شوف تشوف

الرئيسية

ثلاثة ملفات تعليمية حاسمة في سنة 2021

شهدت السنة التي نودعها هذا الأسبوع جملة تحولات تهم ثقافة وأسلوب تدبير ملفات مختلفة بقطاع التربية الوطنية، وقد بدا هذا واضحا في الطريقة الجديدة كليا التي سيتم بها تنزيل مشاريع القانون الإطار، حيث ستلعب الأكاديميات الجهوية دورا محوريا في المرحلة القادمة، خلافا للمراحل السابقة، والتي كانت فيها ثقافة التدبير في الإدارة المركزية تناقض كلية توسيع صلاحيات الأكاديميات وترسيخ جهوية حقيقية في تدبير القطاع. وكان من أصداء هذه الثقافة الجديدة تخصيص 98 في المائة من ميزانية القطاع لسنة 2021 للأكاديميات. وهو ما سيمهد الطريق لترسيخ ثقافة حقيقية للتعاقد بين الخبراء المركزيين للوزارة والأكاديميات بدل ثقافة الوصاية التي سادت لعقود.

التغلب على عقبة العقليات لتفعيل الجهوية في إصلاح القطاع
حملت النسخة الأولية من حافظة المشاريع الخاصة بتنزيل القانون الإطار للتربية والتكوين مستجدات هامة تعكس بداية ظهور ثقافة تدبيرية جديدة في القطاع. وكان من تجلياتها مشروع ميزانية القطاع، والتي تم فيها تفويض الجزء الأكبر من الميزانية للأكاديميات، مع اجتهاد يهم المبالغ المخصصة للتسيير والاستثمار. حيث بدا واضحا أن المرحلة القادمة من تنزيل هذه المشاريع ستؤسس لعلاقة جديدة بين الأكاديميات والإدارة المركزية، لتكوين علاقة مبنية على التعاقد والتشارك الفعلي بدل علاقة الوصاية التي كانت سائدة لعقود في القطاع.
وقد بدا هذا واضحا في مداخلات سعيد أمزازي في مختلف اجتماعات التنسيق التي ترأسها، حيث أكد على ما أسماه «الالتزام وفق مقاربة مبنية عل مبدأ المسؤولية المشتركة ونهج العمل التشاركي وترسيخ ثقافة التدبير بالنتائج وربط المسؤولية بالمحاسبة، بأجرأة المحطات المقبلة لتنزيل مشاريع القانون الإطار والمتمثلة في استكمال إرساء لجن القيادة الجهوية والإقليمية وفرق المشاريع وتفعيل أدوارها وتأطيرها وتقوية قدراتها وتتبع عملها، وكذا تصريف لوحة القيادة الوطنية إلى لوحة قيادة جهوية وأخرى إقليمية لضمان متابعة منتظمة لتفعيل المشاريع على كافة مستويات المنظومة»، وأيضا «اعتماد منظومة تدبير المشاريع «رائد» كآلية أساسية تستثمر في جميع محطات تدبير المشروع، إلى جانب الحرص على إيصال المشاريع إلى قلب المؤسسات التعليمية من خلال مشروع المؤسسة وإيلاء الأهمية القصوى للتدابير التي لها أثر مباشر على تحسين تعلمات التلاميذ باعتبارها المؤشر الحقيقي الذي تقاس به مردودية المنظومة، فضلا عن تحقيق التعبئة الجماعية والشاملة والمتواصلة طيلة مسار تنزيل مشاريع القانون الإطار 51-17».
وهذا يعني أن العلاقة بين الأكاديميات والإدارة المركزية ستدخل مرحلة جديدة، حيث تفيد مصادر الجريدة بأن الخبراء المركزيين لن يكونوا في المرحلة القادمة في موقع سلطة في مخاطبة الأكاديميات بل متعاقدين يتم التعاقد معهم بناء على دفاتر تحملات واضحة.
يتعلق الأمر بـ18 مشروعا تستحضر الاختيارات الاستراتيجية والأهداف الأساسية للقانون الإطار. مقسمة على ثلاثة مجالات، هي مجال الإنصاف وتكافؤ الفرص، ويضم 7 مشاريع، ومجال الارتقاء بجودة التربية والتكوين ويضم 7 مشاريع، ثم مجال الحكامة والتعبئة ويضم 4 مشاريع. وتم توزيع هذه المشاريع على المديريات والوحدات المركزية، حيث كلفت مديريات ووحدات: الوحدة المركزية للتعليم الأولي، ومديرية الاستراتيجية والتخطيط والإحصاء والمديرية المكلفة بالدعم الاجتماعي ومديرية المناهج ومديرية التربية غير النظامية، والوحدة المكلفة بتأهيل المؤسسات التعليمية، ومديرية التعاون والارتقاء بالتعليم المدرسي الخصوصي بالمجال الأول الخاص بالإنصاف وتكافؤ الفرص. أما مجال الارتقاء بجودة التربية والتكوين فقد كلفت به مديريات ووحدات: الوحدة المركزية لتكوين الأطر والمركز الوطني للتجديد التربوي والتجريب والمديرية المكلفة بالحياة المدرسية، ومديرية الارتقاء بالرياضة المدرسية، والمركز الوطني للتقويم والامتحانات والوحدة المركزية للتوجيه المدرسي والمهني وأخيرا مديرية مشروع جيني. وأما مجال الحكامة والتعبئة فتم وضع مشاريع تحت تصرف: مديرية الموارد البشرية وتكوين الأطر، مديرية الشؤون العامة والميزانية والممتلكات، ومديرية الشؤون القانونية والمنازعات، والمديرية المكلفة بتدبير مجال التواصل وأخيرا مديرية إدارة منظومة الإعلام.

القطاع في حاجة لنظام أساسي عادل ومنصف
لم تكن 2020 هي سنة الحسم في العديد من الاختيارات في قطاعات التربية والتكوين بل كانت أيضا السنة التي لم تشهد أية خطوات في اتجاه الحسم في العديد من الملفات، ومنها ما يتعلق بالموارد البشرية. حيث لم تحدث أية خطوة للحسم في النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية، علما بأن الجميع يتفق على ضرورة إصلاحه.
اليوم، وزارة التربية الوطنية مطالبة بإعادة هيكلة النظام الأساسي وفق رؤية شمولية تعيد التوازن إلى كل الفئات العاملة داخل القطاع من الغفير إلى الوزير، كما تمكن من نظام تعويضات عادل ومنصف وغير خاضع للمماثلة مع نظام الوظيفة العمومية الذي يضرب خصوصية قطاع التربية الوطنية في العمق. وعموما، يمكن إبداء ملاحظات مستقبلية بخصوص أي هيكلة جديدة للنظام الأساسي الخاص بنساء ورجال التعليم.
من الملفات العالقة أيضا تزايد مطالب أطر الأكاديميات بالإدماج، وحديث وزير المالية مؤخرا عن وجود إمكانية إدماج هؤلاء في سلك الوظيفة العمومية يجعل سنة 2021 مفتوحة على المزيد من الاحتجاجات. حيث حظي موضوع أطر الأكاديميات بحيز من مناقشة نواب الأمة، أعضاء لجنة التعليم هذه السنة، خصوصا وأن اجتماعات اللجنة تزامنت مع إشاعة نسبتها بعض المواقع الإخبارية، وكذا بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي لمسؤولين نقابيين. وهذه الإشاعة هي أن ارتفاع وتيرة الاقتطاعات التي خضع له عدد من أطر الأكاديميات في الشهور الأخيرة مرده إلى ما أسمته هذه الإشاعة «عجز ميزانيات الأكاديميات».
وأكد وزير القطاع، سعيد أمزازي، في تصريح خص به جريدة «الأخبار» في وقت سابق، أن الجهوية أضحت خيارا لا رجعة فيه، وأنه تقرر هذه السنة تحويل أكثر من 99 في المائة من ميزانية القطاع إلى الأكاديميات، وذلك انسجاما مع تصور يهم التنزيل الجهوي للقانون الإطار. وأكد سعيد أمزازي أيضا أن هذا يعني أن التوظيف الجهوي لا يتناقض مع مبدأ المماثلة الذي تبنته الوزارة منذ 13 مارس 2018، والذي يعني القطع النهائي مع مفهوم التعاقد. حيث تم تبني أنظمة أساسية، لكون الأكاديميات مؤسسات عمومية بموجب وضعها القانوني، ومنحت كل الحقوق التي تضمن مماثلة فعلية بين أطر الأكاديميات وباقي أطر الوزارة.
وأكد وزير التربية الوطنية والتعليم العالي والتكوين المهني، أيضا، للجريدة في السياق نفسه، أن الوزارة تخطط بجدية ليستفيد هؤلاء الأطر، والمرتقب وصول عددهم السنة المقبلة إلى 102 ألف إطار، من أرقام تأجير. علما أن نقطتي الحركة الانتقالية الوطنية والتقاعد، سيتم حلهما، كما جاء في مداخلة الوزير في البرلمان، عبر منهجية التبادل كما هو معمول به في الجامعة، وأيضا عبر حل شمولي لمشكلة التقاعد عبر توحيد كل أنظمته، وهو المشروع الذي تعتكف عليه وزارة المالية لتقديمه قريبا.

التعليم الرقمي وتحدي تكافؤ الفرص
من التحديات التي تنتظر القيام بمجهود سواء على مستوى الوزارة أو الحكومة تلك المتعلقة بردم الفجوة الرقمية بين التلاميذ المغاربة، حيث كشفت المندوبية السامية للتخطيط، الخميس، عن أن 84 في المائة من الأطفال قبل سن التمدرس لم يتابعوا دراستهم عن بعد خلال فترة الحجر الصحي، التي فرضتها تداعيات انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19).
وأوضحت المندوبية، في تقرير نشرته حول تأثير الأزمة الصحية على الوضعية الاجتماعية والاقتصادية والنفسية للأطفال، أن نسبة عدم متابعة الدروس عن بعد تقل بشكل ملحوظ لدى الأسر التي تسيرها امرأة (77,5 في المائة)، منها لدى الأسر التي يسيرها رجل (84,4 في المائة). وبخصوص السبب الرئيسي لعدم تمكن الطفل من متابعة دراسته عن بعد، ذكر الآباء في الدرجة الأولى عدم المعرفة بتوفر قنوات مخصصة للتعليم عن بعد بنسبة 43,7 في المائة، تتوزع على 39,8 في المائة بالمدن و45,5 في المائة بالقرى. وتصل هذه النسبة، حسب التقرير الذي أنجز بشراكة مع صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (يونيسيف)، إلى 24 في المائة لدى الأسر الميسورة مقابل 45,5 في المائة لباقي الأسر.
وعلى مستوى التعليم الابتدائي، وتحديدا قبل قرار تأجيل أو إلغاء الامتحانات، أبرز هذا التقرير أن 73,2 في المائة من الأطفال المتمدرسين بهذا المستوى، تابعوا دروسهم عن بعد، مشيرا إلى أن هذه الوضعية تتغير بقوة حسب قطاع التعليم.
ففي القطاع الخاص، 73,4 في المائة من الأطفال بالسلك الابتدائي تابعوا بانتظام دروسهم عن بعد، و23 في المائة بشكل غير منتظم، مقابل على التوالي 28,8 و40,5 في المائة بالنسبة لأقرانهم بالتعليم العمومي، علما أن التخلي عن الدراسة عن بعد بقي محدودا في القطاع الخاص (3,6 في المائة)، ومرتفعا جدا بالقطاع العمومي (30,7 في المائة).
وذكر التقرير أنه بعد قرار تأجيل أو إلغاء الامتحانات، تراجعت نسبة التلاميذ بالابتدائي الذين تابعوا دراستهم عن بعد إلى 53,5 على الصعيد الوطني، 61,9 في المائة بالوسط الحضري و42,7 في المائة بالوسط القروي، مضيفا أن هذا القرار أثر سلبا على وتيرة متابعة الدروس عن بعد ، فنسبة تلاميذ الابتدائي الذين تابعوا دراستهم عن بعد بشكل منتظم انخفضت من 35,3 في المائة إلى 26 في المائة.
إضافة إلى أن 19,4 في المائة من المتمدرسين بالسلك الابتدائي انتقلوا من متابعة منتظمة للدروس عن بعد إلى متابعة غير منتظمة، فيما 11,4 في المائة تخلوا تماما عن متابعة دروسهم عن بعد.
وفي ما يتعلق بالتعليم الثانوي الإعدادي، أظهر التقرير أن 81,2 من التلاميذ تابعوا دروسهم عن بعد خلال الحجر الصحي، 41,9 في المائة بشكل منتظم، و39,3 في المائة بشكل غير منتظم.
//////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى