التازي: «الفقيه» أخبرني أنه لا يود أن يُقال إنه تفاوض مع وزير الداخلية للعودة إلى المغرب

يونس جنوحي
يواصل السفير محمد التازي سرد الأحاديث التي دارت بينه والفقيه البصري خلال العشاء في القاهرة – بحضور الكاتب المصري لطفي الخولي- في إطار الإعداد لعودته النهائية إلى المغرب، وطي صفحة المعارضة «الشرسة» التي ارتبطت باسمه، لنظام الملك الراحل الحسن الثاني.
يقول محمد التازي إذن:
«بعد أن انتهى عشاؤنا، وكان الحديث حول المائدة بدور حول ذكرياتنا عن الفترة التي أعقبت الاستقلال، والانتكاسات التي أصابت الحركة الوطنية وصراع الأجنحة المتناقضة في حزب الاستقلال، تحدث لطفي الخولي عن تجربته في معتقلات المغرب، حين اعتقله الكولونيل محمد أوفقير هو والمرحوم أحمد بهاء الدين.
كان الجو مشحونا بالرطوبة المتصاعدة من النيل، ونحن نتطلع إليه، ومياهه تتدفق دائما
إلى الأمام، لأنها لا تعود مرة أخرى إلى الوراء، فهي المستقبل دائما..
وقلت للفقيه البصري:
-متى ستأخذ جوازات السفر؟ ومتى العودة إلى المغرب؟
-أريد أن أحافظ على مصداقيتي، فليس لي ما أملك إلا هذه المصداقية
-لا أفهم
-أتدرى حقيقة الاتصالات التي تمت معي؟
-بكل صدق، لا أعرف إلا ما قرأته من حديث معك في جريدة اليوم السابع.
-إذن، إليك ما جرى. جاءني في باريس إدريس البصري، بمبادرة من جلالة الملك بالعودة إلى المغرب. شرحت له موقفي، منوها بالخطوة الملكية، ومقدرا موحياتها، وبرغم التراكم المتجدد، فإن دخولي، إذا كان سيساهم في خلق تطوير وتحديث في الحياة السياسية والاجتماعية، فإني ما زلت قادرا على العطاء، دون خلفيات أو سعي نحو مكتسبات أو مناصب، أما إذا كان دخولي سيعتبر صفقة ثنائية فإني أفضل البقاء حيث أنا.
ويستمر الفقيه البصري في الحديث عما دار بينه وإدريس البصري، وأنا
ولطفي الخولي نستمع:
-وأنا أعرف دوافع جلالة الملك، إن والده محمد الخامس محرر المغرب، وهو موحد المغرب، ويريد استمرار العرش، بالاستقرار السياسي والقضاء على بؤر السيبة، واحتمال تحركها في المستقبل، ولهذا تتجه السياسة إلى تهجير اقتصادي من الجنوب إلى الشمال لتفتيت التراكم القبَلي.
وسأله إدريس البصري:
-ما هو موقفك من ملفين ما يزالان مفتوحين؟ أولهما ملف «حركة إلى الأمام» والثاني ملف «عبد الكريم مطيع»
فكان رد الفقيه البصري:
-بالنسبة للملف الأول، يجب أن أكون صادقا مع نفسي ومع أصدقائي، فلكي تكون المبادرة الملكية تامة، يجب طي صفحة الماضي طيا تاما وذلك بصدور عفو عام على جميع المتهمين، سواء كانوا معتقلين أو في الخارج. ولا أستطيع العودة ووضعهم على ما هو عليه، لأن ذلك يمس بمصداقيتي، ويظهرني وكأني عقدت صفقة مع وزير داخلية المغرب، وهذا ما لا أقبله.
ويواصل الفقيه البصري إملاء شروطه للعودة إلى المغرب، وسط دهشتي مما أسمع، أنا
ويتتبعه بانتباه صديقنا لطفي الخولي.
«أما بالنسبة للملف الثاني، فإن الملف لم يقدم إلى القضاء، ولا ندري ما هي نتائج التحقيق، وقد اجتمعت مرارا بعبد الكريم مطيع الذي أكد لي أن قضية عمر بن جلون لا دخل له ولا لحركته فيها لا من قريب ولا من بعيد..
ولهذه الأسباب أنا لا أستطيع اتخاذ موقف الآن من هذا الملف.
وأبلغني إدريس البصري أن جلالة الملك قرر إصدار عفو عام، وأن جلالته يترقب الوقت المناسب للإعلان عنه، وكان ردي أني أفضل تأجيل العودة للمغرب حتى يصدر هذا العفو التام والعام».





