الرئيسيةبانوراما

هكذا لجأ أثرياء إلى السياحة من أجل التلقيح ضد «كورونا»

بقلم: بيير كودورييه ترجمة: أميمة سليم
بسبب نقص الجرعات المتاحة، أصبحت شبكات سياحة اللقاحات تجذب عددا كبيرا من المهتمين. هذا المفهوم المثير للجدل يخفي حقائق متباينة. لنقدم تفسيرات أوضح.

على خلفية النقص في جرعات اللقاح المتوفرة، تجذب فكرة سياحة اللقاحات، التي اقترحتها شركات خاصة وبعض الدول، الكثير من المهتمين. ففي الوقت الذي لا يزال فيه الترياق مادة نادرة، فإن «إجازات اللقاح» تشهد ارتفاعا مستمرا، سيما في الإمارات العربية المتحدة وكوبا. في بعض الحالات، يحجز الأثرياء وذوو النفوذ مقاعدهم على رأس لائحة الانتظار ويخلقون بذلك طبقة جديدة من «المسافرين بغرض العلاج» من الدرجة الأولى. إن هذه الحركة مثيرة للجدل من الناحية الأخلاقية إذا علمنا أن ثلثي سكان العالم لن يتمكنوا من الوصول إلى اللقاح قبل عام 2022.

في دبي.. سياحة لقاحات لفاحشي الثراء
إن التطعيم في الإمارات ليس في متناول الجميع. تقدم وكالة الأسفار «نايتسبريدج سيركل» المختارة، لأعضائها البريطانيين الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا، أو عن طريق الدعوة، رحلات فاخرة. ويشمل ذلك رحلة طيران من الدرجة الأولى أو في طائرة خاصة، والإقامة لمدة شهر وجرعتين من اللقاح. «نحن رواد سياحة اللقاحات الفاخرة هذه. تسافر لبضعة أسابيع في فيلا تحت الشمس، فتحصل على جرعتين من اللقاح، إلى جانب شهادتك ويمكنك العودة إلى بلدك»، يقول المؤسس ستيوارت ماكنيل متحمسا في تصريح للجريدة البريطانية «ذا تيليغراف».

كما تقدم بعض الشركات التي تتخذ من الإمارات مقرا لها، عروضا سياحية لـ «العمال المتنقلين»، فلهؤلاء العاملين عن بعد في القرن الحادي والعشرين، تأشيرة تسمح لهم بالعمل عن بُعد بالإضافة إلى جرعات اللقاح. «هل تريد المزج بين العمل والمتعة في دبي؟ مع برنامج عمل افتراضي جديد مدته عام، يمكنك العيش والعمل بالقرب من الشاطئ «كما يروج موقع «زوروا دبي» الرسمي.

بأي ثمن؟
بالنسبة إلى وكالة أسفار «نايتسبريدج سيركل»، فإن المبلغ هو 55000 دولار، مبلغ لا يستهان به، ويخول لك الإقامة في فيلات فاخرة وطائرة خاصة واللقاح، من يقترح أفضل؟

بالنسبة إلى عروض الشركات الخاصة، سوف تحتاج إلى سلك روابط جوية تقليدية، حوالي 350 يورو ذهابا وإيابا، الحجر الصحي ليس ضروريا في البلد، ولكن يجب تقديم نتيجة سلبية لتحليل فيروس كورونا، ويتم تقديم اللقاح.

أي لقاح؟
تتوفر دبي، منذ 31 يناير الماضي على اللقاحات التي تنتجها شركة «فايزر» وكذلك اللقاح الصيني «سينوفارم». ويتلقى جميع سكان دولة الإمارات جرعة من أحد اللقاحين المتوفرين.

منذ متى؟
إن الهدف الذي تتوخاه هذه الدولة الخليجية الصغيرة، المحاطة بدول متنافسة، هو إحياء السياحة لتحفيز الاقتصاد. لهذا السبب، منذ منتصف يناير، شجعت الإمارات، دولة الأحلام، شخصيات كبيرة على التطعيم، مثل رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، في حين أن الفيروس يحاصر أرض الأرز من كل جانب، مع انطلاق حملة للتطعيم بالكاد بدأت…

أية ردود فعل؟
هذا العرض يقض مضجع بعض الأطباء مثل عالم الأوبئة إيمانويل أندريه، الذي نشر تغريدة على «تويتر» قال فيها: «من الممكن دفع 55000 دولار لقضاء شهر في فندق في دبي والحصول على جرعتين من اللقاح. ولكن بنفس السعر، يمكنك تطعيم 2000 شخص أو شخص واحد فقط».

كوبا.. جرعة من اللقاح على رمال ذهبية
كوبا ترحب بالجميع، ما عليك سوى حجز تذكرة الطائرة والحجر الصحي لمدة أسبوع في فندق.

بأي ثمن؟
في الوقت الحالي، لا تتوفر هذه المعلومات بعد لأنه لم يتم العثور على اللقاح بعد. يبلغ سعر تذكرة الذهاب والإياب حوالي 500 يورو.

أي لقاح؟
يقول رئيس كوبا ميغيل دياز كانيل إنه خطط للحصول على»100 مليون جرعة» من لقاح سوبيرانا 2، أكثر اللقاحات الواعدة، ولكنها لا تزال في مرحلة الاختبار».

منذ متى؟
أطلقت كوبا، منذ 23 يناير الماضي، عبر قناة «تيليسور» التلفزيونية، دعاية لتشجيع الأجانب على القدوم والتمتع بإقامة متجددة على الشواطئ الكوبية، إضافة إلى جرعة من اللقاح.

في هذه الدعاية، يشيد فيسينتي فيريز، مدير معهد فينلاي في هافانا، بالأبحاث الكوبية باعتبارها «تتوفر على أربعة لقاحات في مرحلة متقدمة» من التطوير. في الوقت الحالي، لا يزال اللقاح في الانتظار.

أية ردود فعل؟
في الواقع، أعدت الجزيرة التي تعاني بدورها من مشاكل كبيرة في الإمداد بالأدوية منذ عدة سنوات، هذه الحملة التواصلية لإحياء السياحة التي تحتاجها جدا، إذ يعتبر هذا النشاط من أهم القطاعات الاقتصادية في الجزيرة، وفي عام 2020، تسبب الوباء في خفض عدد السياح من أربعة ملايين إلى مليون سائح.

تختفي وراء هذه الدعاية الحكومية حقيقة أخرى. وفقا لموقع 14ymedio ، تجرى هذه الحملة «تحديدا في الوقت الذي تحطم فيه حالات انتقال العدوى في الجزيرة أرقاما قياسية يوما بعد يوم». في بداية شهر فبراير، يتم يوميا تسجيل ما يقرب من 800 حالة إصابة بفيروس كورونا هناك.

الولايات المتحدة.. «إلدورادو» التطعيم الجديد؟
عبر المحيط الأطلسي، تتغير قواعد التلقيح من دولة إلى أخرى. عرض حاكم ولاية فلوريدا التطعيم بالمجان، بشرط تجاوز 65 عاما. ونتيجة لذلك، انتقل العديد من الأمريكيين الذين يملكون مسكنا ثانويا في المنطقة، وكذلك الكنديين والبرازيليين والأرجنتينيين»، وفقا لقناة «إن بي سي 6 فلوريدا».

تجذب نيويورك المسافرين بغرض العلاج من الهند، فيما ينتشر وباء فيروس كورونا في الهند، حيث تم تسجيل أكثر من 370.000 حالة خلال الأسبوع الماضي، وتزيد الأرقام بالتأكيد على أرض الواقع. البعض قرر عدم انتظار تقدم حملة التطعيم التي انطلقت في 16 يناير. استوعبت شركة «جيم تورز أند ترافل»، والتي يوجد مقرها في مومباي هذا الأمر، وقدمت عرضا يتضمن لقاحا ضد فيروس كورونا، مخصصا لعملاء «رفيعي المستوى» من جميع الأعمار الذين يرغبون في السفر إلى الولايات المتحدة.

بأي ثمن؟
اللقاح مجاني للمقيمين وأصحاب المسكن الثانوي. لكن لا يتردد الأشخاص الأثرياء الآخرون في الذهاب والإياب خلال اليوم. «نتلقى طلبات من العملاء المستعدين للسفر إلى فلوريدا، إذا كان موعدهم مؤكدا، ثم العودة إلى بلدهم في اليوم نفسه»، يوضح نائب رئيس «شركة طائرات خاصة» مقرها في تورونتو -كندا، في منتصف شهر يناير، لجريدة «ذا وول ستريت».

من مومباي، تبلغ تكلفة العرض 2000 يورو، وتشمل تذكرة الطائرة إلى نيويورك، والإقامة لمدة ثلاث ليال ويوم واحد.

أي لقاح؟
يتوفر لقاح «أسترازينيكا» في سلسلة المتاجر الكبرى «بابليكس سوبر ماركت» التي وقعت شراكة مع الدولة.
من ناحية أخرى، بالنسبة للسائحين الهنود المسافرين مع شركة «جيم تورز أند ترافل»، يتم تلقي جرعتين من لقاح «فايزر».

منذ متى؟
بدأت هذه الظاهرة في نهاية شهر يناير. وحسب صحيفة «ذا غارديان» البريطانية فإن «50 ألف شخص حصلوا بالفعل على اللقاح وليسوا مقيمين دائمين في ولاية فلوريدا».

أية ردود فعل؟
استجابة لهذه الظاهرة غير المتوقعة، طبقت الدولة في الآونة الأخيرة قواعد جديدة لتحديد الهوية بهدف تخصيص المزيد من اللقاحات لسكان الولاية. للإشارة فإن بعض هؤلاء الذين حصلوا على اللقاح، هم سكان موسميون لم يكن في حسبانهم التطعيم في فلوريدا بل أتوا فقط من أجل قضاء فصل الشتاء، لكن، من جهة أخرى، قدم الآلاف من الأشخاص فقط من أجل تلقي الجرعات، مما أثار استياء مسؤولي الصحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى