حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرفسحة الصيف

جوزيف بيرو.. الصحافي الذي اخترع القلم الجاف

يعود الفضل للصحافي الهنغاري لاديسلاو جوزيف بيرو (1985- 1899)  في اختراع أول قلم جاف في التاريخ، وكان ذلك بمحض الصدفة حين لاحظ أثناء مراقبته لآلات الطباعة أن الحبر المستعمل في طباعة الصحف يجف فوق الورق بسرعة بمجرد خروجه لدقائق معدودة باتجاه الأسواق. فكر لاديسلاو بيرو في استخدام حبر الطباعة في قلمه الجديد المبتكر، لكن في كل مراحل تجربته لم يكن حبر الطباعة يصل إلى رأس القلم، وهو في حالة أقل لزوجة تسمح له بالكتابة على الورق. رغم محاولاته المتكررة باءت كل تجاربه بالفشل، لكن بفضل عناده لم يستسلم ولم يصرف نظره كليا عن الفكرة. كان الأمر يحتاج إلى وسيلة تمكن من وصول الحبر الجاف إلى رأس القلم، تسمح بالكتابة بكل سهولة ويسر.

 

فكرة بسيطة وراء اختراع القلم الجاف

لجأ لاديسلاو جوزيف بيرو إلى أخيه جورج الذي كان يعمل صيدليا في البحث معا عن وسيلة بسيطة لمرور الحبر بشكل متناسب ومتوازن من خرطوشة الحبر إلى أسفل القلم. اهتدى لاديسلاو جوزيف بيرو رفقة أخيه إلى استعمال كرة صغيرة حرة الحركة أسفل القلم، قابلة لأن تغلق وتفتح، لتسمح للحبر بالمرور من الخرطوشة كلما حرك الكاتب القلم فوق الورقة، ذلك أن هذه الكرة الصغيرة التي تمّ تركيبها في رأس القلم أثناء تحركه على طول الورقة، كلما استدارت تلتقط الحبر من الخرطوشة وتمكّن من خطّه على الورق. تم عرض أول نسخة للقلم الجاف في معرض بودابست الدولي سنة 1931، وفي سنة 1938 وضع جوزيف بيرو أول براءة اختراع للقلم الجاف في باريس، التي فر إليها هربا من القوانين المعادية لليهود في بلاده هنغاريا، دون أن يتمكن من تصنيعه وتسويقه، بسبب ظروف الحرب العالمية الثانية. بعد سقوط فرنسا في قبضة النازيين اضطر لاديسلاو بيرو إلى الهجرة إلى الأرجنتين، حيث التحق به أخوه، إذ سيقدم براءة اختراعه الثانية سنة 1940، وسيضع أسس شركة لتصنيع قلم الحبر الجاف الذي صادف إقبالا كبيرا، حتى أن الجيش الأرجنتيني، وخاصة القوات الجوية التي استعان الطيارون بالقلم الجاف في الكتابة في الارتفاعات العالية، بدلا من الأقلام ذات الحبر السائل، وبعدها القوات الجوية الملكية البريطانية ثم القوات الأمريكية وبعدها انتشر عبر العالم تحت مسمى Birome نسبة إلى مخترعه وتحت إشهار مركّز وناجح في التسويق (القلم الذي يكتب حتى تحت الماء). تلتها وفق ذلك براءة اختراع أمريكية سنة 1943، باسم القلم الجاف «بيروم».

 

نهاية حلم القلم الجاف لجوزيف بيرو

لكن الانتشار الكبير لقلم الحبر الجاف عبر العالم تأتى للفرنسي الجنسية مارسيل بيش Marcel Bich الذي اشترى حقوق براءة الاختراع من لاديسلاو بيرو سنة 1950، وابتكر شكلا جديدا لهذا القلم يتميز بالبساطة وأقل تكلفة، أطلق عليه اسم (Bic) تحويرا لاسمه العائلي، معلنا بداية جديدة تميزت بعدة ابتكارات على مستوى الألوان والأشكال المختلفة، وجعلت منه منتجا زهيد الثمن ولا غنى عنه في المدارس والإدارات وفي الحياة العامة. عرفت صناعة الأقلام الجافة خلال العقدين الماضيين من القرن العشرين ازدهارا كبيرا، وسجلت مبيعاتها أرقاما فلكية ما بين الأقلام عادية الاستعمال وأخرى ذات أثمان غالية وجودة فائقة. لقد استطاع مارسيل بيش بفضل تطوير أقلام الحبر الجافة التي يمكن التخلّص منها بعد استعمالها أن يضيف إليها منتجات أخرى تخضع لنفس الفكرة، مثل الولاعات وبعض الأجهزة الرياضية، ما أكسبه صيتا عالميا وغطّى تماما على صاحب الابتكار، الصحافي اللامع لاديسلاو بيرو، وقلم حبره الجافBirome ، الذي لا تتذكّره سوى بعض البلدان الأنجلوساكسونية الناطقة بالإنجليزية، كأستراليا والمملكة المتحدة وكندا ونيوزلندا التي ما زالت تستعمل هذا الاسم للدلالة على قلم الحبر الجاف. حاول جوزيف بيرو عن طريق شركته رفع دعوى قضائية على شركة «بيك»، متهما إياها بالسرقة الأدبية، وبعد فصول طويلة من المحاكمات تمت التسوية بينهما عن طريق صفقة مالية، ثم ما لبثت شركة «بيك» أن اشترت شركة «بيرو»، لتصبح هذه الأخيرة الرائدة الأولى عالميا في إنتاج وبيع أقلام الحبر.

لم يحصل جوزيف بيرو على مردود مالي مهم من اختراعه لأول قلم جاف في التاريخ، بل واجه اتهامات كثيرة ومعارضة كبيرة من قبل المحافظين وذوي النزعة التقليدية، الذين اعتبروا هذا القلم الجاف مسببا رئيسيا لرداءة الخط، وبعضهم سخروا منه، وأنه لا يعدو أن يكون أشبه بلعبة من ألعاب الأطفال، ما جعل جوزيف بيرو يقول في أحد حواراته الأخيرة معبرا عن خيبة أمله: «لقد تركت لعبتي 36 مليون دولار في الخزينة الأرجنتينية، وهي أموال جنتها الدولة من بيع منتجات ليست من الأرض، بل من الدماغ». كما كان يرد على اتهامه بإفساد الكتابة ورداءة الخط الذي يسببه القلم الجاف، بقوله ساخرا: «حسنا، الكتابة تأتي من القلب. إذا استطعنا مساعدة اليد على أداء المهمة، فما الخطأ في ذلك؟». لكن الأرجنتين البلد الثاني للاديسلاو جوزيف بيرو ما زالت تحتفل بذكرى مولده باعتباره عيد كل المخترعين في الأرجنتين، في حين توفي لاديسلاو جوزيف بيرو حزنا وكمدا على الشركة التي اشترت اختراعه وتجاهلت اسمه، ووضعت اسما آخر بدلا عن اسمه، وجنت من ورائه المليارات، فضلا عن الشهرة ولم تُجْدِهِ الكثير من الدعاوى القضائية التي لم تنصفه، أو على الأقل أن تتمكن من إعادة الاعتبار الرمزي لاسمه وابتكاره البسيط والمدهش في الآن نفسه. هذا الاختراع الذي غزا العالم وصار من مستلزمات حياتنا لا غنى عنه في كل زمان أو مكان.

نافذة:

لم يحصل جوزيف بيرو على مردود مالي مهم من اختراعه لأول قلم جاف في التاريخ بل واجه اتهامات كثيرة ومعارضة كبيرة من قبل المحافظين وذوي النزعة التقليدية الذين اعتبروا هذا القلم الجاف مسببا رئيسيا لرداءة الخط وبعضهم سخروا منه

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى