حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرأي

تعديل دستوري للأحياء فقط

يونس جنوحي

لأول مرة بعد رحيل عبد العزيز بوتفليقة عن السلطة الجزائرية، سيجد الجزائريون أنفسهم أمام استفتاء على تعديل الدستور، يحق لهم خلاله البوح بما في صدورهم بدون تحفظ.
لذلك انتشرت التصريحات التي لا تتوقع أن تتحسن الأمور في الجزائر في المستقبل القريب. حتى أن هناك من ذهبوا إلى صناديق الاستفتاء وألقوا ورقة «لا»، بدون تردد دون حتى أن يفكروا في مطالعة سقف التعديلات الدستورية. وهذا ما يسمى عند فقهاء السياسة: «فقدان الثقة في المؤسسات».
الجزائريون عاشوا على أعصابهم طيلة هذه السنة. أرسلوا شخصيات إلى السجن وقفزت إليهم أخرى عارضوها بشدة لأنها محسوبة على الحرس القديم. وعلىعكس التوقعات فقد كانت المشاركة في الاستفتاء متدنية للغاية.
23 بالمائة فقط من الجزائريين شاركوا في الاستفتاء، وهي نسبة متدنية جدا والقراءة السياسية الوحيدة الممكنة لهذه النسبة تؤشر على وجود عزوف كبير عن السياسة، في ظرفية حساسة يفترض أن يشارك فيها الجميع لبناء ما أفسدته الوجوه القديمة.
نسبة المشاركة استثني منها الجزائريون في الخارج، وهم أيضا غير راضين نهائيا عن الأوضاع، وكلهم يحمدون الله أنهم باتوا يتابعون أخبار البلد من الخارج ولم يعودوا مجبرين على عيش مرارتها من الداخل.
تسجيل هذه النسبة المتدنية في وقت تم خلاله تعيين سلطة وطنية مستقلة للانتخابات، لا يعني سوى أن جل الدول العربية تسقط عنها ورقة التوت بمجرد تسليم موضوع الانتخابات للمراقبة المستقلة بعيدا عن وزارة الداخلية. ولو أن العسكريين أشرفوا على التعديل الدستوري، كما كانت الأمور عليه سابقا في الجزائر، لربما كانت نسبة المشاركة تتجاوز 90 بالمائة.
الذين صوتوا في الانتخابات الرئاسية العام الماضي لم تتجاوز نسبتهم 39 بالمائة من عموم المسجلين للتصويت داخل الجزائر وخارجها أيضا. انخفضت النسبة مع الدستور بأكثر من عشرة في المائة. أي أن الجزائريين ليسوا متحمسين نهائيا لأي تعديل دستوري. وحسب آخر الأرقام فإن توقعات كبيرة تذهب في اتجاه عدم موافقة الشارع الجزائري على التعديل الدستوري. فجل الآراء التي تم استقاؤها على مقربة من صناديق الاستفتاء تؤكد أن الجزائريين ليسوا راضين عن مشروع التعديل.
مشكل الكركرات والتدخل الجزائري في الشؤون الخاصة بالصحراويين ومشكل المخيمات في تندوف، كلها نقط لتصريف المشاكل الجزائرية وإلهاء الرأي العام المحلي والدولي، لم تعد الجزائر قادرة على التحكم فيها كما كانت في السابق.
مسيرو الأسواق الكبرى للخضر والفواكه تضرروا كثيرا من الأحداث في الكركراتوتكبدوا خسائر فادحة لأنهم كانوا مجبرين على أداء فواتير مضاعفة عن تكلفة النقل بسبب الأحداث التي عرفتها نقطة الكركرات، حيث أغلقت الطرق نحو موريتانيا من التراب المغربي.
الأسبوع الماضي، مددت بعثة المينورسو، الأمم المتحدة لحفظ السلام، لقواتها في الصحراء وهو ما يعني تأخيرا لمشروع النظام الجزائري السابق الذي رحلت وجوهه وبقيت أصابعه تعبث في الجرة.
نقلت روسيا اليوم وجهة نظر انفصاليي البوليساريو الذين علقوا على قرار التمديد بأن صبرهم بدأ ينفذ. والحقيقة أنهم أنفسهم بدأوا ينفذون وليس صبرهم فقط. فبعض القيادات القديمة فهمت منذ وفاة ولد العزيز أن سنوات «الباكور» قد انتهت وأن القضية لم تعد مغرية برحيل من كانوا يُحسنون جمع المال في القبعات. وها هي الجزائر التي كان الاستفتاء على الدستور قبل الحراك يتجاوز نسبة 99 بالمائة، ويوافق عليه الجميع بما في ذلك الموتى في المقابر. وهؤلاء الموتى أنفسهم كانوا يساندون غيابيا حُكامهم في قرارات التدخل في قضية الصحراء.
التحليل الصحيح إذن لانخفاض نسبة المشاركين في الاستفتاء على التعديل الدستوري في الجزائر إلى ما دون الربع بكثير، هو أن السياسة في الجزائر بدأت تقتصر على الأحياء فقط.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى