الرئيسية

أكثر الكُتّاب تأثيرا في القرن 21

الحلقة الأولى: «هاري بوتر» يدخل أول كاتبة إلى تصنيف «فوربس» لأصحاب المليارات

نادرا ما يصبح الكتاب والمحللون والروائيون والشعراء أغنياء بكتبهم. ففي عالم يكتسحه الذكاء الاصطناعي، أضحى من الطبيعي أن نرى اليوم أغنياء جددا، لا هم بصُناع الحديد والصلب، ولا هم بتجار الحرير والتوابل، إنما أغنياء رأسمالهم الوحيد هو أفكارهم التي صنعوا بها تطبيقات وعوالم افتراضية ذكية. في خضم هذا العالم الجديد، استطاع العديد من الكُتّاب أن يحموا الكتب الورقية من زلزال الرقميات، بل وأصبحوا مؤثرين في السياسات العمومية والاتجاهات الفنية والفكرية والحقوقية الموجودة في عالم اليوم، ويحتلوا مراكز متقدمة في قوائم أغنى أغنياء.

جوان رولينغ (Joanne Rowling) تعد أول كاتبة مليارديرة في العالم، حققت ثروتها المادية من مبيعات رواياتها، التي تعد هي أيضًا الأكثر مبيعا في العالم، وهى كاتبة بريطانية، ولدت فى 31 من يوليو لعام 1965. في أكتوبر 2010 تم اختيار هذه الكاتبة كأكثر النساء تأثيرا في بريطانيا.

قصة الاسم الرجالي
لم تختر جوان رولينغ أن تكتب باسم ج. ك. رولينغ، بل أجبرت على ذلك، حينما أرادات رواية «هاري بوتر» لأول مرة، وأجبرتها على ذلك دور النشر، التي توقعت أن آباء الأطفال لن يرغبوا في قراءة كتاب ألفته امرأة، ولهذا اختارت حرف «ك» من (كاثلين) حرفًا ثانيًا لاسمها الإبداعي، وهو أول حرف من اسم جدتها من جهة أبيها، ولأنها لم يكن لديها اسم أوسط. وتعتبر رولينغ أن «جو» هو اسمها وقالت «لم ينادني أحد قط بجوان عندما كنت صغيرة إلا إذا كانوا غاضبين مني».
بدأت جوان رولينغ كتابة سلسلة روايات هاري بوتر سنة 1995 الذي تجلى لها أثناء رحلة في القطار من مانشستر إلى لندن. وفي البداية لم يتحمس العديد من الناشرين لنشر أولى رواياتها، والتي حملت عنوان «هاري بوتر وحر الفيلسوف»، والناشر الوحيد الذي قبل نشره رفض أن يكتب اسم «جوان رولينغ» كما أرادته، بل كان سببا في استخدامها لأحرف اسمها التي صارت مشهورة بها J. K. Rowling. وبين لحظة توسل اسم مناسب واليوم بيعت حتى الآن ما يفوق ثلاثمائة مليون نسخة من هذه الروايات.

أكثر الكتب مبيعاً في التاريخ
أدرجت سلسلة روايات هاري بوتر ضمن قائمة أكثر الكتب مبيعاً في التاريخ، وبنيت عليها سلسلة من الأفلام، وأصبحت ضمن قائمة أعلى الأفلام دخلاً في العالم. وفي عام 2004 ذكرت مجلة «فوربس» أن ثروة ج. ك. رولينغ تجاوزت المليار دولار، وأصبحت أول مليارديرة في العالم من الكاتبات.
ككل الكتاب المؤثرين، فإن خرجاتهم الإعلامية لا تكون مجانية، وغالبا ما تتبعها تعليقات، أحيانا بأغراض تجارية ودعائية، وأحيانا لأسباب مبدئية. ليجدوا أنفسهم في قلب عاصفة من الجدل، وصاحبة هاري بوتر أحسن من يقوم بذلك في السنوات الأخيرة.
ففي سنة 2014 تعرضت جي كي رولينغ، لعاصفة من الانتقادات السياسية الشرسة على مدونتها، أخيراً، من جانب أنصار استقلال اسكتلندا عن المملكة المتحدة، وذلك بعد تبرعها بمبلغ مليون جنيه إسترليني لحملة الحفاظ على الاتحاد «من الأفضل أن نبقى معاً»، وهذا الهجوم السيبراني ازداد شراسة بعد تشبيه رولينغ للانفصاليين الاسكتلنديين المتشددين بالأشرار من أتباع الشرير «فولدمورت» في رواياتها الشهيرة.
وقبل أشهر من الآن، أثارت رولينغ موجةً من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي أخيراً. إذْ بعد مرور قرابة عقد على صدور آخر كتب سلسلة «هاري بوتر»، أثارت رولينغ جدلاً واسعاً بسبب الإضاءات أو الإضافات الأخيرة، إن صح التعبير، والتي أعلنت عنها الكاتبة بأثر رجعي حول شخصيات القصة. تراعي هذه الإضافات قواعد أيديولوجيا «الصواب السياسي» السائدة الآن. وعبّر البعض عن أنّ إضافات رولينغ هي مغالية في «وعيها السياسي». وخصوصاً في قضايا العدالة الاجتماعية والتمييز العرقي وغيرها.

المثلية.. الإسلاموفوبيا والعنصرية
ما جعل جمهور رولينغ العريض يغضب بسبب تصريحاتها الأخيرة العديدة، هو ما ذكرته الكاتبة في مقابلةٍ أجرتها بعد صدور فيلم «وحوش خيالية: قصص جرائم غريندلفالد»، حين قالت: «إن علاقة «دامبلدور» بـ«غريندلفالد» كانت علاقة عاطفية عاصفة وشغوفة، وكأي علاقة حب مثلية أو غيرية، أو أياً كان التصنيف الذي قد نسِم به العلاقات، لا يعرف أحدنا ما يفكر فيه الشخص الآخر تماماً، لذلك لست مهتمةً كثيراً بالجانب الحسي من هذه العلاقة، على الرغم من أني أعتقد بوجود بعد جنسي واضحٍ». هذه الافتراضات حول ميول شخصيات «هاري بوتر» الجنسية أو لون بشرته وطبيعة علاقته ببعضها، سبّب العديد من الانطباعات والآراء المتباينة بين متحمّس مهتمّ وممتعض بحق. وبالطبع مواقع التواصل الاجتماعي كانت الملعب الأكبر لتناول افتراضات رولينغ بأشد الطرق سخريةً ومزاحاً.
متابعة رولينغ للقضايا التي تطرح دوليا، جعلها لا تتوانى في الإدلاء بآرائها في قضايا كالإسلاموفوبيا والعنصرية وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. فقد انتقدت مؤلفة سلسلة روايات هاري بوتر، الخطاب المستخدم في الحملات المؤيدة والمعارضة للبقاء في الاتحاد الأوروبي، حيث كتبت على صفحتها الشخصية على الإنترنت أن حملة الاستفتاء «من أكثر الحملات السياسية المثيرة للانقسام والمرارة»، الأمر الذي جعلها تتساءل عن الطريقة التي يخلق فيها الروائي الساسة الوحوش، كما في قصص الجنيات، وتقول رولينغ، التي عارضت استقلال اسكتلندا: «أنا لست خبيرة بما فيه الكفاية، لكنني أعرف كيف يمكن خلق وحش»، مشيرة إلى هانبيال ليكتر في رواية «صمت الحملان»، و»الأخ الأكبر» في رواية جورج أورويل «1984»، ولورد فولديمورت في روايتها عن هاري بوتر «فما يخيفنا هو اللا إنساني والخارق».
قبل سنة نشرت صاحبة سلسلة هاري بوتر، تغريدة ضد أخرى «مناهضة للإسلام». حيث ردت على مدون عنصري يدعى، روتغر، كتب على «تويتر»: هل تعلم أن رمي شطيرة لحم خنزير خارج مسجد في بريطانيا، يدخلك السجن مدة أطول من عقوبة اغتصاب فتاة قاصر في الحادية عشرة من عمرها». حيث انتقد هذا الرجل، خطوات الحكومة البريطانية ضد العنصريين، ومحاولتهم التضييق على المسلمين والتعرض لهم ولأماكن عبادتهم.
وجاء رد الكاتبة العالمية: «هل تعلم أننا في بريطانيا، نسمي الأشياء غير الحقيقية بالهراء؟» في إشارة إلى المعلومة الخاطئة التي يروج لها الرجل عبر تغريدته. وهذه ليست المرة الأولى التي تدافع فيها رولينغ عن المسلمين، فكانت قد كتبت في إحدى المرات، بعد هجمات على مسجد «فينزبري بارك» في لندن مطلع هذا العام «لوم الضحايا من قبل الصحف المعتادة أمر مقرف».

رولينغ وكورونا
في خضم اجتياح فيروس كورنا، قالت رولينغ أنها تعافت مما اشتبهت في أنه كوفيد-19 وذلك بعد أسبوعين من المرض. وكتبت على حسابها بتطبيق تويتر «على مدى الأسبوعين الماضيين كانت لدي جميع أعراض كوفيد-19 (رغم عدم إجرائي للفحص)». كما نشرت تسجيلا مصورا لأسلوب تنفس قالت إنه ساعدها في التغلب على أسوأ الأعراض لديها أوصاها به زوجها الذي يعمل طبيبا في المملكة المتحدة. وقالت «تعافيت تماما وأريد أن أشارك أسلوبا أوصاني به الأطباء، لا يكلف شيئا، ولا يسبب أي أعراض جانبية، لكنه قد يساعدكم أو يساعد أحبابكم كثيرا، مثلما حدث معي». وبهذا انضمت رولينغ إلى قائمة المشاهير الذين أعلنوا إصابتهم بالفيروس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى