الرئيسية

المهندس مصطفى رمضان ورقية الخطابي.. زواج تقليدي من حفل عيد الميلاد

شاءت القدرة الاستعمارية الفرنسية أن تباعد بين المغرب ومنطقة الريف على وجه الخصوص، وأسرة عبد الكريم الخطابي، بل إن عددا من أفراد هذه العائلة يعيشون محرومين من الحق في الجنسية المغربية.
رزق عبد الكريم الخطابي بخمس بنات أكبرهن «فاطمة» وأصغرهن «عائشة»، تتوسطهما «رقية» و«مريم»، ثم «منى» التي توفيت بالقاهرة في مثل هذا الشهر من سنة 2008. وعاشت البنات محنة النفي مع والدهن الذي كان متزوجا من سيدتين.
ولدت رقية في جزيرة «لارينيون» وهي مستعمرة فرنسية، وعاشت في إحدى بناياتها التاريخية، بعيدا عن المغرب، هناك لم تجد البنات بدا من تعلم اللغة العربية والريفية وتعاليم الدين الإسلامي، على يد والدهن الذي يعيش وضعية النفي.
في هذه الجزيرة يحمل شارع كبير اسم المناضل الريفي عبد الكريم الخطابي، ويدرس أطفال البلدة تاريخ الزعماء الذين استقروا اضطراريا في الجزيرة. بل إن عائشة حظيت بتكريم خاص خلال آخر زيارة لها لـ«لارينيون»، فيما ظلت رغبتها المصادرة الحصول على الجنسية المغربية، وهي التي تعيش بجواز سفر مصري.
قالت رقية، في حوار لها مع صحيفة نسائية، إن المناضل الريفي كان يعلم بناته قواعد اللغة العربية ويجبرهن على استظهار «ألفية ابن مالك»، ويلقنهن الإعراب وتلاوة القرآن الكريم وتجويده. قبل أن ينتقل الجميع إلى مدينة نيس الفرنسية بقرار من الإدارة الاستعمارية، وهو ما دفع الأسرة إلى التفكير في مخرج من ورطة التنقلات التي حولت الخطابي وبناته إلى عابرات سبيل.
في سنة 1947 تلقى المناضل الريفي دعوة من الملك فاروق، حاكم مصر، فانتقلت الأسرة للاستقرار في القاهرة.. هناك بدأت صفحة جديدة، حيث أصبح حلم العودة وشيكا، خاصة بعد اللقاء الذي جمع عبد الكريم بالملك محمد الخامس في القاهرة، والذي تمت خلاله دراسة سبل العودة إلى مسقط الرأس والقلب، إلا أن الوفاة المفاجئة للملك عطلت الاتفاق، وحكم على عبد الكريم بتمديد مقامه في مصر إلى أن لقي ربه سنة 1963.
عاشت الأسرة ما يشبه الإحباط، بعد فشل مشروع العودة إلى الريف، تقول عنه رقية في حوارها سالف الذكر: «كان والدي متلهفا للحظة خروج الاستعمار الفرنسي من المغرب كي يعود إلى بلده، وكانت هذه نيته. أتذكر أن الفرنسيين عندما نقلونا من جزيرة لارينيون نحو وجهة نيس، لم يكن مرتاحا لإقامتنا هناك، وحكت لنا والدتانا أنه أسر إليهما أنه لا يمكنه أن يقبل بأن تكبر بناته فوق أرض فرنسية، وأن يتزوجن بفرنسيين. وكان والدي طوال هذه الفترة ينسق مع حركات التحرير بالمغرب العربي، من أجل تخليص الوطن من نار الاستعمار، والعودة إلى أرض الأجداد.. لكن ربنا لم يقدر له أن يحقق هذه الأمنية الغالية، فمات بالمنفى. في زيارة الملك الراحل محمد الخامس لمنزلنا، حصل الاتفاق على رجوعنا للوطن، لكنه سيتوفى أشهرا قليلة من ذلك بعد إجرائه لعملية جراحية، وتغير مجرى حياتنا للأبد. توفي والدنا على حين غرة، وانقلبت حياتنا، وكان لابد من أن يتزوج كل واحد فينا لتستمر الحياة، ولأننا درسنا بمدارس مصرية، واختلطنا بالعائلات المصرية، فقد تعرفت كل واحدة من البنات في مناسبات عائلية على زوجها المستقبلي، فحصل النصيب».
تعرفت رقية على شريك حياتها مصطفى رمضان، في حفلة عيد ميلاد إحدى صديقاتها، وكان هو عم تلك الزميلة، فحصل تجاذب سريع بين الشابة المغربية والمهندس المصري، رغم أن الزواج لم يكن عن حب، بل جاء باقتناع من الطرفين بالقول المأثور: «العشرة تنجب الحب». قالت عن هذه اللحظة المؤثرة في حياتها: «أعجبني شكله وقدرت أنه رجل محترم، وتبادلنا نظرات الإعجاب وأتى رفقة أهله لخطبتي من والدي، ونال موافقة مبدئية، لكن والدي كان مترددا لأنه كان يرغب في أن نعود معه إلى المغرب ونتزوج بمغاربة».
عاشت رقية في كنف رجل أعمال كثير التنقل، لذا صرفت النظر عن العمل وأصبحت ربة بيت بامتياز، خاصة بعد أن أنجبت «ياسمين» و«محمد»، وتحولت مع مرور الزمن إلى جدة لأربع حفيدات كلهن يتابعن تعليمهن في مصر لكنهن مشتاقات لزيارة المغرب، لذا تقود رقية معركة من أجل الحصول على الجنسية المغربية لأبنائها. لكن ورطتها الكبرى حين تساند منتخب المغرب في مواجهة مصر ضدا على رغبة زوجها وأهله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى