حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرأي

القلق الأوروبي والأمن الطاقي

رغم الاجتماعات الاستثنائية العاجلة، لتدبير الأزمة بحضور وزراء الطاقة، ما زالت الاستجابة الأوروبية المنسجمة والمنسقة لمواجهة ارتفاع أسعار الطاقة بالأسواق العالمية، تبدو بعيدة المنال، بل جاءت هذه الاجتماعات مرة أخرى لتؤكد أن هناك انقسامات حادة، خلال كل قمة أوروبية منعقدة لرؤساء الدول والحكومات.

وقد برز الخلاف الرئيسي لما اقترحت دولتان أوروبيتان أن الحل العاجل هو فرض إجراءات إصلاحية صارمة لسوق الطاقة، لكن مجموعة كبيرة من الدول الأعضاء بالاتحاد، بما فيها ألمانيا كعضو بارز، تعتقد أن هذه الزيادة في الأسعار موسمية، وأن السوق سينتظم أتوماتيكيا في نهاية المطاف، وتنخفض أرقام الأثمنة المعروضة؛ وسيؤمن السوق الدولي، تلك المطابقة المرجوة بين العرض والطلب.

وكانت الدول الأعضاء في الاتحاد قد اتفقت على تقليل اعتمادها على الغاز، من خلال زيادة القدرات الإنتاجية للطاقات المتجددة. ولكن في هذا أيضا طرأ خلاف في الآراء، بين من يدافع عن استخدام الطاقة النووية كطاقة نظيفة، ومن يقترح أن يكون مزيج موارد الطاقة في المستقبل متوازنا.

تداعيات أزمة الطاقة العالمية ستولد انعدام الأمن الاقتصادي في القارة العجوز، وارتفاع أسعار ما يطلق عليه بالوقود الأحفوري سيكون له تداعيات على أسعار الاقتصاد ككل، ويمكن أن يبطئ التعافي التدريجي للنمو الاقتصادي الأوروبي.

ولا يزال الوقود الأحفوري يمثل ما يقرب من 70 في المائة من مزيج الطاقة في دول الاتحاد، مع أن جميع القطاعات معنية بذلك. فلقد تأثر قطاع النقل بشكل خاص (فرنسا نموذجا)، كما هو الحال بالعديد من الدول الأوروبية، وارتفعت أسعار الوقود، بشكل مفاجئ، منذ بداية هذه السنة، ولم يصل إلى هذه الدرجة من الارتفاع منذ عشرين عاما.

ويجمع الخبراء على أن الوضع في قطاع الكهرباء هو الذي سيشكل الأزمة الأكثر خطورة، ويشكل تحديات كبيرة في تأمين موارد الطاقة للأوروبيين. لأن ارتفاع أسعار الغاز سيؤدي لا محالة إلى ارتفاع أسعار الكهرباء. وبالتالي فالتأثير سينعكس على أرقام فواتير المستهلك وعلى القدرة التنافسية للشركات العاملة في المجال. هذا الوضع لن يقتصر على أحوال أوروبا، بل سيغذي المخاوف من مخاطر زعزعة الاستقرار الاجتماعي والسياسي، سيما بالبلدان النامية.

التوقعات المستقبلية المختلفة، التي أجريت داخل الاتحاد الأوروبي، تصل إلى النتيجة نفسها: استحالة أن يكون هناك اكتفاء ذاتي من الطاقة على صعيد القارة مستقبلا، فالتقارير تعتبر الاقتصاد الأوروبي مستهلكا كبيرا للطاقة:

يمثل استهلاكه للطاقة 14 إلى 15 في المائة من الاستهلاك العالمي، ويستمر في الزيادة بمعدل 1 إلى 2 في المائة سنويا. والموارد الأوروبية محدودة للغاية: 2 في المائة من احتياطيات الغاز (تقدر بـعقدين من الاستهلاك)، احتياطيات النفط منخفضة للغاية (تقدر بـعقد من الاستهلاك).

يعتمد الاقتصاد الأوروبي على الوقود الأحفوري في 4/5 من إجمالي استهلاك الطاقة، والذي يتم استيراد ما يقرب من 2/3 منه. وإمدادات الطاقة في المجتمع بالكاد تغطي نصف الاحتياجات.

ويحذر الخبراء بأن الاعتماد العالمي سيرتفع إلى ما فوق 50 في المائة بحلول عام 2030 (90 في المائة من النفط)، مع ما سيترتب على ذلك من تراجع يهدد الاقتصاد، خاصة بسبب احتمال عدم تأمين العرض من حيث الكمية والسعر؛ واحترازا للتعامل مع احتمال حدوث اضطرابات في الإمداد، يُقترح من ناحية تنظيم المخزونات الاستراتيجية على مستوى كل مجتمع على حدة (النفط والغاز)، ومن ناحية أخرى ترك خيارات موارد الطاقة المختلفة مفتوحة.

 

 

 

 

 

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى