الرئيسيةمجتمعملف التاريخ

شارل لوكرين محام دافع عن وجديين ماتوا اختناقا بمخفر فرنسي فحوصر بفندق “تيرمنيس”

حسن البصري

من أعراض الجحود أن تخلد مؤسسة المحاماة في فرنسا اسم المحامي الفرنسي شارل لوكرين وتطلق اسمه على ناد لهيئة الدفاع في مسقط رأسه، بينما يسقط اسم هذا الحقوقي من ذاكرة المغاربة وهو الذي عاش رعبا حقيقيا بسبب مواقفه الداعمة للمغرب.
أصل الحكاية يرجع لانتفاضة غشت 1953، حين خرج الوجديون، على غرار باقي المغاربة، إلى الشارع للاحتجاج على سياسة النفي والترهيب التي باشرتها الإقامة العامة الفرنسية، لكن المظاهرات انتهت على إيقاع الرصاص الحي، وسقط في شوارع المدينة عشرات الشهداء.
وفي السادس عشر من غشت 1953 خرجت وجدة عن بكرة أبيها للمشاركة في انتفاضة قادتها صفوة من الوطنيين من أبناء الجهة الشرقية، بعد اشتداد الأزمة بين القصر الملكي وسلطات الإقامة العامة للحماية الفرنسية. كان يوم التظاهر عطلة ما أشعل فتيل التمرد الذي دشنه شباب وجدة بتخريب قضبان السكة الحديدية، وإحراق العربات والقاطرات، وإشعال النار في مخزون الوقود، وتحطيم أجهزة محطة توليد الكهرباء، ومداهمة الجنود في مراكزهم، ولا سيما بمركز القيادة العسكرية بسيدي زيان للاستيلاء على ما كان مخزونا به من عتاد حربي.
واجهت القوات الاستعمارية الوضع بوابل من الرصاص، وفي ليلة 18 غشت 1953، توفي 14 وطنيا مختنقين في إحدى زنازين الشرطة الاستعمارية، بسبب الاكتظاظ الذي نجم عن اعتقال المئات من الوطنيين.
يتحدث الباحث محمد أحمد عدة عن دور محام فرنسي في ملف اختناق 14 وجديا في مخفر الشرطة الضيق، إذ لفت المحامي الفرنسي شارل لوكرين الأنظار، حين تبنى الدفاع عن الشهداء ورفع صوته في المحكمة مطالبا بالكشف عن حقيقة الأربعة عشر رجلا الذين وضعوا في غرفة من خمسة أمتار مربعة، وماتوا مختنقين، «ساد هرج كبير في المحكمة، وقال معمرون يجب أن يعدم لوكرين، وانتشر الخبر بسرعة بفضل المراسلين، الذين كانوا يقومون بتغطية المحاكمة، وكتبت «لوموند» تعليقا على تلك المحاكمة أغضب فرنسا».
من جهته، يسلط الباحث عبد الرحيم حزل الضوء على هذه الواقعة من خلال ترجمة كتاب: «الفرنسيون الأحرار في المغرب المأزوم» لآن ماري روزيلي، فيقول: «هناك حفنة من فرنسيِي المغرب، ساندوا الوطن في الأزمة التي عاشها المغرب في السنوات الأخيرة من عهد الحماية، فقد تعرض الأستاذ جون شارل لوكرين، محامي المتهمين الوطنيين، للاعتداء في منزله من طرف عصابة من الأراعن المسلحين. ونودي على الشرطة فتأخرت في المجيء، فتناول الأستاذ لوكرين مسدسه ليدافع به عن نفسه، وأطلق النار. فقتل أحد المعتدين. فلما وصلت الشرطة بعد لأي، ألقت القبض على المحامي شارل لوكرين».
منذ أن قرر الدفاع عن شهداء واقعة الاختناق في وجدة، ظل المحامي لوكرين يتلقى تهديدا بالتصفية الجسدية، لأنه فجر قضية السجناء المخنوقين، «طارده عدد من المعمرين وحاصروا فندق تيرمنيس الذي كان يقيم فيه، وطالبوا برأسه واتهموه بخيانة فرنسا، بل إن مطارديه تظاهروا أمام الفندق وأنشدوا النشيد الوطني الفرنسي ورددوا: أخرجوا الخائن».
في غرفته كتب لوكرين رسالة إلى الرئيس الفرنسي فانسان أوريول، جاء فيها: «بمجرد ما وصلت إلى الفندق ودخلت غرفتي، حدث ضجيج في الساحة الواسعة أمام المحطة، وأمام الفندق، وبدأ الصياح إذ كانوا يقولون: ليقتل السفاح الخائن، إلى المشنقة. إن إقامة هذه المحاكمة في مدينة وجدة يعتبر خطأ فادحا».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى