شوف تشوف

الرأي

الله يعفو

زينب بنموسى

«إدارة بايدن ستعيد النظر في قرار ترامب»، «المغرب وضع نفسه في موقف حرج حين فتح على نفسه الجبهة الألمانية والإسبانية في نفس الوقت»، «الخارجية المغربية تتعامل ندا لند مع خارجيات دول عظمى رغم أنها ليست بنفس القوة وهذه المغامرة لن تنتهي على خير»…. إلى غيرها من التعليقات «المنبطحة» حول الموضوع التي لا بد أننا قرأناها جميعا خلال الشهور القليلة الماضية، والتي زادت حدتها، مع عدم تسجيل أي اختلاف يذكر في عدد من يتبناها بعد ما حدث أخيرا في سبتة.
طبعا لا يمكن أن نلوم الناس لأجل قناعاتهم الشخصية، ولا أن نسائلهم عن آرائهم مهما بدت غريبة وغير مفهومة بالنسبة لنا لأنها ترتبط غالبا بمدى اطلاع أصحابها على الموضوع أو أحيانا بمدى ارتباطهم به وجدانيا، لكن هذا الجزء الأخير بالضبط المتعلق بالارتباط الوجداني، والخيارات الحياتية التي تحكمها في أغلب الأحيان مواقف مرتبطة بالمشاعر أكثر من أي شيء آخر هي ما يدفعنا لطرح السؤال واش من نيتهم؟
آه واش من نيتهم؟ هل وجود أي مغربي فوق هذه الرقعة الجغرافية التي تجمعنا يثور لأجل فلسطين وحماس، ولا يبدي أي موقف مساند تجاه بلاده في «حربها» الديبلوماسية- إذا جازت التسمية- مع بلدان أخرى تتعامل معه ومع أجزاء من الأراضي المغربية منذ سنين بنفس المنطق الذي يزعجه في قطاع غزة ولا يحرك داخله أي شيء هنا، يمكن اعتباره ظاهرة طبيعية؟ أو يمكن اعتبار صاحبه إنسانا «ذا رأي مختلف» وصافي؟
ما حدث ويحدث في إسبانيا بسيط فعلا، لدرجة أن المواقف الوحيدة التي يمكن أن يكونها منه إنسان عاقل (مغربي خصوصا) ليست متعددة، ولا يمكن أن تكون.
دولة استقبلت زعيم ميليشيات البوليساريو بهدف «التطبيب»، وزير الداخلية الإسبانية، حسب ما كتبته الصحافة العالمية بعدها، لم يكن موافقا على الخطوة خصوصا وأن «المريض» متهم بارتكاب جرائم فوق التراب الإسباني قبل غيره، وزيرة الخارجية، وبموافقة رئيس الحكومة، استقبلته على ضمانتها ظنا منها أن تزوير هويته سيكفي لحمايته من أعين المخابرات الخارجية المغربية، النتيجة: الخطوة تم كشفها من طرف الأجهزة المغربية في وقت مبكر من حدوثها، وبالتالي وجدت إسبانيا نفسها في موقف محرج لم تنفعها معه تبريرات الدواعي الإنسانية، لدرجة أن المعارضة الإسبانية نفسها وسط البرلمان قالت للحكومة إنها ارتكبت خطأ، وفهمت أن ما حدث في سبتة ليس إلا بداية النتائج وليس نهايتها.
إذن شكرا المغرب، و hard luck كما يقول الإنجليز في المراحل المقبلة، فلماذا تخرج علينا هنا معارضة مغربية راديكالية، ومدافعة عن إسبانيا أكثر من الإسبانيين أنفسهم؟
صحيح أن منظر الهجرة الجماعية تجاه سبتة مؤلم، وأن نفس حس المواطنة لي كايخلينا نسولو ما الدواعي التي تجعل مغربيا ينصر بلدا آخر على بلده، يدفعنا أيضا لنقول في نفس الوقت إننا لا نريد أن نرى أحداث سبتة تتكرر مرة أخرى، ولكن مع ذلك إن كان ما حدث يترجم بالنسبة لأصحاب القلم الأحمر محترفي تصحيح وتنقيط بلدهم «فضيحة»، فهو في الواقع يوضح بشكل جيد ما خلفته الدول الاستعمارية في شمال إفريقيا، فالفقر والبؤس والجهل الذي «ربما» صنع أولمبياد السباحة إلى جيب سبتة، هو امتداد لسنوات طويلة من الاستعمار المباشر وغير المباشر وسياسات التفقير والتهميش التي نهجتها إسبانيا وغيرها مع بلدان الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط، وما صدقاتش ليها هاد المرة!
الحاصول، أسوأ نوع من البشر هم أولئك الذين أسقطوا تمثال صدام ورحبوا بالمارينز رغم أنهم يحملون الجنسية العراقية، وهؤلاء الذين يتمنون حاليا أن تتخذ دول الخارج مواقف ضد بلدهم كي يشمتوا فيها، والله يعفو!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى