
محمد اليوبي
أصدرت المحكمة الابتدائية الإدارية بفاس حكما منصفا لعنصرين من فرقة شرطة الغابات عاقبهما المدير العام للوكالة الوطنية للمياه والغابات، عبد الرحيم الهومي، بسبب تدخلهما في عملية لمحاربة عصابات نهب غابات الأرز بإقليم إفران، ومطاردتهما لشاحنة محملة بالخشب المسروق، بتنسيق مع مصالح الدرك الملكي.
وقضت المحكمة الإدارية بإلغاء القرار رقم 959 الصادر عن المدير العام للوكالة الوطنية للمياه والغابات القاضي بنقل الموظف الغابوي، بدر الدين راوشي، ابتداء من تاريخ 19 مارس 2025، إلى دائرة تنمية المجال الغابوي لبوعرفة مع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية، كما قضت المحكمة بإلغاء القرار رقم 960 الصادر عن المدير العام للوكالة الوطنية للمياه والغابات القاضي بنقل الموظف الغابوي، يوسف الوراق، ابتداء من التاريخ نفسه إلى دائرة تنمية المجال الغابوي غفساي بإقليم تاونات، مع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية.
وكانت إدارة الوكالة الوطنية للمياه والغابات قد أقدمت على معاقبة عنصرين من شرطة الغابات بإقليم إفران، لأنهما قاما بحجز سيارة وشاحنة محملة بالخشب المسروق، ما جعل عناصر الشرطة الغابوية متخوفة على مستقبلها المهني، وهو ما يفسر تراجع مكافحة الجنح الغابوية والتصدي للعصابات التي تنشط في مجال قطع وتهريب الأرز في الأطلس المتوسط، كما أصبحت عمليات قطع وتهريب خشب الأرز بمنطقة الأطلس تتم في وضح النهار.
وأفادت المصادر بأنه تم تسجيل حالة غير مسبوقة في تاريخ الوكالة، وقبلها المندوبية السامية للمياه والغابات، من خلال معاقبة عنصرين من الشرطة الغابوية المتنقلة يشتغلان بمركز حماية الغابات بإفران، حيث أصدرت إدارة الوكالة قرارا تأديبيا في حقهما بدون استفسار مسبق، وبدون إحالتهما على المجلس التأديبي، ودون مراعاة المقتضيات القانونية والمسطرية المنظمة للحركة الانتقالية، بتنقيل أحدهما إلى مدينة بوعرفة والثاني إلى مدينة غفساي بإقليم تاونات، ما جعلهما يتقدمان بطلب إلى وزير الفلاحة، من أجل إنهاء إلحاقهما بالوكالة وعودتهما إلى وضعيتهما الأصلية داخل قطاع الفلاحة.
وقام هذان العنصران بصياغة تقرير إلى النيابة العامة حول جرائم قطع ونهب أشجار الغابات، أوضحا من خلاله أنهما أثناء وجودهما بالمسكن الغابوي بمنطقة «عين أكمكم» تلقى أحدهما مكالمة هاتفية تفيد بأن شاحنة تقوم بتحميل الخشب بالمكان المسمى «لارجام»، والتابع إداريا لجماعة وقيادة «تيزكيت» بإقليم إفران، بعد ذلك قام عنصران من الفرقة المنتقلة للشرطة الغابوية بمحاولة التنسيق مع الرئيس المباشر، لكنهما لم يتمكنا من ربط الاتصال به، حيث كان هاتفه يرن دون إجابة، لأنه كان خارج الإقليم.
وأضاف التقرير أنه بعد عدة محاولات للاتصال بالمسؤول، ونظرا إلى ضيق الوقت، قاما بالاتصال بالمدير الإقليمي للوكالة الوطنية للمياه والغابات الذي طلب منهما اتباع تعليمات النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بأزرو، حيث أعطت تعليماتها للمركز الترابي للدرك الملكي بإرسال دورية لمؤازرتهما، وعلى إثر ذلك قام عنصرا الدورية بالتواصل مع عناصر الدرك الملكي لتنسيق التدخل قصد توقيف الشاحنة عند خروجها من ملتقى طريق غير معبد والطريق رقم P7048، حيث تمت مراقبة الموقع من مكان قريب من الملتقى.
وفي وقت متأخر من الليل، قام عنصرا دورية الشرطة الغابوية، بتنسيق مع عناصر الدرك الملكي باعتراض شاحنة محملة بالخشب المسروق، لكنها لم تمتثل لإشارة التوقف ولاذت بالفرار، وبعد مطاردة الشاحنة فوجئ عنصرا الدورية بسيارة تتجاوزهما بسرعة، وقامت بعرقلة عملية المطاردة، حيث نزل منها مالك الشاحنة المسمى «لحسن.و»، الذي ادعى أنه يتوفر على نفوذ داخل الإقليم، وله علاقات مع مسؤولين إقليميين بالوكالة، وصرح لعنصري الدورية أنه لن يسمح لهما بحجز الشاحنة مهما كلفه الأمر، وبعد استفساره عن حمولة الشاحنة، أكد أنها تحمل ألواح الخشب تم قطعه من الغابة بدون ترخيص.
وأضاف التقرير أن عناصر الدرك الملكي تمكنت من توقيف السيارة على بعد حوالي كيلومترين، حيث قامت بحجز وثائقها ومفتاحها، وذلك بناء على تعليمات النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية بأزرو، وقامت عناصر الدرك الملكي بتسليم السيارة إلى دورية الشرطة الغابوية، قصد إيداعها بالمحجز، بالإضافة إلى وثائقها. وأكد التقرير أنه بحضور وإشراف عناصر الدرك الملكي، قام مالك السيارة بتفتيش سيارته للتأكد من خلوها من أي أشياء ثمينة، كما لاحظ عنصرا الدورية وجود كمية صغيرة من الفحم الخشبي في خلفية السيارة، مما أثار فضولهما، وقد تم توثيق العملية بشريط فيديو.
والخطير في الأمر أنه بعد حجز السيارة ووضعها بالمحجز البلدي بمدينة إفران، تدخل مسؤول بالوكالة الوطنية للمياه والغابات، وطلب منهما تسليم السيارة إلى صاحبها، مدعيا أنه اتصل بالنيابة العامة، وقدم معطيات مغلوطة حول الواقعة، رغم أنه كان موجودا بمقهى بإيموزار، رفقة رئيس منطقة القرب بهذه المدينة، حسب تصريحه هاتفيا، ولم يكن حاضرا طيلة مراحل التدخل، وهو ما يمكن تأكيده من خلال شهادات عناصر الدرك الملكي والشهود الذين حضروا عملية حجز السيارة.
وفي اليوم الموالي، انتقلت الفرقة المنتقلة للمياه والغابات لتفحص موقع توقيف السيارة وجمع المزيد من الأدلة، حيث تمكنت من العثور على ثلاثة أكياس من الفحم الخشبي على بعد حوالي 100 متر من موقع توقيف السيارة، إلا أنها لم يتأتى لها حجزها، نظرا إلى عدم توفرها على الوسائل اللوجستية، وبعد ربطها الاتصال برئيسها المباشر حتى يتسنى لها الانتقال إلى المكان الذي تم نقل المواد الغابوية منه، إلا أنه لم يرد على الاتصالات مرة أخرى، وحتى يتسنى لها إتمام البحث انتقلت الفرقة المنتقلة، رفقة ممثل السلطة المحلية، إلى مكان قريب من موقع القطع، حيث عاينت الفرقة قطع كمية كبيرة من الأشجار لم يتمكنوا من تحديد مساحتها بدقة.





