
رشيدة أحفوض : مستشارة سابقة بمحكمة الاستئناف بالبيضاء أستاذة بالمعهد العالي للقضاء أستاذة زائرة بكلية الحقوق بطنجة الرئيسة المؤسسة للجمعية المغربية للقضاة
تنص المادة 40 من مدونة الشغل:
«… يعد من بين الأخطاء الجسيمة المرتكبة ضد الأجير من طرف المشغل أو رئيس المقاولة، ما يلي:
– السب الفادح؛
– استعمال أي نوع من أنواع العنف والاعتداء الموجه ضد الأجير؛
– التحرش الجنسي؛
– التحريض على الفساد.
وتعتبر مغادرة الأجير لشغله بسبب أحد الأخطاء الواردة في هذه المادة، في حال ثبوت ارتكاب المشغل لإحداها، بمثابة فصل تعسفي…».
وساير الاجتهاد القضائي الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، حيث قضت محكمة النقض برفض طلب النقض في مواجهة قرار استئنافي، اعتبر أن اعتداء مدرس على تلميذه بالضرب يعد خطأ جسيما وخرقا لاتفاقية حقوق الطفل، المؤرخة في 20 نونبر 1989 والمصادق عليها من طرف المملكة المغربية، بمقتضى الظهير الشريف بتاريخ 21 نونبر 1996، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4440 بتاريخ 19 دجنبر 1996 (قرار محكمة النقض عدد 940 الصادر بتاريخ 27 غشت 2013، ملف اجتماعي عدد 2013/1/5/243).
وقضت محكمة النقض برفض طلب النقض في مواجهة قرار استئنافي، قضى بأن الاستماع إلى الأجير في محضر داخل الأجل القانوني قبل فصله تأديبيا لارتكابه خطأ جسيما لا يعد كافيا للقول بسلك مسطرة الفصل، إذ يتوجب على المشغل استكمال جميع إجراءات المسطرة المنصوص عليها في مدونة الشغل تحت طائلة اعتبار الفصل غير مشروع، والأساس القانوني في ذلك المواد 62، 63 و64 من مدونة الشغل.
وأكثر من هذا اعتبرت محكمة النقض أن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه قد جانبت الصواب، لما استبعدت في إثبات واقعة ارتكاب الأجير لخطأ جسيم يبرر فسخ عقد الشغل الحكم المستدل به من طرف المشغل، والذي قضى بإدانة الأجير من أجل جنحة خيانة الأمانة بتعليل أنه ليس نهائيا، في حين أن الأحكام مهما كانت طبيعتها مدنية أو جنائية صادرة عن المحاكم المغربية أو الأجنبية تكون حجة على الوقائع، التي تثبتها حتى قبل سيرورتها نهائية. الأساس القانوني في ذلك الفصل 418 من قانون الالتزامات والعقود، الذي ينص على ما يلي:
«الورقة الرسمية هي التي يتلقاها الموظفون العموميون، الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد، وذلك في الشكل الذي يحدده القانون. وتكون رسمية أيضا:
1. الأوراق المخاطب عليها من القضاة في محاكمهم.
2. الأحكام الصادرة عن المحاكم المغربية والأجنبية، بمعنى أن هذه الأحكام يمكنها حتى قبل سيرورتها واجبة التنفيذ أن تكون حجة على الوقائع التي تثبتها».
لعل أهم الإجراءات التي ينبغي اتخاذها وتعميمها على جل مناطق المغرب لتشجيع الاستثمار، وجعل مدونة الشغل دعامة للتنمية، والحفاظ على التوازن بين الطبقة الشغيلة والمستثمرين، هو تعميم محاكم اجتماعية متخصصة في القضايا الاجتماعية للبت في المنازعات المرتبطة بعقد الشغل، كما هو الحال بالنسبة إلى المحكمة الاجتماعية بالدار البيضاء نموذجا.
الإشكالية التاسعة: تخفيض ساعات العمل:
إشكاليات مدونة الشغل والحماية الاجتماعية للمستثمرين، يتأثر فيها عقد العمل عند تخفيض ساعات العمل، وقد عمل المشرع المغربي على حماية ودعم استقرار العمل من خلال المقتضيات المتعلقة بالأزمة الاقتصادية لأسباب عابرة، وهو مقتضى جديد ورد في إطار مدونة الشغل.
تنص المادة 185 من مدونة الشغل:
«… يمكن للمشغل استشارة مندوبي الأجراء والممثلين النقابيين بالمقاولة، وعند وجودهم أن تقلص مدة الشغل العادية لفترة متصلة أو منفصلة تتجاوز 60 يوما في السنة، وذلك عند حدوث أزمة عابرة لمقاولته، أو لظروف طارئة خارجة عن إرادته.
«يؤدى الأجر عن مدة الشغل الفعلية، على ألا يقل في جميع الحالات عن 50 في المائة من الأجر العادي، ما لم تكن هناك مقتضيات أكثر فائدة للأجراء، على ألا تتجاوز هنا التقليص 60 يوما في السنة الواحدة، وإذا كان التقليص تزيد مدته عن 60 يوما، وجب الاتفاق بين المشغل ومندوبي الأجراء حول الفترة التي سيستغرقها هذا التقليص، وفي حال عدم حصول الاتفاق لا يسمح بالتقليص إلا بإذن العمالة أو الإقليم…». وسمح المشرع المغربي للمشغل بتخفيض ساعات العمل، الذي يمر بأزمة اقتصادية عابرة أو ظروف طارئة خارجة عن إرادته، باحترام هذا المشغل لشروط هذا التخفيض، والذي يختلف بحسب ما إذا كانت مدته لا تتجاوز 60 يوما في السنة أو تزيد عنها، سواء كانت متصلة أو منفصلة:
الحالة الأولى: إذا كانت مدة التخفيض من ساعات الشغل العادية لا تتجاوز 60 يوما لفترة متصلة أو منفصلة.
1. استشارة مندوبي الأجراء والممثلين النقابيين عند وجودهم.
الحالة الثانية: إذا كانت مدة التخفيض من ساعات الشغل العادية تتجاوز 60 يوما.
1. وجوب الاتفاق بين المشغل ومندوبي الأجراء والممثلين النقابيين بالمقاولة عند وجودهم، حول الفترة التي يستغرقها هذا التقليص.
2. في حالة عدم التوصل إلى اتفاق، لا يسمح بتخفيض من مدة الشغل العادية إلا بإذن يسلمه عامل العمالة أو الإقليم.
– بالنسبة إلى الأجر يؤدى عن مدة الشغل الفعلية، على أن لا يقل في جميع الحالات عن 50 في المائة من الأجر العادي، ما لم تكن مقتضيات أكثر فائدة للأجراء. (انظر قرار محكمة النقض عدد 652 بتاريخ 25 أبريل 2013، ملف اجتماعي عدد 2012/2/5/309).
هذه المادة تحملنا إلى فصل ثان، وهو الفصل 735 من قانون الالتزامات والعقود، الذي ينص على: «من التزم بتنفيذ… أو بأداء خدمات معينة يستحق الأجر الذي وعد بتمامه، إذا لم يتمكن من تقديم خدماته أو إتمام… الموعود به لسبب راجع على شخص رب العمل، بشرط أن يكون قد وضع نفسه تحت تصرفه، ولم يوفر خدماته لشخص آخر، ومع ذلك للمحكمة أن تخفض الأجر المشترك، بحسب مقتضيات الظروف». قد نتساءل في إطار تخفيض ساعات العمل، هل ستسري المادة 185 من مدونة الشغل، أم المادة 735 من قانون الالتزامات والعقود؟




