شوف تشوف

الرأيالرئيسيةمجتمع

عائلات تنتظر

يونس جنوحي

سفارة أوكرانيا في المغرب لا تعيش موجة الحرب التي تخيم على بلادها، إذ إن الموقع الرسمي للسفارة لا يعرف أي تغييرات باستثناء وضع رقم هاتفي مباشر للاستعلام في حالة الطوارئ عن معلومات من السفارة. فيما تغيب أي مواكبة لوضعية الطلبة المغاربة الحاصلين على وثائق الإقامة في أوكرانيا والذين تركوا الجامعات والمعاهد التي يدرسون بها، وعادوا إلى أحضان أسرهم في انتظار أن تنتهي الأزمة مع روسيا.

بعض الجامعات في أوكرانيا لم ترد تحمل مسؤولية انقطاع الطلبة الأجانب، بمن فيهم المغاربة طبعا، عن الدروس. إذ رغم حالة التأهب التي تعيشها البلاد، إلا أن الحكومة الأوكرانية، كما يبدو، لا تريد أن تغامر بسهولة بموسم دراسي كامل.

وهكذا فإن الطلبة الذين عادوا إلى المغرب يعيشون هذه الأيام قلقا حقيقيا بسبب ضبابية مستقبل الموسم الدراسي الحالي، وهناك منهم من ينتظر إصدار السلطات في أوكرانيا لبطاقة الإقامة ورفضوا العودة إلى المغرب قبل تسوية وضعيتهم القانونية رغم تهديدات الحرب وتوتر الأجواء في البلاد. ووجدوا أنفسهم في الأخير مُجبرين على المغادرة.

يعيش هؤلاء الطلبة هذه الأيام وضعية نفسية صعبة. إذ إن بعض الآراء الساخرة من كليات الطب والأسنان في أوكرانيا، لم تراع الوضعية النفسية للطلبة الذين وجدوا أنفسهم مجبرين على مغادرة البلاد في منتصف الموسم الجامعي الحالي، وغير قادرين على شرح ما يقع لعائلاتهم التي تمول دراستهم لسنوات، ولا يملكون أيضا أجوبة عن المستقبل، وهذا أسوأ.

هناك آلاف العائلات المغربية الغارقة في الديون، وهناك أسر باعت آخر ما تملك لكي تمول دراسة أبنائها في أوكرانيا، وهؤلاء يستحقون أن يحظوا بأجوبة واضحة ومطمئنة من الحكومة الأوكرانية، ما داموا قد دفعوا كل الرسوم الواجبة ويقيمون فوق التراب الأوكراني بطريقة قانونية، ويتفرغون للدراسة ولم يخرقوا أي قانون داخلي بالبلد.

تأشيرة الدراسة ليست في النهاية سوى تعاقد بين سلطات البلد وبين الطلبة الذين جاؤوا للتحصيل العلمي.

تقول بعض التحليلات التي وضعها موظفون سابقون في حلف الناتو، إلى جانب محللين سابقين معتمدين لدى الاتحاد الأوربي، إن هناك إشارات إلى أن الأمور لن تتطور أكثر في روسيا، ورجحوا أن تقف الأمور عند نقطة الحرب الباردة التي يتبادل خلالها الطرفان التصريحات ولن تصل إلى مرحلة العمل العسكري.

آخر ما وضعته سفارة أوكرانيا في المغرب بموقعها الرسمي، خبر يتعلق بإلقاء السفيرة «أوكسانا فاسيليفا» درسا افتتاحيا في جامعة عبد المالك السعدي خلال نونبر الماضي. ولا وجود لأي خبر يتعلق باتصالات السفيرة ولا تواصلها مع عائلات الطلبة المغاربة، ولم تقدم السفارة تفسيرا بخصوص مستقبل الموسم الجامعي الحالي ولا إن كانت الحكومة الأوكرانية وضعت إجراءات مرنة لتمديد إقامة الطلبة المنتهية صلاحية إقامتهم في البلاد.

الحرب ليست دائما خسارة على الميدان تسقط فيها الطائرات المقاتلة أو تنفجر فيها القنابل. هناك دائما أطراف تدفع ثمن تدهور العلاقات بين الدول. وإلى الآن، وحدهم الطلبة الأجانب الذين تم إجلاؤهم خارج «كييف»، من يدفعون ثمن هذه الحرب.

التحليلات الأخيرة التي تناقلتها القنوات الفضائية الدولية، ترجح ألا تكون هناك مواجهة عسكرية في قادم الأيام بين الروس والأوكرانيين، لكن تداعيات هذا التوتر قد تؤثر على الحياة العامة في «كييف» لسنتين مقبلتين على الأقل. وهذا يعني أن العائلات المغربية عليها أن تضع يدها في الجيب من جديد، وأن يتردد الآباء على وكالات تحويل الأموال إلى الخارج أكثر مما قد يذهبون إلى عملهم.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى