الرئيسيةخاصسياسية

«الأخبار» ترصد اختلالات قطاع الصحة العمومية بالشمال فشل حكومي في معالجة مشاكل الإنعاش والاكتظاظ ونقص الموارد البشرية

تطوان: حسن الخضراوي
أقدم مجموعة من سكان إقليم شفشاون، خلال الأيام القليلة الماضية، على الشروع في جمع توقيعات عريضة، سيتم من خلالها مطالبة حكومة سعد الدين العثماني، بالعمل على تجويد الخدمات الصحية بالمستشفى الإقليمي، وتوفير الموارد البشرية لفتح قسم الإنعاش والتخدير، وإعفاء المرضى والجرحى من التنقل نحو تطوان، فضلا عن العمل على تقريب الخدمات الصحية من سكان القرى والمناطق النائية، وتوفير الأدوية وسيارات الإسعاف.
ودق مجموعة من أطباء التخدير والإنعاش بالمستشفى الإقليمي سانية الرمل بتطوان، ناقوس خطر الاكتظاظ الذي تشهده المصلحة الحساسة، نتيجة تحول المؤسسة الاستشفائية المذكورة إلى محطة استقبال المرضى والجرحى والمصابين بجائحة «كوفيد- 19»، من أقاليم وزان، شفشاون، المضيق والفنيدق، بالإضافة إلى سكان قرى الأقاليم المذكورة.
وذكر مصدر مطلع أن مجموعة من المحسنين بمدن الشمال، بادروا إلى دعم قطاع الصحة العمومية، تفاديا للسقوط في مطب الانهيار، سيما في ظل إصابات كورونا المسجلة في صفوف الأطقم الطبية والإدارية، وكذا النقص الحاد في الموارد البشرية، حيث يتم الاعتماد على ممرضين متمرنين، كما يتم اللجوء إلى تدابير ترقيعية يفرضها الواقع المتعلق بفشل حكومة سعد الدين العثماني في إصلاح المنظومة الصحية بشكل عام.

مقالات ذات صلة

ناقوس الخطر

مع تزايد الإصابات وانتشار جائحة «كوفيد- 19»، دق مجموعة من أطباء التخدير والإنعاش بتطوان، ناقوس خطر استمرار استقبالهم لحالات من شفشاون ووزان والمضيق والفنيدق، حيث يصعب التعامل مع الاكتظاظ في ظل النقص الحاد في الموارد البشرية، والإرهاق الذي أصاب الأطقم الطبية والتمريضية المختصة، حيث يتم بذل مجهودات مضاعفة لتفادي الارتباك.
وقال أحمد قايدي، الكاتب الإقليمي للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام بتطوان، إن النقص الحاد في الموارد البشرية بقسم الإنعاش والتخدير، أصبح من الصعب التعامل معه، في ظل استمرار ضغط التوجيه من مناطق أخرى، والإرهاق الذي أصاب الأطباء بسبب العلاجات المكثفة التي يحتاجها مرضى جائحة «كوفيد- 19»، وغيرهم من الجرحى والمرضى الذين تستقبلهم المصلحة الحساسة.
وأكد المتحدث نفسه على أن وزارة الصحة مطالبة بتدابير مستعجلة لتخفيف الاكتظاظ والضغط على مصلحة الإنعاش والتخدير بتطوان، وذلك بالعمل على فتح مصلحة الإنعاش بشفشاون ووزان والمضيق، فضلا عن ضمان العمل وفق نظام الحراسة بالنسبة إلى مصلحة التوليد والجراحة، وذلك لتحقيق نوع من التوازن في تغطية كل مؤسسة استشفائية لعدد سكان مقبول، ويمكن التعامل معه.
وحسب الدكتور قايدي المختص في الإنعاش والتخدير، فإن وزارة الصحة وعوض دعم مصلحة الموارد البشرية بتطوان، اختارت تخصيص منصب واحد بالإقليم، ضاربة عرض الحائط توصيات النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام بتخصيص 14 منصب طبيب في الحد الأدنى، لتدارك النقص الحاد في الأطباء، وضمان سد الفراغ المهول بمراكز صحية وقسم المستعجلات.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن مصلحة الإنعاش والتخدير تحتاج مجهودات مضاعفة من الأطقم الطبية والتمريضية المختصة، حيث يستحيل الاستمرار في الاعتماد على ممرضين في مرحلة تمرين أو دون تجربة طويلة في الميدان، لأن الأمر يرتبط بتتبع صحي دقيق لكل حالة، ناهيك عن استحالة التعامل مع الوضع داخل أقسام حساسة وفق تدابير ترقيعية، لأن الأمر يتعلق بصحة وأرواح المواطنين.
وذكر أحمد أن أطباء القطاع العام بالشمال سيستمرون في احتجاجهم ومطالبتهم بتجويد الخدمات الصحية، والوقوف في وجه القرارات الحكومية التي لا تخدم الصحة العمومية، فضلا عن الاستعداد للتصعيد كل ما دعت الظروف إلى ذلك، لضمان حق الطبيب في العمل وسط ظروف جيدة، وحل الملفات العالقة، وتنزيل ما تم الاتفاق عليه مع الحكومة خلال اجتماعات سابقة.

مشاكل التوجيه

من المشاكل المستعصية التي يتخبط فيها قطاع الصحة العمومية بجهة طنجة – تطوان – الحسيمة، مشكل التوجيه من مؤسسات استشفائية عمومية متعددة، نحو المستشفى الإقليمي سانية الرمل بتطوان، ما يخلق متاعب مضاعفة للمرضى وعائلاتهم، فضلا عن نشوب نزاعات بين الأطباء وإدارات المستشفيات المعنية، نتيجة الخلافات الحادة حول إمكانية العلاج بالمستشفى، الذي يوجه المرضى والجرحى والحوامل إلى تطوان.
ويستقبل مستشفى تطوان العديد من الحالات الخطيرة التي تحتاج الإنعاش والتخدير من مناطق متعددة، وسط استمرار احتجاجات السكان المعنيين على عمليات التوجيه، ومطالبة خالد آيت الطالب، وزير الصحة، بتوفير اختصاصات حساسة، وإعفاء المرضى من مخاطر ومضاعفات التنقل لمسافات طويلة قصد تلقي العلاج، علما أن المستشفيات الإقليمية بشفشاون ووزان والمضيق، وجب أن تؤدي الدور نفسه للمستشفى الإقليمي سانية الرمل بتطوان.
وحسب مصادر فإن مشاكل التوجيه من الفنيدق إلى تطوان، تسببت في احتجاجات وشكايات وصلت وزارة الصحة، منها شكاية لسيدة تم توجيهها من المستشفى المحلي بالفنيدق إلى مستشفى محمد السادس بالمضيق، بعد اكتشاف مرضها بالقلب، حيث تبين أنها تحتاج إلى تحاليل مستعجلة، ثبت وجودها بتطوان، لكن تم إخبارها بمستشفى محمد السادس بالمضيق أنها غير موجودة، ما يؤكد فوضى التنسيق، ويتعارض مع الجودة في الخدمات. كما أن الشكاية المذكورة ما زالت في مرحلة دراسة بموقع وزارة الصحة، بعد تعقيبات متكررة للمشتكي.
واستنادا إلى المصادر نفسها فإن الحلول التي تم طرحها لتفادي التوجيه، غالبا ما تصطدم بمشاكل الموارد البشرية، لذلك كانت وزارة الصحة تخطط قبل ظهور وباء «كوفيد- 19»، لمراجعة الخريطة الصحية بالشمال، والنظر في ضم إقليم المضيق إلى تطوان، والعمل على تدبير الخصاص في الاختصاصات الحساسة، حتى تضمن السير العادي بجميع الأقسام وفق نظام الحراسة.
من جانبه كشف مصدر مسؤول، أن وزارة الصحة على وشك الانتهاء من تنفيذ مجموعة من المؤسسات الاستشفائية الكبرى بجهة طنجة – تطوان – الحسيمة، وبافتتاحها بطنجة وتطوان ومرتيل، ستعالج مجموعة من المشاكل التي يعاني منها المواطن، كما ستعفي المرضى من التنقل والتوجيه، إلى جانب الرفع من جودة الخدمات الصحية، والاستفادة من تجربة الوباء.

بدلات سوداء

مع استمرار مشاكل قطاع الصحة العمومية بتطوان والمناطق المجاورة، أكد مجموعة من الأطباء على أنهم سيستمرون في الاحتجاج وارتداء بدلات سوداء والشارة 509، كتعبير عن سخطهم وتذمرهم من تنصل حكومة سعد الدين العثماني، من التزاماتها بتنفيذ الملف المطلبي، واختيارها التماطل والتسويف في قضايا لا تحتمل التأخير.
وسبق أن خرج أطباء القطاع العام بتطوان للاحتجاج مرات متعددة، والمناداة برد الاعتبار لمهنة الطب بصفة عامة، والاستجابة للملفات المطلبية، التي عمرت لسنوات على طاولة وزير الصحة دون تحقيق أي تقدم يذكر، فضلا عن استنكار تنصل الحكومة من التزاماتها، ما يدفع الأطباء في كل مرة إلى خوض أشكال نضالية تصعيدية، كان بالإمكان الاستغناء عنها، خاصة في ظل انتشار عدوى الجائحة، والمشاكل التي تتخبط فيها المؤسسات الاستشفائية العمومية.
ويرى العديد من المتتبعين أن احتجاج الأطقم الطبية والتمريضية بالشمال، هو بمثابة تنبيه إلى الاختلالات والإكراهات، بشكل استباقي، لأن الأمر يتعلق بتجارب ميدانية والتعامل مع الحالات الطارئة، وتدبير إكراه الاكتظاظ بأقسام حساسة، ناهيك عن أن الأطباء يقدرون جيدا اختلالات المنظومة الصحية، ويمكن من خلال التنسيق معهم النجاح في تنزيل استراتيجيات واضحة لإصلاح قطاع الصحة العمومية.
وتسببت الإضرابات المتتالية في قطاع الصحة، في ظل تسجيل ارتفاع في عدد الإصابات بالفيروس بمدن الشمال، والاكتظاظ المسجل بأقسام حساسة مثل الإنعاش والتخدير، في مضاعفة معاناة المرضى وذويهم، بسبب التأخير الذي يقع على مستوى مواعد الفحص أو العمليات الجراحية، ناهيك عن تراكم المواعد الخاصة بالفحص بالأشعة و«السكانير»، وصعوبات الحفاظ على الجودة في الخدمات الصحية التي تقدمها المؤسسات الاستشفائية العمومية.

فشل حكومي

فشلت حكومة سعد الدين العثماني في معالجة مشاكل قطاع الصحة العمومية بالشمال، حيث يستمر احتجاج سكان قرى بوزان وشفشاون، على غياب الجودة في الخدمات الصحية، فضلا عن مساءلة خالد آيت الطالب، وزير الصحة، بالمؤسسة التشريعية بالرباط، عن غياب الاختصاصات بالمستشفى الإقليمي بشفشاون، رغم تغطية الجماعات القروية التي يتشكل منها الإقليم، ومضاعفات وأخطار توجيه المرضى والجرحى نحو تطوان.
وتسبب التأخر في الحسم في ملفات مطلبية، في عودة الاحتقان إلى صفوف الأطباء والممرضين، ما يؤثر بشكل مباشر على جودة الخدمات، فضلا عن تنفيذ إضرابات كان بالإمكان تفادي تبعاتها، لو توفرت بحسب مصادر رؤية استباقية للحكومة في التعامل مع احتجاجات الشغيلة بقطاع الصحة العمومية، كمرفق حساس تبين خلال انتشار الجائحة حاجة الجميع إليه.
وذكر مصدر طبي أن تراجع جودة الخدمات بالمستشفيات العمومية بالشمال، وتراكم المواعد، والارتباك في تتبع حالة المرضى بأمراض مزمنة، كلها أمور تدفع بعض الفئات الفقيرة إلى الاقتراض للتوجه نحو القطاع الخاص، رغم التوفر على بطاقة التغطية الصحية «راميد»، ما يزيد من إثقال كاهل الأسر بالديون وتعميق معاناتها الاجتماعية.
واستنادا إلى المصدر نفسه فإن الحكومة مدعوة إلى الاهتمام بشكل كبير بقطاع الصحة العمومية، لأن الجائحة أظهرت الحاجة إلى الموارد البشرية الكافية، والتجهيزات الضرورية، والمختبرات، وتوسيع أقسام الإنعاش والتخدير، وتفادي عمليات التوجيه من منطقة إلى أخرى، لضمان الجودة، وتنزيل الحق الدستوري في العلاج والتطبيب وفق الجودة للجميع.
وحسب المصدر ذاته فإن الجائحة كشفت عن عورة القطاع الخاص، الذي يتهرب من توسيع خدمات الإنعاش والتخدير بالنظر إلى كلفتها المادية الباهظة، والمشاكل التي تترتب عند الأداء، كما أن الصحة العمومية هي التي تقبل على كافة الحالات، وتجويد خدماتها، هو السبيل الوحيد لمصالحة المواطن مع المستشفى العمومي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى