حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةصحة

«البارانويا» اضطراب الارتياب الشديد

مونية الدلحي
كثيرا ما نسمع عبارة «هذا الشخص مصاب بالبارانويا» دون أن ندرك معناها الحقيقي، وربما قد ندرك شيئا مما يقصده المتحدث، لكننا لا نتأمل أكثر في الكلمة وندرك أنها قد تكون اسما لمرض نفسي يصيب الآلاف من الأشخاص. «البارانويا» كلمة تقال كثيرا في الأفلام والمسلسلات، وعادة ما تقال لأشخاص معينين مصابين بجنون الارتياب، ولعل العديد من المسلسلات والأفلام حاولت التطرق لهذا الجانب من حياة أشخاص عانوا من «البارانويا» أو «جنون العظمة».
البارانويا اضطراب نفسي مثله مثل باقي الاضطرابات النفسية الكثيرة التي تصيب العديد من الأشخاص، وهو ما يسمى أيضا «اضطراب الشخصية المتعلق بجنون الارتياب». وهو نوع من أنواع الأمراض النفسية التي يتحول فيها الشخص إلى شخص غريب الأطوار، وعندما نقول شخصا غريب الأطوار فإننا في هذه الحالة لا نتحدث عن شخصية طبيعية، وإنما عن شخصية مختلفة كليا وتتصرف بطريقة خارجة عن المألوف وغير عادية، بحيث يبدو سلوك الشخص غريبا جدا بالنسبة للآخرين المحيطين به، ودائما ما يتعاملون مع هذا الشخص بحذر لأنه بالنسبة لهم «شخص غريب الأطوار».
الأشخاص المصابون بالبارانويا هم أشخاص لا يؤمن لهم، هم أشخاص مشكوك فيهم، ودائما ما يتعامل معهم الآخرون بحذر شديد. فيما الشخص المصاب بهذا الاضطراب عادة يكون شخصا لا يثق في الآخرين أو في دوافعهم، ودائما ما يتعامل مع الآخرين بحذر وارتياب وترقب كبير، ودائما ما يشعر المريض بالتهديد من قبل الآخرين، معتقدا أنه ربما قد يكون ضحية الآخر وربما سيؤذيه ويسبب له المشاكل.

السمات المميزة للمريض
لعل من أهم سمات الشخصية المصابة بالبارانويا، عدم الثقة في الآخرين، والارتياب من كل سلوك يقوم به من حولها كيفما كان نوع هذا السلوك، بحيث أي كلمة تقال للشخص المريض مهما كانت صغيرة أو كبيرة فهو يقوم بتحليلها وتدوريها ليجعلها سلاحا متجها نحوه، أو أن الآخرين يريدون إيذاءه. وعادة ما يحمل الضغائن نحو الآخرين، وعادة ما يشعر بالتهديد والخطر من كل التعليقات الموجهة إليه كيفما كان شكلها.
الأشخاص المصابون بالبارانويا هم أشخاص سريعو الغضب، دائما ما تجدهم يشعرون بالغضب جراء فعل بسيط، فضلا عن أنهم سريعو الشعور بالعدوانية أيضا تجاه الآخرين، بحيث قد يكون الشخص طبيعيا مسالما، وفور توجيه ملاحظة له أو كلاما قد يكون عاديا، إلا أنه لا يتعامل معه على أنه عادي وإنما يتعامل معه كما لو كان سلاحا موجها إليه.
ويظهر هذا الاضطراب، في أغلب الأحيان، في مرحلة البلوغ المبكر، وقد يظهر عند الرجال والنساء في آن واحد، أي أنه ليس منتشرا عند جنس أكثر من غيره. وتكمن المشكلة في أن علاج البارانويا يعد أمرا صعبا للغاية، والسبب هو أن الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب، في العادة، لا يثقون في الآخرين أبدا ولديهم شكوك دائمة وعديدة نحو الآخرين، ومن أجل الحصول على العلاج والاستجابة له من الضروري على المريض أن يثق في الطبيب المعالج، وهنا يأتي دور الطبيب في أن يحاول جاهدا كسب ثقة المريض بالطرق التي يمكنه سلكها، لأن العلاج يتوقف على بناء جسر الثقة بين المريض والمعالج.

أسباب الإصابة باضطراب «البارانويا»
لا تحدث الإصابة بالبارانويا بمحض صدفة، بل هناك مجموعة من الأسباب التي تتداخل في ما بينها مؤدية للإصابة بهذه الحالة. وبالرغم من أن السبب الحقيقي والرئيسي للإصابة غير معروف، فإنها تحدث نتيجة لتداخل مجموعة من العوامل البيولوجية والبيئية، ما يؤدي في الأخير إلى الإصابة بجنون العظمة.
وعادة ما يصيب هذا الاضطراب الأشخاص الذين ينتمون لأسر لديها تاريخ مرضي لمجموعة من الأمراض النفسية، على غرار الأسر التي عانى بعض أفرادها من الفصام، أو الاضطرابات الوهمية، وقد يكون السبب هو التعرض لصدمة نفسية قوية، خصوصا في فترة الطفولة.

علاقة المريض بالمرض
في العادة، فإن الشخص الذي يعاني من البارانويا لا يرى أنه شخص غير طبيعي أو يعاني من اضطراب ما، حيث يعتبر أن سلوكه طبيعيا جدا، وعادة فإن المريض يتعامل بطريقة فظة مع الآخرين وبطريقة معادية لهم وساخرة، وكثيرا ما تكون ردة فعل الآخرين قاسية نحوه كذلك، لأنهم يعتبرونه شخصا غير مقبول اجتماعيا فيتهربون منه أو يعاملونه بالعدائية نفسها ويعاملونه بقسوة، خصوصا أولئك الاشخاص الذين لا يدركون أنه مريض ويعاني من مشكلة ما، بل أكثر من هذا فالشخص المصاب باضطراب البارانويا هو في الواقع شخص قد يعاني من اضطرابات أخرى، من قبيل الاكتئاب والقلق وتغير المزاج، وهذه الحالات المرضية تزيد من حالة الاضطراب التي يعاني منها وتزيد في تغذيتها، وهذه الاضطرابات جميعها تزيد من شعوره بجنون العظمة.
من بين المشاعر التي يشعر بها المريض والتي تزيد من اضطرابه، أنه يعتقد أن الآخرين لديهم دوافع خفية وحقيقية لإلحاق الأذى به، كما أنه يكون كثير الشك في ولاء الآخرين له ويعتبرهم غير أهل للثقة. ناهيك عن أن هذا المريض لا يتقبل النقد حتى وإن كان لمصلحته، فهو شديد الحساسية للنقد، ويجد صعوبة في مشاركة العمل مع الآخرين. فهذه الشخصية سريعة الغضب جدا وسرعان ما تتحول إلى شخصية عدائية، منفصلة أو معزولة اجتماعيا.

التشخيص
البارانويا اضطراب مشابه لانفصام الشخصية واضطراب الشخصية الحدية، فكل هذه الأمراض يعاني مرضاها من الأعراض ذاتها، ولهذا قد يكون من الصعب جدا تشخيص المرض الحقيقي الذي يعاني منه المرء.
ومن أجل التعرف أكثر على حالة المصاب وتشخيص المرض بدقة كبيرة، فإن أول ما يقوم به الطبيب المعالج عرض مجموعة من الأسئلة تتعلق بالأعراض وتاريخ المرض على وجه خاص، قبل
عمل فحوصات طبية من أجل التأكد من عدم الإصابة بأية أمراض عضوية أخرى محتملة.
عند التشخيص، يقوم الطبيب المعالج بعرض مجموعة من الأسئلة والأحداث لمعرفة ردة فعل المريض بشأنها وقياس ردة فعله. وهناك عدد من الفحوصات التي يقوم بها المعالج من أجل الحصول على التشخيص الدقيق
للمرض.

العلاج
من الممكن جدا علاج اضطراب البارانويا، غير أن تقبل العلاج يتوقف بداية على مدى تقبل المريض للعلاج ومدى ثقته في معالجه، لأن انعدام الثقة بين المريض والمعالج قد يكون دافعا كبيرا يؤثر على العلاج، لكن في حال كان المريض متقبلا للأمر، فإن العلاج بالتحدث والعلاج النفسي مفيدان جدا في هذه الحالة، فهما من الطرق المهمة لمساعدة المريض على تقبل المرض وكيفية التعامل معه، وتحسين طرق التواصل مع الآخرين، مع المساعدة على تقليل جنون العظمة الذي يشعر به المريض، ومن الممكن، أيضا، أن يصف الطبيب بعض الأدوية لعلاج حالات الاكتئاب أو القلق.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى