سيضمنان ما تحدثا به له من اتفاقات مبدئية بينه وبين البنك في عقد صلح، وفعلا يضيف المواطن تقدم البنك بتنازله لفائدته في الملف الجنحي أمام غرفة الاستئناف الجنحية كما ذكر له ذلك العدلان، وتم تحويل عقوبته إلى سنة حبسا موقوف التنفيذ، والإشهاد على تنازل البنك عن مطالبه المدنية في حقه، والإبقاء على المطالب المدنية المحكوم بها لفائدة البنك على عاتق المتهم الثاني الذي كان يعمل مسؤولا كبيرا في البنك نفسه، وكان معتقلا إلى جانب المواطن ضحية البنك.

المثير أنه عند مغادرة المواطن السجن علم أن العدلين اللذين ولجا عنده إلى المؤسسة السجنية حررا وكالة عدلية منه لزوجته، دون علمه ودون أن يكون عالما بالهوية الكاملة لزوجته على مستوى رقم بطاقة تعريفها الوطنية، وعلم أن موظفين في البنك هم من سلموا إلى العدلين هوية زوجته، بعد الاطلاع على ملفها كزبونة في البنك، وأنهم استدرجوا زوجته إلى مكتب محامي البنك، بعدما حصلوا من العدلين على رسم الوكالة العدلية، وبعدما اشترطوا على زوجته عدم إحضار أي محام معها، وفي مكتب دفاع البنك جرى حمل الزوجة المعنية على التوقيع على بروتوكول اتفاق دون السماح لها بقراءته، ودون علمها أنها وكيلة عن زوجها، ودون توفرها على نسخة من الوكالة، وأنه جرى نقلها في ظروف مشددة على متن سيارة رباعية الدفع للبنك إلى مقاطعة سيدي بليوط، وحثها على التوقيع دون إظهار رسم الوكالة للموظف المكلف بتصحيح الإمضاء، ووقعت باسمها الشخصي دون الإشارة إلى أنها وقعت كوكيلة، ودون إدراج مراجع الوكالة (تتوفر الجريدة على نسخة من بروتوكول الاتفاق) كما تم استغلال الموقف ليقوم موظفو البنك بسلب زوجة المواطن أربعة سندات الصندوق لحاملها بقيمة 117 مليون درهم، بمبرر أنها سندات صندوق مزورة، وكل ذلك جرى تضمينه في بروتوكول الاتفاق، حيث ألزم البنك المواطن المذكور بأداء مبلغ 32 مليون درهم للبنك، مع كفالته لعدد من الشركات والأشخاص الذين لا يعرفهم ولا يجمعه بهم سابق علاقة أو تعامل، وفي غياب لأي عقد كفالة أو ضمان، علما أن الحكم الجنحي كان يقضي بأداء تعويضات مدنية للبنك قدرها 28 مليون درهم فقط، ويؤديها المواطن بالتضامن مع المتهم الثاني الذي أبقت محكمة الاستئناف التعويضات المدنية المحكوم بها على عاتقه وحده.

إلى ذلك فإنه في حال عرض الملف على قضاء الحكم، فإنه هو وحده دون غيره الذي يملك حق البت في طلبات دخول العدول عند السجناء، وأن النيابة العامة لا حق لها في منح الإذن المذكور، وهو عكس ما وقع في القضية الحالية، حيث باطلاع الجريدة على طلب السجين الموجه إلى الوكيل العام للملك فإنه أورد في طلبه أن ملفه حكم ابتدائيا، وأنه معروض أمام أنظار محكمة الاستئناف، ورغم ذلك منح نائب الوكيل العام للملك رخصة زيارة للعدلين.

وتجدر الإشارة إلى أن دخول العدول عند السجناء لتحرير عقود هو إجراء منظم بقانون صارم، يتمثل في وجوب ضبط مهمة العدول بكل دقة، بل إن إدارة السجن تقوم من جهتها بمراقبة مدى تقيد العدلين بمضمون المهمة المحددة لهما من الجهة القضائية المانحة، وكل هذا لم يتوفر في القضية الحالية، حيث اطلعت «الأخبار» على وثائق الملف 865 رم 18 المفتوح لطلب السجين، ليتبين لها غياب أي مهمة محددة ومضبوطة تؤطر دخول العدلين عند السجين الضحية، بل وقفت الجريدة على تحريف رغبة وإرادة السجين بين ما أورده في طلبه، وبين ما تضمنه كتاب نائب الوكيل العام، ولعل هذا الارتباك كان يخفي خلفه الرغبة في استغلال اعتقال مواطن والسعي إلى الاستيلاء على أمواله، وأن رخصة الزيارة التي سلمها نائب الوكيل العام للملك إلى العدلين دون تأطير ودون تحديد، فسحت المجال للعدلين لتحرير وكالة، استجابة للجهة التي سخرتهما والتي استفادت من رسم الوكالة، ولم تكن تلك الجهة غير موظفي البنك الذين استولوا على أموال المواطن .

 

رؤوس كبيرة

لقد سبق للمواطن ضحية المؤسسة البنكية أن تقدم بشكاية مباشرة مماثلة ضد العدلين، محرري الوكالة العدلية، أمام قاضي التحقيق الغرفة الثالثة بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، تحت عدد 2022/236، وهي الشكاية التي كانت قد اقتربت من جر نائب الوكيل العام للملك، لكن التحقيق توقف فيها بدون مبرر وبلا نتيجة، وما زالت الشكاية المعنية (2022/236) لم يتخذ بشأنها أي قرار نهائي، رغم مرور أكثر من سنتين على الشروع في التحقيق فيها.

إلى ذلك تعد هذه القضية المتداخلة بجر رؤوس كبيرة نحو المحاسبة، بسبب ما كشفت عنه مصادر الجريدة من تناقض في التصريحات، ما بين الأطراف المستمع إليها، إضافة إلى ضلوع نائب للوكيل العام للملك وكذا عناصر من إدارة السجن المحلي عكاشة، الذين وضعوا السجين رهن إشارة العدلين، دون أن يتوفر العدلان على مهمة محددة تضبط عملية دخولهما، ونوعية المهمة التي عليهما القيام بها عند لقاء السجين، والاكتفاء فقط برخصة زيارة تسلم عادة إلى المحامين في إطار تخابرهم مع موكليهم المعتقلين، ودون رجوع إدارة السجن إلى ملف السجين للاطلاع على فحوى طلبه، الذي كان قد وجهه إلى الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف، وهو الطلب الذي تتوفر الجريدة على نسخة منه يطلب فيه السجين من الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالإذن لعدلين (دون تسمية العدلين)، من أجل الدخول عنده في السجن، لتحرير عقد صلح بينه وبين البنك، ولاحظت «الأخبار» أنه لم يرد في طلب المواطن أي ذكر لأي رسم وكالة، كما لم يعين السجين أي عدل بالاسم في طلبه، في حين قام نائب الوكيل العام للملك بتحريف إرادة المواطن عبر جواب موجه منه إلى مدير السجن (تتوفر الجريدة على نسخة منه)، وذلك بجعل جواب نائب الوكيل العام للملك يتحدث عن تحرير وكالة وليس عقد صلح (ملف عدد 865 رم 18)، وهو الخطأ الذي لا يُعرف إن كان متعمدا أو خطأ مطبعيا، لكنه كان الضوء الأخضر للعدلين المشتكى بهما للدخول إلى السجن، وملاقاة السجين والاستفراد به. مما يجعل مسؤولية نائب الوكيل العام للملك قائمة، تسعى جهات معينة، حسب مصادر «الأخبار»، إلى إبعاد الشبهة عنه، سيما وأن المواطن سبق وأن تقدم بشكاية لدى رئاسة النيابة العامة ضد نائب الوكيل العام للملك ذاته.

يذكر أن الجريدة كانت سباقة إلى كشف ملف سطو مؤسسة بنكية على أموال مواطن، بالاستعانة بوكالة عدلية مزورة، وتورط مدير البنك ومعه عدد من الموظفين في البنك نفسه، سواء في المغرب أو في الإدارة المركزية للبنك بفرنسا، وكذا عدلين، وأنه فور نشر الخبر سارع قاضي التحقيق إلى الاستماع إلى العدلين وأحال الملف على الوكيل العام للملك، الذي يبقى عليه اتخاذ قرار شجاع ينبني على القانون ويتصدى لكل محاولة للإفلات من العقاب، أيا كانت مناصب الجناة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى