
تشهد منطقة الولجة، التابعة لنفود قيادة سيدي علي بنحمدوش بدائرة أزمور إقليم الجديدة، كارثة بيئية مقلقة بسبب الاستغلال المفرط بطريقة عشوائية للرمال بمقلع بات يلتهم الأخضر واليابس، ويخلّف وراءه دماراً بيئياً واسع النطاق، في ظل صمت مريب للسلطات المحلية والإقليمية ووزارة التجهيز، وغياب تام للمراقبة من طرف المسؤولين الإداريين بالمنطقة.
وتفيد المعطيات الميدانية، مدعومة بصور موثقة، بأن عمليات استخراج الرمال تتم بوسائل ثقيلة “جرافات وشاحنات” بشكل مستمر، ما أدى إلى تخريب مساحات واسعة من الأراضي الفلاحية القريبة من المقلع. والأخطر من ذلك، أن مياه البحر بدأت تتسلل إلى هذه الأراضي، مما يُنذر بتحول المنطقة إلى مستنقعات بفعل الحفر العميق واللامسؤول من طرف المقاولة التي تشرف على المقلع، في غياب احترام دفتر التحملات.
من جانبها، رفعت مجموعة من الهيئات الجمعوية المهتمة بالمجال البيئي البيئية من وتيرة التنديد، ووصفت ما يحدث بأنه “جريمة بيئية مكتملة الأركان”، مطالبة بتدخل عاجل لعامل إقليم الجديدة، وفتح تحقيق في ملابسات السكوت على هذا النشاط المدمر، خاصة في ظل غياب القائد ورئيس الدائرة عن القيام بواجبهما في المراقبة والتدخل.
ويأتي هذا الوضع في وقت تسعى فيه المملكة المغربية، بتوجيهات ملكية سامية، إلى تعزيز التزاماتها الدولية في مجال حماية البيئة والمناخ، حيث انخرطت في مجموعة من الاتفاقيات الدولية وسعت إلى تفعيل توصيات التنمية المستدامة والمناخية. غير أن ما يقع بجماعة سيدي علي بنحمدوش يناقض هذا التوجه الوطني، ويطرح تساؤلات حول مدى التزام الجهات المحلية بهذه التوجيهات.
وتحذر مصادر بيئية من أن استمرار هذا الوضع من دون تدخل حازم سيؤدي إلى تدهور خطير في التوازن الطبيعي والاستقرار البيئي والاجتماعي للمنطقة. خاصة أن البحر بات يقترب بشكل مقلق من مساكن السكان، بسبب الحفر العميق الذي لم يعد يفصل بينه وبين بيوت المواطنين سوى أمتار قليلة.
وكانت منطقة «سيدي علي بنحمدوش» موضوع مراسلة سنة 2022، وجهها وزير التجهيز والماء، نزار بركة، إلى المدير الإقليمي للوزارة، يطالبه من خلالها باتخاذ الإجراءات القانونية لمتابعة إحدى الشركات المتخصصة في جرف الرمال أمام القضاء، ليتبين أن الشركة قامت باستئناف العمل بناء على النسخة التنفيذية للحكم القاضي بإلغاء القرار الإداري القاضي برفض تجديد الترخيص لها بمواصلة العمل بمصب وادي أم الربيع بأزمور، فضلا عن إقدامها وبدون موجب حق على استغلال ونقل الرمال المودعة بهذه المنصة والمستخرجة من طرفها بعد انتهاء صلاحية الرخصة بصفة غير قانونية.
وأكد الوزير في مراسلته أن إقدام الشركة على استئناف العمل واستغلال الملك العمومي، بناء على النسخة التنفيذية للحكم، يشكل خرقا سافرا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل، ويعتبر تحديا واضحا للإدارة التي تسير المرفق العام. وأوضح أن الحكم المستدل به، وإن كان قد قضى بإلغاء القرار المطعون فيه، فإنه لم يأمر الإدارة بالقيام بعمل معين، ذلك أن قاضي الإلغاء يلغي ولا ينشئ، وأن القرار الاستئنافي القاضي بتأييد الحكم المستأنف في ما قضى به من إلغاء القرار المطعون فيه، تم الطعن فيه بالنقض وهو موضوع كذلك طلب إيقاف التنفيذ أمام محكمة النقض، مما يعني أن الشروع في تنفيذ القرار الاستئنافي رهين بصدور قرار عن محكمة النقض يقضي بالاستجابة لطلب إيقاف التنفيذ من عدمه.





