قال لي إنه ذاهب لكي يتم جلده فسألته ماذا كانت خطيئته فأجاب:
لا أعرف لكن الشريف يعلم ولا شك أن خطيئتي كبيرة
يونس جنوحي
الفصل الثاني:
زعيم القبيلة
عندما يخبرك أحد شرفاء اليمن بنسبه الشريف، فإنه يبدأ عادة من النبي نوح، ويمر إلى ذكر أسماء من الأساطير ويشرح كيف التقى نسبهم مع النبي إسماعيل، ابن النبي إبراهيم، مع أحد أجداد قريش من نسب النبي المبارك محمد.
مولاي أحمد بن محمد بن عبد الله الريسوني، الحسني، العلاني، بدأ نسبه من النبي.
يقول:
«أصلي من بيت قبيلة بني عروس. وهم أشراف من أبناء عبد السلام الشريف المدفون في أعلى قمة جبل علان. نحن أكبر وأعظم أشراف المغرب. قوتنا كانت دائما تنافس قوة الخلفاء. اذهبي إلى تطوان، وسوف ترين مدى التبجيل والتعظيم الذي تحظى به قبة جدنا سيدي علي بن عيسى. وسوف تسمعين عن الشرفاء الريسونيين في جميع أنحاء المغرب.
عندما نذهب إلى زيارة قبر سيدي ابن عبد السلام، فإن عدد الأتباع المصطفين في قمة جبل علان يصل إلى خمسة عشرة ألفا من المريدين. لكن عدد أحفاد الولي الصالح، من بينهم أفراد عائلة الريسوني، لا يتجاوز سبعين شخصا فقط.
سبق لنا شغل مناصب مهمة في الماضي ووقفنا بين الناس وبين السلاطين. إن من واجبنا حماية الناس لأنهم يعتبروننا مقدسين. إنهم مستعدون لكي يفدوننا بأرواحهم وممتلكاتهم نحن أصحاب البركة.
إذا أمرتُ أي رجل الآن أن يبدأ اليوم رحلته ويذهب إلى القاهرة أو مكة، فإنه لن يطرح أي أسئلة، وسوف يحمل جلابته ويذهب.
لا أحد يموت جوعا في بلد الإسلام. الشريف يجلس في باب بيته الكبير، وكل الناس في القرية يأتون إليه لكي يقبّلوا أطراف ثوبه ويصبوا الضريبة في سلته. أذكر عندما كنت صبيا صغيرا، إلى درجة أن والدي رحمه الله كان قد أعد لي عتبة فوق الأرض لكي أقف عليها، كان غاضبا من أحد العبيد فأمره أن يخرج ويخبر العبيد الآخرين أن يقوموا بجلده. التقيته في الطريق وسألته إلى أين هو ذاهب.
قال لي إنه ذاهب لكي يتم جلده. فسألته ماذا كانت خطيئته. فأجاب:
-لا أعرف. لكن الشريف يعلم، ولا شك أن خطيئتي كبيرة.
في إحدى المرات، كان لا بد أن يتم قتل شخص ما ارتكب جريمة. ولم يكن هناك أي مجال لمسامحة قاتل في طنجة. أرسل والدي الشريف في طلب رجل فقير وقال له:
-هل سوف تقبل أن تعيش عائلتك في نعمة وخير كبير وأن تذهب أنت إلى الجنة؟ إذا قبلت، تذكر أنك في اليوم الفلاني والساعة الفلانية قتلت رجلا.
أجاب ذاك الرجل الفقير:
-إذا كانت هذه رغبة الشريف، فلا بد أنني فعلا مذنب.
ولا بد أن الله منحه الحكمة لكي يجيب عن كل الأسئلة التي وجهت له.
كان هذا مثالا على قوة وبركة المنزل الذي كبرت فيه. ولهذا السبب يتبعني الرجال في المعركة. الموت إلى جانبي بركة. وعندما أقتل أنا رجلا، فإن عائلته كلها تعلم أنني أرسلته إلى الجنة.
..مبارك أحضر لي المفاتيح».
أحضر العبد الذي كان يسمع كلامنا بلهفة، صندوقا كبيرا مغلفا بالجلد، وأخرج منه الريسوني مفتاحا، وقال لي:
-سوف أريك وثيقة، ربما تستطيعين فهم مضمونها، وسوف ترين أن عائلتي أعظم من عائلة مولاي إدريس الذي حكم فاس.
وهذا ما جاء في الوثيقة التي وضعها الريسوني أمامي: (الحمد لله رب العالمين
إلى الشريف العظيم المبجل، الفريد، الذي اختاره الله من بين الشرفاء وهبه الله الخير. رحم الله سيدي أحمد الريسوني الحسني
سيدي أحمد، ابن سيدي المكي الذي كان أول شريف ريسوني، والذي عينه سيدنا المولى إسماعيل على مدينة تطوان، ووحد به الله تعالى البلاد بحكمته ونسبه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم. (…) هذه الأسرة تمتلك قوة وبركة مولانا عبد السلام.
سلطان المغرب مولانا علي الشريف، والذي كان دائما في أخطر المعارك والحروب، عين أشراف الريسوني. وهو دليل على أنهم جاؤوا إلى المغرب بعد خمس عشرة سنة (…) وهو ما يؤكد أن هذا الشريف كسب ثقة كبيرة من عرش مولاي علي الشريف أكثر من الآخرين.
وصلى الله على سيدنا محمد).
قبّل العبد الوثيقة عندما سُلمت إليه لإرجاعها إلى مكانها.
أولاد علي بن عيسى، هم أيضا يوجدون حاليا في قبيلة أكزناية ومنذ القديم إقليم تازة جماعة تيزي وسلي…. وهم شرفاء أدارسة