
النعمان اليعلاوي
تتواصل ردود الفعل الغاضبة، في الأوساط الجامعية والسياسية، بعد رفع عدد من الجامعات المغربية من قيمة رسوم مالية على الولوج إلى مسالك الماستر، خاصة تلك الموجهة لفئة الموظفين والأجراء، وهو ما أثار نقاشاً واسعاً حول مبدأ مجانية التعليم العالي المنصوص عليه في الدستور المغربي.
وأعادت هذه الخطوة إلى الواجهة الجدل القديم حول مستقبل التعليم العمومي بالمغرب، وحدود مساهمة الدولة في تمويله، خصوصاً في ظل توجه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار نحو إعادة هيكلة أنماط التكوين وتوسيع العرض الجامعي وفق ما تعتبرها «معايير جديدة للإنصاف والجودة».
وفي هذا السياق، وجهت النائبة البرلمانية فريدة خنيتي، عن فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، سؤالاً كتابياً إلى الوزير الوصي عز الدين الميداوي حول ما وصفته بـ«التمييز الممارس ضد الموظفين والأجراء»، بعدما فرضت جامعة محمد الأول بوجدة رسوماً مالية مرتفعة على مسالك الماستر بالتوقيت الميسر.
وقالت خنيتي إن هذه الإجراءات «تكرس منطق المتاجرة في التعليم وتضرب مبدأ تكافؤ الفرص والمجانية، بما يشكل مساساً خطيراً بحقوق دستورية أساسية»، مؤكدة أن فرض الأداء على فئة دون أخرى «إقصاء غير مبرر لفئات اجتماعية واسعة لا تملك القدرة على تحمل أعباء مالية إضافية».
وانتقدت البرلمانية ذاتها ما اعتبرته «تحويلاً تدريجياً للجامعة العمومية إلى فضاء نخبوية يقتصر على من يستطيع الدفع»، محذّرة من أن «هذه السياسة قد تعمق الفوارق الاجتماعية وتُضعف ثقة المواطنين في التعليم العمومي الذي شكل لعقود رافعة للترقي الاجتماعي».
من جهتهم اعتبر عدد من النقابيين والفاعلين التربويين أن فرض رسوم على الماسترات المؤدى عنها يشكل «خطوة خطيرة في اتجاه خوصصة مقنّعة للتعليم الجامعي»، مشيرين إلى أن الموظفين، الذين يسعون لاستكمال دراستهم، «لا يجب أن يُعاقبوا على رغبتهم في التكوين الذاتي وتحسين مؤهلاتهم المهنية».
ويرى هؤلاء أن من واجب الوزارة البحث عن صيغ تمويل بديلة تضمن استمرار مجانية التعليم، عبر دعم الجامعات وإشراك الفاعلين الاقتصاديين في تمويل البحث العلمي، بدل تحميل الأفراد كلفة إصلاح المنظومة التعليمية، فيما تشير مصادر من داخل بعض الجامعات إلى أن فرض رسوم محددة على مسالك التكوين بالتوقيت الميسر «يهدف إلى تحسين جودة التكوين وتغطية التكاليف اللوجستية»، مضيفة أن هذا النظام «اختياري وموجه لفئة الموظفين الذين يستفيدون من تسهيلات زمنية وتنظيمية خاصة».
غير أن مراقبين يؤكدون أن غياب إطار قانوني موحد ينظم التكوينات المؤدى عنها يفتح الباب أمام تفاوتات بين الجامعات، ويثير تساؤلات حول معايير تحديد الرسوم ومآلها المالي، خصوصاً في ظل غياب مراقبة واضحة لطرق صرفها.





