الرئيسية

مستثمر شاب بتطوان يحكي لـ”الأخبار” كيف تجاهل إدعمار مراسلاته وفوت مشروعه إلى جهة أخرى

تطوان : حسن الخضراوي
كان سعيد الحضري، الشاب المغربي الخبير والمتخصص في الصحة والسلامة والوقاية من الأخطار المهنية، يمني النفس بعد حصوله على الديبلومات الضرورية في ميدانه واستكمال دراسته بالخارج، في العودة مباشرة إلى بلاده ووضع طلبات لدى المسؤولين والمؤسسات المعنية من أجل التنسيق والتعاون والاستفادة من خبراته في المجال الذي يختص فيه والذي يعنى بالوقاية من الكوارث كيفما كانت، والخروج منها بأقل الخسائر المادية والبشرية الممكنة، قبل أن يصطدم بجدار التهميش والإقصاء الذي عاش فصوله لسنين مع رئيس جماعة تطوان، حيث رفض استقباله والحديث إليه رغم الكم الهائل من المراسلات التي تتوفر الجريدة على نسخ منها وتنبيهه الرئيس إلى أهمية المشروع الذي يريد أن يناقشه فيه والمرتبط بأرواح وممتلكات المواطنين بالدرجة الأولى.

يقول سعيد، وهو شاب كان مهاجرا سابقا بأوروبا، إن نظرته إلى المسؤولين في العدالة والتنمية ممن يتحملون مسؤولية التدبير والتسيير بالمدن كانت إيجابية جدا، وقد بنى فكرته على التصريحات التي يطلقها المعنيون في الإعلام والترويج من خلال المواقع الاجتماعية لسياسة التواصل الواسع والفعال مع جميع فئات المواطنين، قبل أن يصطدم بالواقع المر، بحسب تعبيره، إثر رفض محمد إدعمار، رئيس الجماعة عن الحزب، استقباله أو الجواب كتابيا عن طلباته احتراما لكرامته على الأقل، مضيفا أن فاعلا سياسيا نصحه بالانضمام إلى «البيجيدي» أو شبيبته لتذليل بعض العقبات التي تواجهه وفتح الطريق أمامه، معللا نصيحته بأن الدوافع التي تحركه لخدمة الوطن ونشر ثقافة الحفاظ على الأرواح والممتلكات بين المواطنين يشترك فيها وتتقاطع مع أهداف شبيبة الحزب، وأن الانتماء سيزيد أكثر من توسيع التجربة وصقلها، لكنه رفض الانتماء السياسي بالمرة وفضل البحث عن العمل الجمعوي والنضال من أجل حقه كمستثمر شاب في إبداء رأيه ومساهمته في خدمة الشأن العام المحلي والوطني.

تهميش ممنهج
لم يمل المستثمر الشاب سعيد ابن مدينة المضيق من مراسلة رئيس المجلس البلدي بتطوان لمرات متعددة سواء خلال الولاية السابقة أو الحالية، وتذكيره بأهمية المشروع الذي يطرح أمامه منتظرا تحديد موعد لاستقباله والتواصل أكثر في الموضوع بشكل مباشر دون جدوى.
ويقول سعيد إن مدينة تطوان مهددة بالفيضانات في كل لحظة، نتيجة التضاريس المحيطة بها وعوامل أخرى مرتبطة بالمناخ إلى غير ذلك من الأمور، في ظل غياب أي استراتيجية واضحة لدى المجلس يمكنه من خلالها تجنب الأخطار والوقاية من الكوارث على الأقل، مشددا على أنه نبه رئيس الجماعة إلى الأمر بعد متابعته لبعض عمليات التدخل وطرق الإنقاذ التي سبق ونفذتها مصالح البلدية عند الفيضانات، حيث رصد العديد من الهفوات والأخطاء التي يمكن أن تزيد من الخسائر، فضلا عن ضرورة تلقي المنقذ لتكوين خاص في المجال من طرف مختصين.
وأضاف المتحدث نفسه أن إدعمار قابل طلباته وتنبيهاته باللامبالاة، قبل أن يفاجأ يوما بخروج الجماعة بكتيب على شكل دليل للوقاية من المخاطر الطبيعية بتطوان، وفيه كلمة افتتاحية للرئيس لا معنى لها من الناحية التقنية سوى الاستغلال السياسي وحب الظهور، حسب قول الشاب مشيرا إلى أن الدليل مطبوع باللغة الفرنسية كاملا وكلمة الرئيس هي الوحيدة المطبوعة باللغة العربية ما يطرح علامات استفهام متعددة حول الجهات الموجه إليها الدليل، باعتبار أن جزءا كبيرا من المواطنين لن يفهم شيئا سوى كلمة الرئيس الافتتاحية التي لا معنى لها»، حسب قول الشاب المختص في المجال.
وحضر سعيد الاجتماع الذي قدم فيه الدليل كإنجاز من طرف إدعمار وأحد الأساتذة الجامعيين، حيث شارك بمداخلة نارية في الموضوع كواحد من الجمهور، مذكرا الرئيس بأنه ما كان عليه أن يسرق مشروعه، ومنبها إلى الأخطاء الكثيرة التي سقط فيها من وضعوا الدليل من غير المختصين بتغييرهم لبعض الرموز المتفق عليها عالميا، واستغراقهم في العموميات دون التوفر على الدراسة القبلية الخاصة بالمدينة، التي يمكن على ضوئها إنجاز دليل تثقيف المواطنين باحترافية عالية خالية من كل استغلال سياسي أو ركوب على مشاريع الآخرين وأفكارهم لتحقيق مكاسب ضيقة.
واستغرب المتحدث ذاته وضع إدعمار لصورته على الدليل الخاص بالوقاية من المخاطر الطبيعية، بالنظر إلى أن الدليل هو عبارة عن ورقة تقنية يقدمها مختصون لنشر ثقافة الحفاظ على الحياة وكيفية الإنقاذ ومواجهة الذعر والخوف، وليس دليل برنامج انتخابي يطبل للإنجازات.

نقط سوداء
ينبه الخبير المختص، ورئيس جمعية السلامة والوقاية من حوادث السير، رئيس حضرية تطوان إلى الهفوات الخطيرة التي تصاحب بعض المشاريع التي ينجزها المجلس والمتعلقة بخرق شروط السلامة الخاصة بالعمال، وكذا عيوب التصاميم التي يتم وضعها دون اعتبار لحق المواطنين في الولوجيات والاستعداد لحالات الطوارئ.
ومن ضمن المراسلات التي توصل بها مكتب الضبط الخاص بإدعمار وتتوفر الجريدة على نسخة منها، مراسلة سجلت يوم 29 فبراير من السنة الجارية وتتحدث عن ضرورة الانتباه إلى تقديم خدمات الصحة والسلامة والوقاية من الأخطار المهنية الخاصة بالمحطة الطرقية بالمدينة، والاستعداد لحالات الطوارئ لحماية الأشخاص والممتلكات والبيئة، مادامت المحطة تستقبل عددا كبيرا من المواطنين والحافلات وغيرها.
بخصوص الموضوع نفسه الخاص بضرورة السلامة، ينبه الخبير المختص رئيس الحضرية إلى أن المرأب الموجود تحت أرض ساحة الفدان الذي تمت إعادة تهيئته يجب أن تتوفر فيه شروط حماية الأشخاص والممتلكات من الأخطار، فضلا عن وجود المرافق الضرورية دون أن يتلقى أي جواب، ما يدل على أن الرئيس لا يهتم سوى ببعض الأمور التي يمكن أن تخدمه سياسيا وأن آخر ما يفكر فيه هو ضمان شروط سلامة المواطنين حسب المتحدث ذاته.

شكاية ضد إدعمار
بعد رفض استقباله لمرات متعددة وتهميشه بشكل متعمد من طرف مكتب الرئيس، خاصة عندما طالب الخبير الشاب إدعمار بشكل رسمي عبر جمعيته التي أسسها من أجل الصفة القانونية بالحصول على نسخة من دفتر التحملات الخاص بشركة النظافة المخول لها تدبير القطاع في إطار التدبير المفوض، فضلا عن دفتر التحملات الذي وقعته الجماعة مع شركة صيانة المناطق الخضراء، توجه المعني بشكاية إلى والي جهة طنجة تطوان الحسيمة في الموضوع تتوفر الجريدة على نسخة منها، يطالب فيها بفتح تحقيق من طرف المصالح المسؤولة بالولاية في تهميش إدعمار لطلباته المتعددة وعدم تلقيه أي رد في مشروع قدمه إلى المجلس قبل أن يفاجأ بتفويته إلى جهة أخرى في ظروف غامضة.
ويعبر سعيد عن استيائه الشديد من تعامل رئيس حضرية تطوان بوجهين مع المواطنين، حيث يقدم نفسه من خلال المواقع الاجتماعية على أنه يتواصل بطريقة جيدة وسلسة من خلال نشر بعض صور الاجتماعات واللقاءات، بينما الواقع يتحدث عن خلاف ذلك، مشددا على أن صدمته كانت كبيرة عندما لمس تهميشه من طرف مسؤولين يتحدث حزبهم عن أنه المثال في الديمقراطية والقرب من هموم الشباب، وقد طالبه برلماني العدالة والتنمية بعمالة المضيق الفنيدق يوما بضرورة وضع طلب لقاء من أجل الاستماع إليه بخصوص مشروعه، رغم أن الوقت كان يسمح بمدارسة الموضوع ولو على سبيل المقدمة فقط.

استقبال الوالي
بعدما سدت جميع الأبواب في وجهه، راودته فكرة العودة إلى ديار المهجر من جديد رغم تأكيده على النضال داخل الوطن واستفادة بلاده من خبراته من خلال العمل على تأسيس أول مكتب بالمغرب وإفريقيا يهتم بتقديم خدمات الصحة والسلامة والوقاية من الأخطار. حاول سعيد وضع طلب من أجل لقاء والي جهة طنجة تطوان الحسيمة والحديث إليه في موضوع المشاريع التي يحملها، حيث تفاجأ بالرد السريع ومهاتفته من طرف الديوان للحضور بشكل مستعجل خلال الأيام القليلة الماضية من أجل استقباله من طرف الوالي بمكتبه. يقول سعيد إن المقابلة كانت جد إيجابية واستمرت لأكثر من 40 دقيقة استمع فيها الوالي اليعقوبي بإمعان لشروحات حول المشروع، وأبدى إعجابه بالأمر طالبا مهلة من أجل دراسة الموضوع مع الجهات المعنية، ما أعاد الثقة إلى الخبير الشاب الذي طرق أبوابا متعددة من قبل دون جدوى.
ويحكي المتحدث نفسه أن فكرة عودته إلى الوطن من أجل استفادة المواطنين من الخبرة التي راكمها، سببها كان حادثا بسيطا عاينه خلال فترة العطلة الصيفية بالمضيق، حيث انفجرت آلة لإعداد القهوة بإحدى المقاهي الموجودة بالشارع وهرع جميع الزبائن في اتجاهات مختلفة ليتبعهم زبناء المقهى المجاور دون تفكير، ما تسبب في خسائر مادية جسيمة وإصابة بعض النساء والأطفال بجروح، وقد كان من الممكن أن يتم تجنب كل ذلك لو كان المواطن يملك ثقافة التعامل مع الكوارث والأخطار والشيء القليل من أدبيات الإنقاذ والمساعدة عوض الفرار العشوائي والهلع والخوف الذي يزيد الطين بلة ويرفع من نسبة الضحايا والمصابين. ويحذر من أن العديد من المشاريع الضخمة بالشمال لا تملك خطة طوارئ في حال الكوارث، ما يحتم ضرورة الاهتمام بهذا الموضوع وإيلائه المكانة التي يستحق، خاصة مع وارتفاع نسبة الزوار خلال فترة الصيف بشكل قياسي.

منطق الجماعة
قال مصدر من داخل مجلس تطوان إن رئيس الحضرية لم يستقبل المستثمر الشاب بشكل شخصي نظرا لضغط طلبات اللقاء والمسؤوليات المتعددة، وقد خصص له اجتماعا خاصا مع أحد مهندسي الجماعة للنظر في مشروعه والاطلاع عليه من أجل تواصل أفضل وأعمق في الموضوع، فضلا عن تأكيده أن الباب مفتوح أمام جميع الشباب المستثمرين شريطة التقيد بقانون الصفقات العمومية وضرورة تكافؤ الفرص بين الجميع.
وبخصوص رفض الرئيس تسليم الحضري نسخا من دفتر التحملات الخاص بقطاع النظافة والمناطق الخضراء حتى يعمل تقنيا على الهفوات المحتملة، كشف المصدر نفسه أن المعلومات الخاصة بدفاتر التحملات الموقعة ليست معلومات سرية وهي مفتوحة للعموم ويمكن للجميع الاطلاع عليها، فضلا عن أن المصلحة المسؤولة طلبت مرارا من المستثمر أن يضع ملفه شأنه شأن الشركات والمقاولات الشابة، وانتظار الاستفادة من مشاريع في المستقبل وفق القوانين الجاري بها العمل، مع تنبيهه إلى أن الإصرار على الاستفادة من المشاريع بشكل مباشر بحجة أن شركته هي الوحيدة على المستوى الوطني التي تقدم خدمات السلامة والوقاية من الأخطار فلا يستند الى أي قانون.
وأضاف المصدر ذاته أن المستثمر خلط بين السياسي والتقني وراح يوجه انتقاداته التي تتجاوز أحيانا حدود اللباقة الى الرئيس في مواضيع شتى، رغم مراسلته بشكل رسمي وبالبريد المضمون لوضع طلبه، واحترام مبدأ تكافؤ الفرص وقانون الصفقات العمومية.
ونفى ادعمار في تصريح لـ”الأخبار” سرقة أي مشروع خاص بالمستثمر الشاب الحضري بقوله إن ما أنجزته الجماعة تم باشتراك مع كلية العلوم ومساهمين آخرين في مجال الوقاية من المخاطر التي تتهدد مدينة تطوان هو عمل يتعلق ببحث علمي صرف، وأمور تقنية لا علاقة للحضري بها من قريب أو بعيد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى