شوف تشوف

الرأي

رئيس «الكاف» يدرس بسطات!

الأساتذة الجامعيون هذه الأيام أصبح لديهم ما يشبه «ديوان مظالم» خاص بهم في الفضاء المطلق، يشتكون فيه باستمرار من بعضهم البعض، ويهددون بفضح أسرار وكواليس إطلاق تخصصات الدراسات المعمقة، يا حسرة، والدكتوراه، ويطعنون في لوائح المقبولين، وهو ما يهدد سمعة وكرامة عشرات آلاف الطلبة، الذين يدرسون في تلك التخصصات، بل ويضع مستقبلهم الأكاديمي على المحك. خصوصا وأن الاتهامات التي يوجهونها إلى بعضهم البعض، تصل حد التشكيك في براءة الذمة والارتشاء، بل وأحيانا تصل سقف الاستغلال الجنسي.
لا دخان بدون نار. ولا شك أن الأساتذة الذين اختاروا فضح زملائهم في المهنة، لم ينطلقوا من فراغ. لنأخذ على سبيل المثال ما وقع في سطات، الأسبوع الماضي. طالب مغربي، أراد السخرية من منظومة اختيار المقبولين لاجتياز مباراة ولوج الماستر في أحد التخصصات العلمية، تسجل باسم «أحمد أحمد»، (رئيس الكاف)، ووضع في المعلومات رقما لبطاقة وطنية غير موجودة عبارة عن سلسلة من الآحاد (111111)، وفعلا ظهر اسمه في اللائحة.
قد يكون هناك خطأ في منظومة اختيار الملفات، وهذا ما يجب على رئاسة الجامعة أن تحقق فيه، وقد يكون هناك سوء نية بالفعل يعري واقع عشوائية التقرير في اللائحة النهائية، وهو ما يستدعي فتح تحقيق عاجل، ليس في كلية بعينها فقط، وإنما في وزارة التعليم العالي، لإنقاذ سمعة التعليم الجامعي من هذه الاتهامات.
وقبل أن تبلعوا هذه الواقعة، إليكم واقعة أخرى. طالبة جامعية حصلت على وصل بعد إيداعها ملف الترشيح، بداية الشهر الجاري، وتفاجأت لأنها لم تجد اسمها في لائحة المقبولين، رغم أنها كانت تتوفر على معدلات تخول لها الولوج بسهولة. وعندما اتجهت صوب إدارة الكلية لاستفسار الأستاذ المشرف عن سبب عدم اختيارها في التخصص إياه، اكتشفت أن ملفها غير موجود أصلا، رغم أنها حصلت على الوصل رقم 1، أي أن ملفها كان أول ملف تم إيداعه لدى الإدارة.

راسلني بعض طلبة تلك الكلية في سطات، وعرضوا علي الواقعة، وأدلوا بصور الوصل وصورة لائحة المقبولين في الماستر، وبينهم اسم «أحمد أحمد»، في إشارة إلى رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم. وهكذا صار هذا الأخير، بدون علمه، يدرس في كلية الاقتصاد بمدينة سطات.
الطلبة الذين قاموا بهذه التجربة، على مرارتها، كشفوا الأخطاء التي تقتل مستقبل عدد كبير من الطلبة المغاربة، عندما يلجؤون إلى الجامعة المغربية. هناك شكاوى كثيرة في هذا الباب، أساتذة يطعنون في الذمة العلمية لبعضهم البعض، وطلبة يتهمون أساتذة بالانحياز، بل والتلاعب في النقط، كما وقع في تطوان وأكادير. هناك من غادر مقاعد الدراسة الجامعية واختار اللجوء إلى تكوين مهني أو تقني، بدل ملاحقة المحاضرات والامتحانات، ووجد نفسه ناجحا، رغم أنه لم يجتز الامتحانات أصلا، بينما صُدم بعض الذين حضروا الامتحان وسهروا الليالي في الإعداد، أنهم سُجلوا غائبين عن امتحان نهاية السنة.
تتوصل إدارات الكليات بأكوام من شكايات من هذا النوع سنويا، وتتدخل لجان خاصة للتدقيق فيها، وفعلا يتم إنصاف آلاف الطلبة وتصحيح تلك الأخطاء. لكن بالمقابل، يجب الاعتراف بأن كل هذه المصائب تضرب في عمق التعليم العالي، وتفقد الشباب الثقة في ضمان مستقبلهم الأكاديمي.

وحتى لا نكون سوداويين، يكفي أن نرى المستوى العالي الذي وصل إليه شبان مغاربة، لا يمكن إنكار أنهم خريجو الجامعات المغربية، ونتاجها، تألقوا في معاهد ومراكز عالمية وفرت لهم المناخ المناسب واستثمروا في كفاءاتهم.
لا يمكن لوم «الأدمغة» التي اختارت أن تهاجر إلى فضاء أرحب، لا أحد في النهاية يرغب في أن يدرس مع الاتحاد الإفريقي لكرة القدم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى