حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسية

أستاذ جامعي توبع بـ«الإرهاب» لأنه رفض تسجيل محظوظين صدرت بشأنهم تعليمات

يونس جنوحي

عندما يتعاطف أحد ما، مهما كانت درجة المسؤولية أو المرتبة الاجتماعية التي يتمتع بها، مع شخص كان الجنرالات قد قرروا سابقا إبعاده أو تصفيته، فإن مصير المتعاطفين يكون قاسيا أيضا.

يذكر هشام عبود مثلا هنا عن شخصية نور الدين دهنون، رئيس مجلس الولاية، هرب إلى أقصى حدود الجنوب وأصبح بعيدا عن بؤرة الصراع حول الامتيازات، ولم ينقذه سوى وال آخر هو الحاج الطاهر سرحان تدخل لإنقاذه في منطقة «عين مليلة».

يقول هشام عبود إن نور الدين دهنون كان سابقا منح الشقق التي يتخاطف عليها الموظفون واللاهثون داخل الإدارة وراء الامتيازات، للفقراء بدل أن يوزعها كما جرت العادة على المحظوظين من الموظفين الفاسدين. وهكذا صدر القرار بالانتقام منه وإبعاده وكان مصيره سيكون أسوأ لولا أن صديقه الوالي الحاج الطاهر تدخل لصالحه، لكنه لم ينقذه من مضايقات أخرى طالته وجرته إلى المُساءلة الإدارية. في وقت كان الفاسدون ينعمون بحرية التلاعب بالمال العام الجزائري بالطريقة التي يرونها «مُناسبة».

 

فزاعة الإرهاب

يقول هشام عبود إنه، في ظل ذلك الفساد الكبير الذي كانت تغرق فيه الجزائر على مستوى الإدارات المركزية والعاصمة والمؤسسات الكبرى، كان هناك فساد مواز عشش في الإدارات الصغرى وحتى داخل تجمعات المسؤولين الصغار. يتعلق الأمر بمافيات محلية في مناطق هامشية، كانوا بدورهم يشتغلون بنفس طريقة اشتغال الكبار. حيث كانوا يستغلون الحملة ضد الإرهاب ويقحمون الدين في العملية لتصبح الحملة الحقيقية ضد الإسلام.

ويعطي هشام عبود مثالا هنا بقصة مراد الدرايدي، أستاذ العلوم الفيزيائية في جامعة أم البواغي، بالإضافة إلى بعض زملائه الجامعيين. عندما كان الأستاذ مراد مديرا بيداغوجيا داخل الجامعة، رفض تسجيل بعض الطلبة الذين وردت مكالمات هاتفية من جهات عليا في الدولة لتسجيلهم رغم أنهم لم يكونوا يتوفرون على المعايير الأكاديمية التي تخول لهم الحق للتسجيل في التخصصات الجامعية.

لكم أن تتصوروا الغضب الذي سوف يتملك الجنرالات عندما يكتشفون أن التعليمات التي أعطوها لإدارة الجامعة لكي تسجل بعض الأسماء من عائلات شخصيات نافذة في الجيش والأمن ومؤسسات الدولة، لم تُنفذ. ماذا كان مصير الأستاذ مراد الدرايدي؟

أعطي الأمر لرجال الدرك الوطني الجزائري في منطقة «خنشلة» لكي يعتقلوا الأستاذ وثمانية أساتذة آخرين كانوا يعملون معه في الجامعة. لكن ماذا كانت التهمة؟ الإرهاب!

 

مافيا مصغرة

هذا الانتقام الصادم الذي طال أستاذا جامعيا، فقط لأنه رفض تنفيذ تعليمات هاتفية تقضي بتسجيل أشخاص لا تتوفر فيهم الشروط، في تخصصات جامعية، يجعلنا أمام ممارسات لمافيات مصغرة كانت تقلد مافيا الجنرالات. بل إنها كبرت في ظلها. وأصبح كبار المسؤولين في الجزائر، كما صغارهم، ينتقمون بنفس الطريقة.

قضى الأستاذ هشام الدرايدي قرابة تسعة أشهر في السجن، توفي خلالها والداه، حيث توفي الاثنان من شدة حزنهما على التهمة التي لاحقت ابنهما ودمرت مركزه الاجتماعي والأكاديمي أيضا.

أطلق سراحه بعدها لكنه لم يعد أبدا إلى وظيفته الجامعية. كان هذا مثالا فقط، لكي يرى الآخرون ماذا يحصل لمسؤول، حتى لو كان أكاديميا محترما، عندما يرفض تنفيذ التعليمات رغم أنه لم يكن عسكريا.

هذا المثال يكشف إلى أي حد كان «الإرهاب» مجرد فزاعة جزائرية محلية للتلاعب بحياة الأفراد الذين يمتنعون عن السير في ظل الجنرالات. ولو أن هذا الأستاذ الجامعي نفذ ما طُلب منه حرفيا، لأصبح وزيرا للتعليم في وقت لاحق، وحتى لو كان أسوأ حظا فإنه سوف ينعم بمنصب ما في وزارة الخارجية. لكنه عندما قرر مواجهة «مافيا مصغرة» يقودها مسؤولون جزائريون يفرقون التعليمات الهاتفية على مختلف المسؤولين في التعليم والصحة، أصبح إرهابيا.

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى