الافتتاحيةالدوليةالرئيسية

رسائل بايدن

رسالة الرئيس الأمريكي جو بايدن للملك محمد السادس بمناسبة الذكرى 66 لعيد الاستقلال ليست رسالة روتينية تفرضها المجاملات الديبلوماسية بين الدول، هي رسالة على قدر كبير من الأهمية الديبلوماسية والاستراتيجية ليس فقط لتناولها الوضع الأمني في شمال إفريقيا ودعم الاستقرار والتذكير بثقل التاريخ في العلاقة بين البلدين منذ أكثر من قرنين، بل لأن سياقها له طبيعة خاصة، فهي الرسالة الأولى بعد الاعتراف الأمريكي بالصحراء المغربية، وهي كذلك الرسالة الأولى بعد القرار الأممي الذي صاغت مشروعه إدارة بايدن. لذلك جاءت هاته الرسالة دالة ومعبّرة عن تمثل صاحب القرار في الولايات المتحدة لبلدنا، وما يفرضه ذلك من دروس وعبر تستلزم من الكثيرين داخل البلد وخارجه، إعادة تقدير الموقف وضبط ساعاتهم على توقيت التحول الاستراتيجي القادم بين الرباط وواشنطن.

مقالات ذات صلة

في الحقيقة لا تمكن قراءة مضامين خطاب الرئيس بايدن لملك المغرب خارج ثلاث رسائل دالة:

الرسالة الأولى تتوخى التطلع إلى تعميق الالتزامات المشتركة للبلدين، وهذا يعني أن التعاقدات الكبرى التي نشأت أو ستنشأ بين الرباط وواشنطن، كما هو الشأن بالنسبة لمرسوم الاعتراف الأمريكي، لن تكون موضوعا انتخابيا ظرفيا خاضعا في تطبيقها لمزاج الإدارات الأمريكية المتعاقبة، بل التزامات استراتيجية عابرة لمخرجات الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

الرسالة الثانية تهم الاستثمار في الازدهار المتبادل وبناء الشراكة الاستراتيجية الراسخة، فالولايات المتحدة الأمريكية، مهما كانت الإدارة التي تقودها، أصبحت ترى في المغرب شريكا أساسيا في استراتيجيتها المستقبلية، وهذه القناعة لم تتشكل فجأة بل هي نتيجة مسار طويل مرفوق بإرث من التقاليد السياسية والديبلوماسية التي أُرسيت على مدى أكثر من قرنين. وبدون شك فإن الموقف الأمريكي الواضح وغير الرمادي من قضيتنا سيساعد في بناء هاته الشراكة بعيدا عن الابتزاز واللعب على الحبال.

الرسالة الثالثة التي تضمنتها البرقية الرئاسية تهم بالأساس الاهتمام المشترك بالسلام والأمن والاستقرار في شمال إفريقيا لإرساء أساس متين لاستمرار التعاون والالتزام، وبطبيعة الحال فإن رسالة بايدن نوهت بدور المغرب في تحقيق السلام، لأنها تدرك حجم دور المغرب وتأثيره في تحقيق الاستقرار ليس فقط في جواره القريب بل في كافة القارة الإفريقية. فالتوجه  العام للديبلوماسية المغربية، خلال السنوات الأخيرة، انتقل من التوجه السياسي الصرف المبني على ردود الفعل إلى  تبني مقاربات جديدة تهم المشاركة في التنمية وحفظ السلام في إفريقيا والتعاون على تحقيق الاستقرار انطلاقا من المقومات والقدرات الذاتية والسمعة الديبلوماسية التي تتوفر عليها بلادنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى