
محمد اليوبي
مثل النائب البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار، محمد كنديل، يوم الثلاثاء الماضي، أمام غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بفاس، حيث يتابع من أجل تبديد واختلاس أموال جماعة سيدي حرازم، التي ترأسها لمدة 30 سنة، قبل تقديمه لاستقالته أخيرا، بعد الشروع في محاكمته.
وشهدت جلسة المحاكمة تطورات مثيرة، بعدما أشهر محامي المطالبين بالحق المدني في وجه كنديل رسالة إنذار صادرة عن محامي والده، بوجمعة كنديل، إلى شريكه في كراء مسبح بلدي يطالبه من خلالها بالمحاسبة بشأن أرباح المسبح، وذلك على عهد رئاسة محمد كنديل للجماعة ذاتها سنة 2004، فلم يجد محمد كنديل ما يبرر به سوى أنه لا علم له بواقعة اشتراك والده في استغلال المسبح البلدي.
مباشرة بعد ذلك أشهر محامي المطالبين بالحق المدني وثيقة ثانية في وجه محمد كنديل، تتعلق بشراكة بين المسمى (ن. ت) و(س .ع)، بشأن الاشتراك في كراء مسبح بلدي آخر، يملك فيه الطرف الأول نسبة 20 بالمائة، حيث صرح كنديل جوابا عن سؤال المحكمة بأن صاحب نسبة 20 بالمائة في أرباح المسبح هو أخوه، كما اعترف كنديل بأن جميع المسابح تزود بالمياه المعدنية مجانا، وبعدم وجود أي عدادات لاحتساب كمية المياه المستهلكة من طرفها.
بعد ذلك تم الانتقال إلى موضوع كراء منزه سيدي حرازم والذي تم إنشاء عدة مسابح وبنايات غير قانونية فوقه، من طرف المستثمر (ع .ع .م)، الذي اكترى المسبح في إطار صفقة عمومية من الجماعة بمبلغ 400.500,00 درهم سنويا منذ سنة 2014، حيث تبين من خلال الوثائق المدلى بها أن الشركة تأسست قبل إعلان الصفقة بحوالي 3 أشهر، وأن من كان يستغل المنزه من قبل هو المستثمر نفسه منذ سنة 2010، بواسطة شركة أخرى يسيرها المسمى (ه. ز)، وهو ابن أخت المستشار الجماعي، محسن الميلودي، الذي يشغل حاليا النائب الخامس بمجلس عمالة فاس.
وأشهر دفاع المطالبين بالحق المدني في وجه المتهمين محاضر معاينة تثبت مخالفات تعمير بالمنتزه، والتي تشير كلها إلى أن صهر المستثمر (ع. ع .م) هو من كان يشرف على تلك الخروقات، وأخرى تثبت وضع رقم هاتفه النقال على ملصقات إشهارية تتعلق بالمنتزه، فيما اعترف تلقائيا بأنه بالفعل كان مسجلا بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي برفقة زوجته كأجراء للشركة المكترية للمنتزه البلدي، إلى غاية تقديم الشكاية ضده من طرف مستشارين من المعارضة، مبررا ذلك بكونه أجيرا وهميا بتلك الشركة، بهدف الاستفادة من الضمان الاجتماعي فقط.
وتمحورت أسئلة المحكمة حول تغاضي كنديل عن المطالبة بالوجيبات الكرائية في مواجهة أخيه منذ سنة 2011 والذي لم يكن يؤدي الكراء، رغم صدور حكم قضائي ضده بالأداء والإفراغ، كما تم التعرض لواقعة إهانة المستثمر (ع .ع .م) لقضاة المجلس الجهوي للحسابات، عندما قاموا بزيارة ميدانية إلى المنتجع لإجراء افتحاص صفقة كراء المنتزه، حيث برر كنديل عدم لجوئه إلى اتخاذ أي إجراء في حق هذا الأخير، بكون رئيس المجلس الجهوي للحسابات استقبله ووعده باتخاذ المتعين في حقه.
ورصد قضاة المجلس الجهوي للحسابات بجهة فاس مكناس مجموعة من الاختلالات شكلت موضوع متابعة البرلماني كنديل، أمام محكمة جرائم الأموال، حيث تبين من خلال المعاينات الميدانية التي قام بها قضاة المجلس، بتاريخ 22 ماي و04 يونيو 2023، أن عددا كبيرا من الأشخاص يحتلون الملك العمومي بمقربة من المشربة الأولى والثانية، وكذلك مختلف المساحات الخضراء الموجودة بمنتجع «سيدي حرازم»، دون أن يكونوا مرخصين بذلك من طرف الجماعة، منهم من يستغل هذه الفضاءات لعرض وبيع المنتوجات التقليدية والمواد الغذائية والمشروبات، ومنهم من يستغلها عن طريق كراء أماكن للجلوس إلى زوار المنتجع، مقابل مبلغ يتراوح بين 20 و40 درهما، مما يعرقل مرور الزوار بشكل انسيابي.
كما لاحظ قضاة المجلس أن البعض منهم يهيئ أماكن على شكل غرف يتم كراؤها لمرتادي المرفق مقابل مبلغ 40 درهما، والبعض الآخر سيطر على صنابير المشربتين الأولى والثانية، حيث يفرض على الزوار أداء مبالغ مالية مقابل الحصول على مياه الشرب. وأبرز تقرير المجلس أنه رغم احتلال الملك العمومي وتغيير معالم المنتجع، فإن الجماعة لم تقم بأي إجراء لوضع حد لظاهرة احتلال الملك العمومي الجماعي، مما يخالف المقتضيات القانونية، وفي الإطار نفسه، لوحظ أن مجلس الجماعة لا يولي العناية اللازمة لإنهاء حالات الاحتلال غير القانوني للملك العام الجماعي.
ويذكر أن القضاء الإداري على مستوى محكمة النقض حسم في عضوية كنديل بالمجلس الجماعي لسيدي حرازم، بإبطال انتخابه بالدائرة الثامنة، بسبب تدخل السلطة المحلية في نتائجها، لكنه لا يزال مصرا على البقاء عضوا بمجلس الجماعة وتسييره من الكواليس، مكتفيا باستقالة مدبرة من رئاسة الجماعة، كما ضمن مقعدا برلمانيا بدلا عن وكيل اللائحة البرلمانية المعتقل، رشيد الفايق، الرئيس السابق لجماعة أولاد الطيب، بعدما أكدت المحكمة الدستورية أحقيته في الانتماء السياسي، بالرغم من أنه متصرف ممتاز بوزارة الداخلية، معللة حكمها بكونه لا يعتبر من حملة السلاح.





