شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

إنقاذ فاس

منذ أكثر من 35 سنة والخطابات حول مشاريع إنقاذ فاس تتكرر دون جدوى على أرض الواقع، فقد ذهبت كل المشاريع والأموال التي خصصت لتجديد العاصمة العلمية، بما فيها المشاريع التي وقعت أمام الملك، أدراج الرياح، وبقيت فاس غارقة في الفقر والتهميش والكساد والعجز التنموي والترقيع البنيوي.

وبدل أن تقود فاس، بالنظر إلى تاريخها ورمزيتها الدينية والحضارية وغناها الحضاري والإنساني، قاطرة التنمية والسياحة والفن والتراث، فقد تحولت إلى مدينة مهملة وضحية مسؤولين محليين بدون ضمير. فاس التي كانت في زمن مضى رمزا للأناقة والنظام والتحضر، قبل أن تصير اليوم مدينة غارقة في الأوساخ والفوضى، وفاقدة «هويتها» التي ظلت متميزة بها قرونا من الزمن.

وبالرغم من المشاريع المتعاقبة التي تم الإعلان عنها لإنقاذ فاس، فإن ذلك اصطدم بإرادات معاكسة للمنتخبين من الأحزاب السياسية والمعينين من السلطة الترابية، الذين ظلوا لعقود يخططون للمدينة على مقاس أمزجتهم السياسية، وعلى أساس ميزان الربح والخسارة بالنسبة إلى حساباتهم الخاصة.

للأسف فاس اليوم تئن تحت وطأة التهميش والبطالة وعجز التنمية وصفقات السماسرة، فأعرق مدينة في بلدنا، والتي كانت مقرا للسلاطين ومحجا للعلماء والمثقفين من كل بقاع العالم، المدينة التي كانت جنة بمناطقها الخضراء وتقاليدها في الفن والطبخ والصناعة التقليدية تحولت إلى ذكرى بعيدة، بينما الواقع اليوم يقول إننا أمام مدينة تغرق، أصبح أكبر همها أن تحصل على نقل عمومي يضمن بعضا من كرامة الفاسيين.

لا يفهم أحد اليوم، لماذا ظلت فاس مهمشة لعقود مستبعدة من الإقلاع، على شاكلة المدن التي شهدت تطورا على مستوى البنيات التحتية والخدمات الاجتماعية والاستثمار وخلق فرص الشغل، مثل الرباط ومراكش والدار البيضاء وأكادير وطنجة، لكن الحقيقة هي أن العاصمة العلمية للمملكة لم يكتب لها منذ عقود أن يدبرها منتخبون بكفاءة ووطنية عالية، فمعظم منتخبيها انتهى بهم المطاف أمام المحاكم، أما رجال السلطة الذين تناوبوا على فاس، ومنهم من عمر فيها لقرابة عقد من الزمن وعاصر عهد شباط والأزمي والرئيس الحالي، فلم يكونوا في مستوى تثمين هذه المدينة العريقة ولم تكن لهم الكفاءة لإنقاذ فاس من الغرق في مستنقع الفساد والإهمال.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى