النعمان اليعلاوي
حصلت جريدة “الأخبار” على معطيات دقيقة بخصوص عملية ترميم مقهى وحديقة قصبة لوداية بالرباط، والتي كانت قد أثارت الكثير من الجدل خلال الأسبوع الماضي، وراج على أنها عملية إزالة للآثار التاريخية لواحدة من أقدم القصبات في المغرب، في حين كشف عبد الرحمان البراوي، نائب رئيس جمعية فضاء لوداية، أن ما تم الترويج له على أنه عملية لإزالة المقهى الموريسكي الذي يتواجد بقلب قصبة لوداية “لا يتعلق بعملية هدم، بل ترميم لواحدة من أقدم المآثر التاريخية في مدينة الرباط”، مشيرا في تصريح لـ”الأخبار” إلى أن “المقهى قد أسس سنة 1922 من طرف الاستعمار الفرنسي، وقد روعي في بنائه الشكل الهندسي المطابق للنمط المعماري الأندلسي”، مضيفا أن هذا المقهى “لا يرتط بالأسوار التاريخية للقصبة التي بنيت في القرن 17، بل بالذاكرة الثقافية اللامادية لفترة الحماية الفرنسية”.
وأشار البراوي إلى أن “العديد من الإصلاحات التي تم إجراؤها خلال عمليات ترميم المقهى عبر السنين، دفعت إلى إجراء تغيرات كبيرة على طابعه الأصلي وإدخال مواد بناء لا تدخل أساسا في المواد الأساسية التي تم استعمالها خلال فترة بناء المقهي”، مبرزا أنه قد تم استعمال الاسمنت المسلح وإجراء تغيرات جوهرية في هندسة المقهى ما أدى إلى فقدانه لطابعه التقليدي الأندلسي”. وأضاف البراوي أن “هذه التغيرات باتت تشكل خطرا على المقهى وثقلا على هيكله الأصلي المبني فوق صخرة لوداية، ما جعله مهددا بالانهيار في الأشهر القادمة”، وأن “دراسة قد تم إنجازها من طرف مكتب دراسات متخصص بينت أن المقهى مهدد بالانهيار لعدة عوامل أساسها تسرب المياه العادمة أسفل البناية القديمة وعدم التوفر على شبكة لتصريف تلك المياه، بالإضافة إلى تغيير أسقف الغرف التي يتكون منها المقهى (غرفة الحلوى وغرفة الشاي والمخزن)، من عود العرعار المستعمل في السقف التقليدي (الكايزة)، إلى الأسقف المبنية بالإسمنت المسلح”.
وأشار البراوي إلى أن عملية الترميم التي خصص لها غلاف مالي قارب 1.5 مليار سنتيم، تشرف عليها وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق ومؤسسة حماية التراث الوطني، وتدخل في إطار عملية ترميم واسعة تخضع لها قصبة لوداية بما فيها الحديقة الأندلسية، والأسوار المحيطة بالقصبة بعد ترميم المسجد الكبير الذي يوجد في قلب القصبة والذي يعد من أقدم الجوامع التي تم بناؤها في مدينة الرباط على اعتبار أن قصبة لوداية التاريخية هي الأقدم في المدينة على الإطلاق، مضيفا أن “عمليات الترميم السابقة كانت قد شابتها بعض العيوب ما دفع الجهات المختصة إلى برمجة عملية ترميم شاملة تشرف عليها شركة متخصصة في هذا النوع من الأشغال”، مبرزا أن “مشاريع حماية التراث المعماري لمدينة الرباط ستتوسع لتشمل عددا من المآثر التاريخية منها التي بدأت فيها أشغال الترميم ومنها التي ستنطلق قبل نهاية 2020″، فيما كشف البرواي أن عملية ترميم مقهى “مور” والحديقة الأندلسية من المقرر أن تنتهي في غضون 10 أشهر وهو الغلاف الزمني الذي حدد للمشروع، على أن تستقبل زوارها قبل منتصف العام القادم”.