الرئيسيةسياسية

بنكيران يتسبب في خسران الاقتصاد الوطني 360 مليارا

محمد اليوبي

كشفت دراسة حول الأسواق الصيدلية أن مرسوم أصدره عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة السابق، يكبد خزينة الدولة خسائر مالية كبيرة بالعملة الصعبة، ويضرب القدرة الشرائية للمواطنين، كما أنه يضرب مبدأ المنافسة ويستهدف بالخصوص الشركات الوطنية، لأنه منح عدة امتيازات مالية للشركات الأجنبية التي تصدر الأدوية إلى المغرب، وذلك على حساب مصالح الاقتصاد الوطني. وأوضح عبد المجيد بلعيش، محلل الأسواق الصيدلية، في هذه الدراسة، أنه في دجنبر 2013 نُشر في الجريدة الرسمية المرسوم رقم 2 – 13- 852 المتعلق بشروط وطرق تحديد أسعار بيع الأدوية المصنعة محليا أو المستوردة، ولقد تم في هذا المرسوم اقتراح نظام جديد لتسعير الأدوية، ويهدف هذا النظام إلى مراقبة أسعار الأدوية بشكل أفضل لجعلها أكثر ولوجية بالنسبة إلى المرضى، حيث تقرر اختيار أدنى سعر للمصنع بدون احتساب الرسوم لكل دواء أولي، في 6 إلى 7 دول (فرنسا وبلجيكا والبرتغال وإسبانيا وتركيا والمملكة العربية السعودية وبلد منشأ الدواء، إذا لم يكن بين هذه الدول الست).

أما بالنسبة إلى الدواء الجنيس، فيتم الحصول على السعر المرجعي عن طريق خفض سعر الدواء الأولي، وفقا للشروط التي حددها المرسوم الجديد، ويتم تحديد سعر البيع للعموم ابتداء من سعر المصنع، بدون احتساب الرسوم، مع زيادة هوامش الصيادلة والموزعين والرسوم. وتم نشر قائمة أسعار البيع للعموم في أبريل 2014، وأصبحت الأسعار الجديدة سارية المفعول اعتبارا من شهر يونيو الموالي.

وأكد بلعيش أن نظام التسعيرة الجديد يتضمن العديد من الاختلالات، حيث أقحمت في المادة الرابعة، التي تنص على أنه بالنسبة إلى الأدوية المصنعة محليا، تحدد هوامش ربح المؤسسة الصيدلية الموزعة بالجملة والصيدلي المطبقة على سعر المصنع دون احتساب الرسوم، وبالنسبة إلى الأدوية المستوردة، تضاف إلى سعر المصنع دون احتساب الرسوم نسبة 10 في المائة تشمل هامش ربح المستورد ومصاريف النقل والرسوم الجمركية، وهذه النسبة الإضافية يعتبرها صناع الأدوية المحليين إجحافا في حقهم وفي حق المستهلك، وكذلك تضر بالاقتصاد الوطني، لأن كل الأرباح تذهب إلى الخارج بالعملة الصعبة، ولا تستفيد خزينة الدولة من مداخيل ضريبية مهمة.

وحسب الدراسة، فإن الشركات المصنعة المحلية تؤدي أيضا نفس المصاريف والرسوم الجمركية، وكذلك مصاريف اقتناء المعدات الصناعية والمواد الأولية، بينما يتم تضمين هوامشها فعليا في سعر البيع العمومي دون إضافة أي هامش إضافي، وغالبا ما يكون سعر الأدوية المصنعة محليا أقل بكثير من سعر الأدوية المستوردة، وخاصة في حالة الأدوية الجنيسة التي تنخفض أسعارها بكثير بالنسبة إلى الأدوية الأولية.

وكشفت الدراسة، أن هذه الزيادة كان لها أثر على أسعار الأدوية، حيث كانت الزيادة بنسبة 10 في المائة للأدوية من الشريحة الأولى (التي يقل سعرها عن 300 درهم) والشريحة الثانية (التي يتراوح سعرها بين 300 و994 درهما). وبالنسبة إلى أدوية الشريحة الثالثة (التي يتراوح سعرها بين 994 و2101 درهم) فكانت الزيادة بنسبة 3 إلى 14 في المائة، وبالنسبة إلى أدوية الشريحة

الرابعة (التي يفوق سعرها 2101 درهم) كانت الزيادة بنسبة 8 إلى 14 في المائة، مما أدى إلى عواقب سلبية على المرضى ومؤسسات التأمين الصحي، من حيث زيادة التكلفة العلاجية.

وبخصوص تأثير الهامش الإضافي 10 في المائة للموردين على الاقتصاد الوطني، أوضح بلعيش أن السياسات الحكومية كانت تهدف دائما إلى مزيد من التصنيع في البلاد بشكل عام، وتطوير التصنيع المحلي للأدوية خاصة، وكان ذلك ثابتا منذ بداية الستينيات، حيث سعت القرارات الملكية والحكومية دائما إلى حصر واردات الأدوية في الحد الأدنى الضروري، أي الأدوية التي يكون تصنيعها معقدا جدا، أو تلك التي لا تستطيع كميات استهلاكها المنخفضة تبرير

الاستثمارات الصناعية الثقيلة اللازمة لتصنيعها، وأكد أن إضافة هامش بنسبة 10 في المائة للمستوردين، خلف عواقب ثقيلة على الاقتصاد الوطني، حيث وصلت الواردات الدوائية إلى 7,3 مليارات درهم عكس الصادرات التي لم تتجاوز 1,3 مليار درهم، مما فاقم عجز الميزان التجاري الدوائي إلى حدود 6 مليارات درهم، مسجلا أقوى هبوط منذ سنة 2011، والغريب هو أن قيمة أنواع الأدوية التي يمكن صناعتها محليا تمثل نصف قيمة الأدوية المستوردة، حسب بلعيش، مبرزا أنه لو كانت تلك الأدوية مصنعة محليا، لكان بإمكان المغرب تخفيض الواردات بقيمة 3,6 مليارات درهم، وبالتالي توفير هذا المبلغ من العملة الصعبة، مع تحويل نصف الواردات إلى صناعة محلية توفر الكثير من فرص

الشغل والقيمة المضافة الصناعية المحلية.

وبالنسبة إلى تأثير الهامش الإضافي بنسبة 10 في المائة للموردين على إنفاق المرضى، يقول بلعيش: «كان الهدف الأول لمرسوم تحديد الأسعار، هو جعل الأدوية أكثر ولوجية بالنسبة إلى المرضى، وخاصة الأدوية مرتفعة الأسعار، ولسوء الحظ كان لهذا المرسوم تأثير عكسي بسبب منحه هامشا إضافيا للمستوردين، كان له تأثير كبير على أسعار الأدوية المستوردة». وأظهر تحليل إنفاق المرضى المرتبط بشراء الأدوية خلال الفترة 2014 – 2020 أن الهامش الإضافي 10 في المائة الممنوح للموردين، كان مصدرا لزيادة أسعار البيع للعموم للأدوية المستوردة، وأدت هذه الزيادات في الأسعار إلى زيادات في إنفاق المرضى لشراء الأدوية، حيث بلغ الإنفاق التراكمي خلال الفترة 2014 – 0202 ، 123,6 مليار درهم، عوض 119,9 مليار درهم فقط لو لم يضف هامش 10 في المائة للموردين، أي أن الخسارة بالنسبة إلى المرضى ومؤسسات التأمين الصحي وصلت إلى 3 مليارات و675 مليون درهم، منذ تطبيق مرسوم تحديد أسعار الأدوية سنة 2014 إلى غاية سنة2020 .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى