شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

اللانظام أساسي

يقود وزير التربية الوطنية، شكيب بنموسى، المنظومة التعليمية نحو أكبر عملية توتر اجتماعي خلال العقدين الماضيين. ويبدو أن خريج مدارس الرياضيات لم ينفعه تكوينه الرياضي بعدما دفع الحكومة إلى توفير ميزانية 950 مليار سنتيم دون أن يكون لها أثر على الاستقرار الوظيفي، اللهم مساهمتها في شراء الإضرابات والاحتجاجات والوعود بأشكال نضالية مفتوحة قد تهدد الموسم الدراسي برمته.

وبدل أن يكون من وظائف النظام الأساسي شراء السلم القطاعي ويحفز الفئات المهنية داخل قطاع التعليم، فإنه نجح فقط في توحيد تلك الفئات على رفضه، وإعلان الغضب الشامل ضده باستثناء النقابات التي تواطأت بالسرية والصمت ضد هيئات التدريس، وفضلت، في ما بعد، ممارسة سياسة النعامة بدفن رأسها في التراب لكي لا تسمع أصوات الاحتجاج وخطوات النضال.

والأكيد أننا سنكون أمام موسم صعب إذا استمر بنموسى في نهج سياسة «عين ميكة» معولا على مرور الوقت، وإذا لم يأخذ رئيس الحكومة الملف بيده لنزع فتيل نار ملتهبة قد تحرق الحكومة برمتها. لقد تبين مع بنموسى أن إصلاح التعليم لم يعد تصورا سياسيا لحكومة بنت عليه مجدها الانتخابي، بل أصبح رهينة في يد بعض المديرين المركزيين الذين لهم باع طويل في إفشال كل الإصلاحات التعليمية منذ ميثاق التربية والتكوين، مرورا بالبرنامج الاستعجالي والإصلاح البيداغوجي، واليوم يذهبون بالرؤية الاستراتيجية التي وافق عليها الملك نحو الفشل المحقق.

ولا شك أنه إذا استمرت معركة تكسير العظام بين بنموسى، مسلحا بما تبقى من ثلاث نقابات بمثابة محارات فارغة، في مواجهة عزيمة أكثر من 300 ألف رجل تعليم وإدارة تربوية، سنعيش برنامجا استعجاليا جديدا فاشلا حيث ستخسر ميزانية الدولة عشرات الملايير من الدراهم لفائدة مكاتب الدراسات وشركات التواصل والطباعة والأجهزة ثم ينتهي المطاف بالإصلاح بتقارير سوداء للمجلس الأعلى للحسابات والمحاكم المالية. والنتيجة الحتمية، وراء كل هذه الأموال التي وفرتها الحكومة، هي استمرار ضياع المدرسة العمومية وهدر الزمن المدرسي وتضييع فرصة أخرى للإصلاح.

على بنموسى، قبل أن يقع «الفاس في الراس»، أن يفهم شيئين أساسيين: الأول هو أن المدرسة العمومية هي الملاذ الأخير للفئات محدودة الدخل ومصعد الترقي الاجتماعي بالنسبة لمئات الآلاف من المتمدرسين، فليس لأن بعض المسؤولين يدرسون أبناءهم في المدارس الخصوصية حيث لا يشعرون بوقع الاحتجاج، يمكن التضحية بالمدارس العمومية في معركة اللانظام، ثانيا أن أي فشل في إصلاح التعليم من بوابة النظام الأساسي هو تغذية مجانية للتيارات الجذرية وللمواقف الشعبوية لن يدفع كلفتها الوزير بل سيدفع ضريبتها رجل الأمن والاستقرار الاجتماعي بعدما سيتم تصدير مشاكل قطاعية إلى الاحتجاج بالشارع العام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى