شوف تشوف

الافتتاحية

اللعب بالنار

بدأت الحركة الاحتجاجية التي يقودها أساتذة أطر الأكاديميات تخرج عن أهدافها النضالية المطالبة بتحسين الوضعية الاجتماعية لهاته الفئة من رجال التعليم، ومبدئيا فلا أحد ضد اللجوء إلى وسائل التعبير المشروعة للدفاع عن المصالح الفئوية ولا أحد يمكن أن يبرر بأي شكل من الأشكال ممارسة العنف ضد أصحاب البذلة البيضاء أو ضد غيرهم من ذوي المطالب المشروعة، لكن عندما تكون لديك معركة أو ملف تدافع عنه فيجب أن تفعل ذلك في إطار القانون والحد الأدنى من الأخلاق، فالهجوم الذي يتعرض له أمزازي وزير التربية والتعليم والذي وصل حد اختلاق حسابات فيسبوكية مزورة باسمه تنشر فيديوهات ذات محتوى بورنوغرافي عمل جبان ومدان أخلاقيا وقانونيا، كما أن محاولة استعمال الأطفال القاصرين كحطب في المعركة بين الأساتذة المتعاقدين والوزارة جريمة قانونية وأخلاقية تتطلب تدخل الجهات الأمنية والقضائية والإدارية المسؤولة عن حماية الطفولة، والإمعان في جعل معركة نقابية تتعلق بشأن فئوي داخلي معركة دولية بشعارات أجنبية يثير بلا شك الكثير من الغموض والتوجس حول نوايا المحتجين، وتحريض الأساتذة على استغلال نفوذهم داخل الأقسام واستعمال العنف ضد أبناء رجال الشرطة وأعوان السلطة للانتقام من أوليائهم قمة اللعب بالنار.
الأساتذة المحتجون كان بإمكانهم كسب تعاطف مختلف شرائح المجتمع المغربي بانضباطهم والتزامهم بأدبيات الحوار وقبولهم الرأي المختلف، لكن للأسف هناك مجموعة منهم تسيء إلى قضيتهم بالتهجم بشكل فظ على كل من عبر عن رأي مخالف لرأيهم في الموضوع وتتفنن في أساليبها البذيئة في إدارة الحوار، لكن أن يصل الأمر إلى الاحتماء بالتلاميذ وجعلهم درعا وقائيا لحرب بدأت تفوح منها رائحة المصالح السياسية، هنا ينبغي أن نتوقف هنيهة، لنقول للمحتجين ليس من المعقول استعمال منصات التواصل الرقمي لتجييش التلاميذ واجتياح المواقع والصفحات داخل المغرب وخارجه لكي تصفي حسابات سياسية على حساب قضية قد تكون مشروعة في بعض مطالبها.
مثل هؤلاء الأساتذة الذين يختبئون وراء شاشات الكومبيوتر وصفحات التواصل الاجتماعي، ويطلقون نداءات و«هشتاغ» للسفارات الأجنبية وحسابات مسؤولي الدول ويقحمون آلاف التلاميذ في معاركهم هم في الحقيقة يزرعون الفتن، حيث لم يجد هؤلاء من وسيلة لإشعال نار الأزمة الاجتماعية سوى الاستغلال السياسوي البئيس من خلال الزج بالأطفال والخارج في حربهم ضد الدولة.
ويكفي التمعن في المناشير التي يتم تداولها على «فايسبوك» للتأكد بأن من يقف وراء هذه الدعوات ليسوا بتاتا أساتذة عاديين يبحثون عن المصالح الفضلى للتلاميذ، وإنما هم أشخاص هدفهم الوحيد تحطيم مستقبل هؤلاء التلاميذ، وبدل حمايتهم فهم يتخذونهم رهينة يحتمون بهم. وهنا فإن الأمر يتطلب تدخل السلطات من أجل التحري، بهدف إجهاض مخطط هؤلاء، مع ضرورة وضع حد نهائي لهذا التحريض الصادر عن بعض الأشخاص الذين يتصرفون بعيدا عن الحكمة والتعقل.
ينبغي على رجال التعليم هؤلاء أن يستوعبوا أن استغلال التلاميذ بهذا الشكل هو خط أحمر، وأن إقحام الدول الأجنبية في شأن داخلي جريمة، وأن الحل الوحيد والأوحد هو الجلوس على طاولة الحوار لبلورة حل واقعي وعملي ومتوافق عليه، فمعارك تكسير الأضلاع لن تقود سوى إلى التأزيم وبالتالي الباب المسدود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى