الرئيسيةسياسية

حل وتصفية مكتب التسويق والتصدير

محمد اليوبي

دخل القانون المتعلق بحل وتصفية مكتب التسويق والتصدير حيز التنفيذ بنشره بالجريدة الرسمية، وذلك بعد مصادقة البرلمان على القانون. وجاء قرار الحل تفعيلا لتوصية صادرة عن المجلس الأعلى للحسابات، الذي أنجز تقريرا صادما حول المكتب، رصد من خلاله وجود اختلالات مالية وإدارية خطيرة، كما أنجزت لجنة برلمانية لتقصي الحقائق شكلها مجلس المستشارين، خلال ولايته السابقة، تقريرا مماثلا قرر المجلس إحالته على القضاء.
وينص القانون على أنه تنقل بدون عوض وبكامل ملكيتها في تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ إلى الدولة، المنقولات والعقارات التي توجد في ملكية مكتب التسويق والتصدير، كما تنقل بالمجان ابتداء من التاريخ نفسه إلى الدولة ملكية مساهمات المكتب، وتنقل كذلك إلى الدولة مستحقات المكتب المتعلقة بالديون الموجودة في حوزة زبناء المكتب، ويعهد إليها بمهمة تحصيلها لفائدة ميزانية الدولة. وحسب تقرير المجلس الأعلى للحسابات وتقرير اللجنة البرلمانية لتقصي الحقائق، هناك الملايير من السنتيمات ما زالت في ذمة عدد من الفلاحين الكبار، ضمنهم وزراء سابقون وبرلمانيون وقياديون بأحزاب سياسية.
وسجل التقرير الذي أنجزته اللجنة البرلمانية لتقصي الحقائق العديد من الخروقات والتجاوزات، ومنها استفادة مسؤولين بالمكتب وأقاربهم من التسبيقات والقروض التي كان يمنحها المكتب، ومن بين هؤلاء المستفيدين وزراء سابقون وبرلمانيون وقياديون بأحزاب سياسية، وكذلك التصرف في ممتلكات المكتب والتفويتات التي عرفتها بعض العقارات، بالإضافة إلى أجور الأطر والمستخدمين الباهظة. كما سجلت اختلالات في العمليات المحاسباتية للمكتب، والتعويضات التي منحت لبعض الموظفين المستفيدين من المغادرة الطوعية، حيث تقرر تحويل المكتب إلى شركة تحمل اسم الشركة المغربية للتسويق والتصدير، بسبب الإفلاس والعجز الذي عرفه المكتب وتراجعه عن أداء مهامه ووظائفه التي تأسس من أجلها سنة 1965. وسجلت تجاوزات وصفت بالخطيرة في الفترة الممتدة من 2002 إلى 2008، وهي الفترة التي لم تجتمع فيها المجالس الإدارية للمكتب.
وطالبت اللجنة البرلمانية بضرورة إحالة التقرير على القضاء، لفتح تحقيق حول الاختلالات الإدارية والمالية التي عرفها المكتب على عهد مديره السابق، وأوصت بتحريك المتابعة القضائية في حق جميع الأشخاص الذين استفادوا من التسبيقات والتفضيلات والامتيازات خارج القانون، ومع أعضاء المجلس الإداري الذين يوجدون في وضعية تناف، والذين استغلوا صفاتهم من أجل الاستفادة من خدمات مكتب التسويق والتصدير دون وجه حق، وكذلك متابعة المسؤولين السياسيين والإداريين الذين تساهلوا في تقديم التسبيقات خارج القانون، وتلكؤوا في اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة من أجل استرداد هذه التسبيقات، وكذا المسؤولين الذين سهلوا عملية تفويت العديد من عقارات المكتب إلى الغير.
وبدوره، سجل تقرير المجلس الأعلى للحسابات وجود العديد من الاختلالات، وخلص التقرير إلى أن هذه المؤسسة غير قابلة للاستمرار في شكلها الحالي، منتقدا تعثر الإصلاحات المؤسساتية التي كان يتعين على المكتب القيام بها، إن على مستوى الهيكلة أو التموضع والتي شرع في تطبيقها منذ سنة 2015، لتحويل المكتب إلى شركة مجهولة الاسم. كما انتقد المجلس الأعلى للحسابات عملية المغادرة الطوعية التي سلكها المكتب، فإذا كانت هذه الأخيرة قد خففت الضغط على كتلة الأجور، فإنها أفرغت المكتب من مؤهلاته البشرية، سيما على مستوى مناصب المسؤولية، يشير المجلس الأعلى للحسابات، منتقدا من جانب آخر، عدم امتثال المكتب لمضامين مخطط إعادة الهيكلة والقاضية بالانسحاب من التمويل المسبق للمواسم الفلاحية، لتفادي المشاكل الناجمة عن ذلك على مستوى تحصيل المبالغ المالية المسبقة والتي بلغت أكثر من 300 مليون درهم، وهو ما يعادل 15 مرة المداخيل السنوية للمكتب، إلا أنه ورغم كل هذا لوحظ استمرار المكتب في تمويل الفلاحين بعدة طرق، بالإضافة إلى فشل جميع الأعمال الرامية إلى تحصيل المبالغ المستحقة للمكتب، بالرغم من اللجوء إلى خدمات شركات مختصة في التحصيل.
وسجل التقرير من خلال تحليل الأنشطة التصديرية التي يقوم بها المكتب أن هذا الأخير لا يمارسها إلا بصفة ثانوية، وأن حصته في صادرات المنتوجات الفلاحية والغذائية باتت تعرف تراجعا مع توالي السنوات. وبخصوص تقييم الوضعية المالية لمجموعة مكتب التسويق والتصدير، تبين من خلال تحليل بنية المداخيل المتأتية من مختلف الأنشطة والمهام الممارسة من طرف مكتب التسويق والتصدير، أن معظم المداخيل تتأتى من المهام الثانوية للمكتب، كما أن الحصة الأكبر من الإيرادات تتأتى من إيجار البنايات غير المستغلة من طرف المكتب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى