الرئيسيةخاص

لأول مرة في مشروع قانون المالية 2022.. رفع الاستثمارات العمومية إلى 245 مليار درهم وتخفيف العبء الجبائي

الشق التضامني حاضر بقوة بالمشروع وتخصيص 23.5 مليار درهم لقطاع الصحة

لمياء جباري

يستند مشروع قانون المالية لسنة 2022، الذي صادق عليه المجلس الحكومي، في جوهره على الإطار المرجعي المتمثل في الخطب والتوجيهات الملكية، وكذا مخرجات النموذج التنموي الجديد، والتوجهات الأساسية الواردة في البرنامج الحكومي. كما يراهن مشروع قانون المالية لسنة 2022 على تحقيق نمو بنسبة 3.2 في المائة، وتسجيل عجز في الخزينة بنسبة 5.9 في المائة من الناتج الداخلي الخام، إلى جانب توقع إحداث 250 ألف منصب شغل مباشر خلال سنتين. وهذه تفاصيل المشروع.

الحكومة ترفع الاستثمارات العمومية إلى 245 مليار درهم

قالت نادية فتاح علوي، وزيرة الاقتصاد والمالية، إن مشروع قانون مالية سنة 2022 خصص للاستثمارات العمومية مبلغا غير مسبوق يناهز حوالي 245 مليار درهم. وقالت علوي إن مشروع القانون المالي «يأتي في سياق دولي مهم جدا، وبعد سنة ونصف السنة من أزمة كورونا التي ضربت العالم بأسره». وأشارت الوزيرة ذاتها إلى «وجود ملامح لعودة النشاط الاقتصادي في جميع أنحاء العالم وفي منطقة الأورو، باعتبارها الشريك الأول للمملكة». وأضافت أن «الرؤية الاستباقية الملكية لتدبير الأزمة، جعلت الاقتصاد الوطني يسترجع نشاطه، ويتوقع أن يصل النمو نهاية السنة الجارية إلى 5.7 في المائة». ويستند مشروع قانون المالية على أربعة محاور أساسية، أولها توطيد أسس النشاط الاقتصادي من خلال إجراءات أهمها تحفيز الشغل، خصوصا لفائدة الشباب، بحيث تعتزم الحكومة دعم خلق أكثر من 250 ألف فرصة شغل في السنتين المقبلتين، وخصصت لذلك 2.25 مليار درهم برسم السنة القادمة. وبخصوص برنامج «انطلاقة» لدعم تمويل مشاريع الشباب، قالت علوي إن الحكومة قررت إطلاق برنامج جديد باسم «فرصة»، لتقديم تحفيزات مالية لحوالي 50 ألف شاب، لتشجيعهم وخلق مناصب الشغل. ويرتكز قانون المالية أيضا على مواصلة ورش الحماية الاجتماعية كمرتكز ثان، وعنه قالت وزيرة الاقتصاد والمالية إن الحكومة ستعمل على تنزيل مقتضيات التأمين الإجباري عن المرض لتعميمه على الفئات المعوزة، إضافة إلى تخصيص 9 مليارات درهم لفائدة قطاعي الصحة والتعليم، ضمن محور تأهيل الرأسمال البشري. كما ذكرت علوي أن مشروع قانون المالية الخاص بسنة 2022 يرتكز أيضا على إصلاح الإدارة، لتكون في مستوى تطلعات المواطنين من حيث الخدمات. وسيرفع المغرب لأول مرة سقف الاستثمار العمومي إلى حوالي 245 مليار درهم، من خلال مجموعة من الإجراءات الضريبية والجمركية، التي ستسمح للفاعلين الاقتصاديين بتطوير نشاطهم والاشتغال في مناخ سليم ومريح. وهذا الاستثمار العمومي لن يتم على حساب رفع الضغط الضريبي، إذ التزمت الحكومة بجعله في مستويات تضمن التنافسية السليمة للمقاولة المغربية، وتعول في هذا الصدد على تنزيل خلاصات القانون الإطار المتعلق بالإصلاح الضريبي، لضمان التمويل الموجه لعدد من المشاريع، أبرزها تعميم الحماية الاجتماعية.

519 مليار درهم ميزانية الدولة

يقدر المبلغ الإجمالي للتحملات بموجب مشروع قانون مالية 2022، بحوالي 519 مليار درهم، مقابل 476 مليار درهم سنة 2021، أي بزيادة قدرها 9.07 في المائة. ويضع هذا المبلغ 357 مليار درهم للميزانية العامة للدولة، و2.1 مليار درهم لمرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة، و98 مليار درهم للحسابات الخصوصية للخزينة، و61 مليار درهم لاستهلاكات الدين العمومي. أما المبلغ الإجمالي للموارد فيقدر، وفق نص مشروع قانون مالية 2022، بحوالي 460 مليار درهم، مقابل 432 مليار درهم سنة 2021، أي بزيادة قدرها 6.61 في المائة. تتوزع الموارد على ميزانية الدولة بـ254 مليار درهم، و2.1 مليار درهم لمرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة، و98 مليار درهم للحسابات الخصوصية، و105 مليارات درهم ستتأتى من مداخيل الاقتراضات متوسطة وطويلة الأجل. ويتجلى من المعطيات أن حاجيات التمويل المتبقية لمشروع قانون مالية 2022 ستناهز حوالي 58 مليار درهم، مقابل 43 مليار درهم سنة 2021، أي بزيادة قدرها 33.37 في المائة. وستكلف نفقات الموظفين العموميين برسم السنة المقبلة حوالي 147 مليار درهم، مقابل 139 مليار درهم سنة 2021، ما يمثل زيادة قدرها 5.49 في المائة.

تخفيف العبء الجبائي وتوسيع الوعاء الضريبي

يقترح مشروع قانون المالية لسنة 2022، تخفيض السعر الهامشي لجدول الضريبة على الشركات من 28 في المائة إلى 27 في المائة بالنسبة إلى الشركات الصناعية، التي يقل مبلغ ربحها الصافي عن 100 مليون درهم، في ما يخص مبلغ ربحها المطابق لرقم أعمالها المحلي. وأفادت المذكرة التقديمية لمشروع قانون المالية، بأن هذا التدبير يندرج في إطار تنزيل الأهداف الأساسية للقانون الإطار المتعلق بالإصلاح الجبائي، التي تروم التوجه التدريجي نحو سعر موحد في ما يخص الضريبة على الشركات، سيما بالنسبة إلى الأنشطة الصناعية. وأوضح المصدر نفسه أن هذه الأهداف تهم التوجه التدريجي نحو سعر موحد في ما يخص الضريبة على الشركات، خاصة بالنسبة إلى الأنشطة الصناعية (المادة 4)، وتشجيع الاستثمار المنتج للقيمة المضافة، والمحدث لفرص الشغل ذات الجودة (المادة 2)، وتحفيز المقاولات من أجل دعم تنافسيتها على الصعيد الوطني والدولي (المادة 3). كما يتعلق الأمر بتخفيف العبء الجبائي وتوسيع الوعاء الضريبي (المادة 3)، ومواءمة النظام الجبائي للممارسات الدولية الفضلى (المادة 2). ويعد هذا الإجراء حسب المذكرة التقديمية، جزءا من التزامات المغرب الدولية لإزالة ازدواجية معدلات الضرائب على أساس وجهة المنتج (البيع المحلي أو التصدير). وفي إطار تنزيل توصيات المناظرة الوطنية الثالثة للجبايات الهادفة إلى تخفيف العبء الضريبي على القطاع الصناعي، باعتباره أحد القطاعات المنتجة والمحدثة لفرص الشغل، حدد مشروع قانون المالية لسنة 2020 تدابير تدريجية خاصة بالضريبة على الشركات الصناعية، نحو سعر موحد في ما يخص الضريبة على هذا القطاع. وقد تم في البداية تخفيض المعدل الهامشي لجدول الضريبة على الشركات من 31 في المائة إلى 28 في المائة بالنسبة لمعدل الأعمال المحلي للشركات الصناعية، التي يقل صافي ربحها عن 100 مليون درهم، وزيادة معدل الحد الأقصى من 17.5 في المائة إلى 20 في المائة، في ما يخص رقم أعمالها للصادرات.

إعادة اعتماد المساهمة الاجتماعية للتضامن

ويقترح مشروع قانون المالية لسنة 2022، إعادة اعتماد المساهمة الاجتماعية للتضامن على الأرباح بالنسبة إلى الشركات برسم سنة 2022. هذا التدبير يهدف إلى مواصلة وتعبئة الموارد من أجل دعم التماسك الاجتماعي، في ظل الظروف الاستثنائية الراهنة، وذلك تنفيذا للتوجيهات الملكية، وتطبيقا لأحكام الفصل 40 من الدستور ولمقتضيات القانون الإطار ولتوصيات النموذج التنموي الجديد.
وستطبق هذه المساهمة على الشركات الخاضعة للضريبة على الشركات، التي يساوي أو يفوق مبلغ ربحها الصافي مليون درهم، باستثناء الشركات المعفاة من الضريبة على الشركات بصفة عامة، والشركات التي تزاول أنشطتها داخل مناطق التسريع الصناعي، وشركات الخدمات التي تستفيد من نظام القطب المالي للدار البيضاء. المساهمة ستحتسب بحوالي 2 في المائة بالنسبة إلى الشركات التي يتراوح ربحها ما بين 1 مليون و5 ملايين درهم، و3 في المائة بالنسبة إلى الشركات التي يقع ربحها الصافي في شريحة 5.000.001 إلى 40.000.000 درهم. وستصل هذه النسبة إلى 5 في المائة بالنسبة إلى الشركات، التي يفوق ربحها 40 مليون درهم.
ويندرج هذا التدبير في إطار تنزيل الأهداف الأساسية للقانون الإطار، المتعلق بتعبئة كامل الإمكانات الضريبية لتمويل السياسات العمومية، وتعزيز التنمية الاقتصادية والإدماج والتماسك الاجتماعيين، وإعادة التوزيع الفعال وتقليص الفوارق قصد تعزيز العدالة والتماسك الاجتماعي.

23,5 مليار درهم لقطاع الصحة

خصص مشروع قانون المالية برسم سنة 2022، ما مجموعه 23,5 مليار درهم من الميزانية العامة للدولة لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية. الميزانية المخصصة للصحة، منها 6,9 مليارات درهم موجهة إلى الاستثمار، قد ارتفعت بـ3 مليارات درهم مقارنة مع سنة 2021. وتروم هذه التدابير ضمان ولوج جميع المواطنين إلى العلاجات، وكذا تكريس الحق في الصحة كما هو منصوص عليه في المادة 31 من دستور 2011. وهكذا، ولمواكبة الورش الكبير للحماية الاجتماعية الذي أعطى انطلاقته الملك محمد السادس، ينص مشروع قانون المالية على مشروع لإصلاح المنظومة الصحية يرتكز على أربعة مبادئ توجيهية، تشمل بالأساس تثمين الموارد البشرية، من خلال رفع القيود الواردة في القانون رقم 131.13 المتعلق بمزاولة مهنة الطب من طرف الأجانب بالمغرب، لتمكينهم من ممارسة المهنة، وفق الشروط نفسها المطبقة على نظرائهم من المغاربة، مع إحداث وظيفة عمومية صحية تهدف إلى تثمين الرأسمال البشري للقطاع الصحي. وفي إطار مواكبة تنزيل إصلاح الحماية الاجتماعية، ستشهد سنة 2022 بذل مجهودات مهمة لتأهيل البنيات التحتية الصحية، بحيث ستخصص ميزانية قدرها 6 مليارات درهم لتأهيل هذه البنيات وتعزيز تجهيزاتها، وهو ما يشكل زيادة قدرها 2,7 مليار درهم مقارنة مع سنة 2021. وهكذا، سترتكز الإجراءات الرئيسية على إطلاق بناء المركز الاستشفائي الجامعي الجديد ابن سينا (1,1 مليار درهم)، والإعداد لبدء تفعيل التغطية الصحية الشاملة، سيما من خلال تأهيل حوالي 1500 مركز تابع لمؤسسات الرعاية الصحية الأولية والبنيات العلاجية المرتبطة بها (500 مليون درهم).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى